غياب العدالة في قانون الضمان الاجتماعي ملاحظات المرصد الكاملة على القانون

2016-03-29

غياب العدالة في قانون الضمان الاجتماعي ملاحظات المرصد الكاملة على القانون

إعداد:إياد الرياحي

مرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية

مقدمة:

في السابع من اّذار الحالي وقع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله  قانون الضمان الاجتماعي، وذلك بتوصية من مجلس الوزراء الفلسطيني والذي صادق أيضا على القانون قبل ذلك بأسابيع قليلة، وبالرغم  من تقديم العديد من الملاحظات النقدية حول القانون إلا أنه جرى تجاهل معظم الملاحظات التي صدرت عن المؤسسات والأطر النقابية المختلفة.

على العكس من ذلك  فقد تم إجراء تعديلات على القانون وإدخال بعض المواد وشطب بعضها الأخر مما جعل من المسودة التي تم التوقيع عليها من أسوأ المسودات التي كانت تطرح للنقاش، بالرغم من طلب أعضاء المجلس التشريعي من الرئيس الفلسطيني عدم نشر القانون!!!

أصدر ديوان الفتوى والتشريع العدد الممتاز (11) من الوقائع الفلسطينيّة (الجريدة الرسميّة)، وقد صرّحت القائم بأعمال رئيس ديوان الفتوى والتشريع المستشارة إيمان عبد الحميد بأن العدد تضمّن قرارين بقانون، القرار بقانون رقم (6) لسنة 2016م بشأن الضمان الاجتماعي، والقرار بقانون رقم (7) لسنة 2016م بشأن هيئة تسوية الأراضي والمياه”.

وفي هذا الإطار يورد المرصد العديد من الملاحظات النقدية على قانون الضمان الاجتماعي، أهمها:

غياب الضامن لأموال المساهمين

في كل النقاشات السابقة في الفريق الوطني للضمان الاجتماعي ورد وجود الحكومة كضامن للقانون  كما تورد المادة رقم (2) في كل المسودات التي سبقت توقيع الرئيس للقانون.

المادة رقم (2) قبل التوقيع

يهدف هذا القرار بقانون إلى توفير منافع التأمينات الاجتماعية المنصوص عليها في هذا القرار بقانون للمؤمن عليهم وعائلاتهم، بالإعتماد على مبادئ الإنصاف والإستدامة والشفافية والكفاءة، على أن تكون الدولة الضامن النهائي لتطبيق أحكام القانون والأنظمة الصادرة بمقتضاه.

بينما في المسودة النهائية التي تم توقيعها من قل الرئيس وردت المادة (2) من قانون الضمان الاجتماعي هذا النحو:

المادة رقم (2) بعد التوقيع

يهدف هذا القرار بقانون إلى توفير منافع التأمينات الاجتماعية للمؤمن عليهم وعائلاتهم بالإعتماد على مبادئ الإنصاف والإستدامة والشفافية والكفاءة.

*وبذلك أصبحت أموال المساهمين بلا ضامن وتخلّت الحكومة عن دورها في تطبيق أحكام قانون الضمان الاجتماعي

تغيب دور وزارة العمل

في كل المسودات السابقة التي خضعت للنقاش في الفريق الوطني للضمان الاجتماعي جرى ذكر وزارة العمل الفلسطينية وتحديد دورها على النحو التالي:

 إنشاء مؤسسة الضمان الاجتماعي

الفقرة (3) من المادة (11)

تكون وزارة العمل الجهة الحكومية المختصة لضمان قيام المؤسسة بتنفيذ أحكام هذا القانون والأنظمة الصادرة بمقتضاه.

*هذه المادة تم الاتفاق عليها في الفريق الوطني وتم إلغائها في المسودات اللاحقة ومن ضمنها المسودة التي تم توقيعها من الرئيس يوم 7 آذار 2016.

وبقي دور الوزارة ضمن الوظائف التالية:

يلتزم صاحب العمل بما يلي:

-إبلاغ أقرب مركز شرطة ووزارة العملعن إصابة العمل خلال ثمان وأربعون ساعة من وقوعها.

التزامات صاحب العمل

الفقرة (3) من المادة (81)

يحق للعامل المؤمن عليه المصاب أو أحد أفراد عائلته إشعار المؤسسة ووزارة العملومركز الشرطة بإصابة العمل خلال مدة أقصاها ستة أشهر من تاريخ وقوعها.

*ولا يعرف من هو المسؤول عن تحجيم دور وزارة العمل للحد الذي جعل دورها  مشابه لدور مركز الشرطة استبدال وزير العمل بشخصية عامة.

حيث أوردت المسودات السابقة وزير العمل الفلسطيني على رأس مؤسسة الضمان الاجتماعي لكن جرى إزاحة الوزير واستبداله  بشخصية عامة تتسم بالمهنية والإستقلالية، وهذا يأتي في إطار تخلي الحكومة الفلسطينية ووزارة العمل عن كونها ضامن لتطبيق أحكام قانون الضمان الاجتماعي.

نسب الإشتراكات

إقرار نسب الإشتراكات حسب المادة 49 الفقرة (1،2) بمعدل 16% يدفع العامل منها 7.5% بينما يدفع المشغل 8.5% من أجر العامل المؤمن عليه، هي نسب غير عادلة وأحياننا هي أقل مما يدفعه رب العمل حالياً وهي نسب مساهمة تعتبر الأقل مقارنة بالعديد من دول الجوار، حيث تبلغ مساهمة رب العمل على  سبيل المثال في الأردن 13.3%   وفي لبنان 21.5% وفي تونس 16.6%.

يدرك المرصد أن تعقيدات الحوار بين الأطراف المختلفة كانت معقدة وصعوبة ومع ذلك كان يجب الضغط للوصول إلى نسب إشتراك أكثر عدالة،  وما عقد الحوار أكثر هو تمسك القطاع الخاص بنتائج الدراسة الإكتوارية التي أعدت من قبل منظمة العمل الدولية، واعتبار تلك النسب هي فقط التي تصلح كمساهمات بين طرفي الإنتاج (العمال واصحاب العمل) .

بالرغم من مرور 3 سنوات على الدراسة ورفض المنظمة المتكرر الإستعانة بخبير آخر لإجراء الدراسة الإكتوارية، علماً أن المقترح الذي تم تقديمه من قبل منظمة العمل الدولية كانت نسبة الإشتراكات للعاملين 6.5% لكن ليس من الواضح كيف جرى تعديل هذه النسبة لتصبح 7.5%.

المادة (49) الموارد المالية

تتكون الموارد المالية المتعلقة بتمويل تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة الطبيعيين مما يلي:

1.الإشتراكات الشهرية التي يدفعها صاحب العمل وبنسبة (8.5%) من أجر المؤمن عليه الخاضع للتأمينات.

2.الإشتراكات الشهرية التي يقتطعها صاحب العمل من أجر العامل المؤمن عليه بنسبة (7.5%) من الأجر الخاضع للتأمينات.

3.الفوائد والغرامات التي تترتب على عدم التقيد بأحكام هذا القرار بقانون بشأن تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة الطبيعيين.

4.المنح والمساعدات والتبرعات والقروض وأية إيرادات أخرى يقرر المجلس قبولها، إضافة إلى إسقاط أي مساهمة حكومية في صندوق الضمان.

التوجه إلى هيئة التقاعد العام

إن منح منافع أقل في الضمان الاجتماعي عن تلك الموجودة في التقاعد الحكومي دفع وسيدفع العديد من العاملين في الشركات الخاصة والجمعيات الخيرية إلى الإلتحاق بنظام التقاعد الحكومي، وهذا ليس افتراضاً، حيث دخلت جمعيات ومؤسسات  كالهلال الأحمر الفلسطيني وموظفي مصلحة المياه  وبعض الجامعات الفلسطينية في مفاوضات للإندماج في هيئة التقاعد العام، هذا إضافة إلى بعض الجامعات والبلديات، مما سيضعف مستقبلاً صندوق الضمان الاجتماعي ويخفض من أعداد المنتسبين إليه، وستزداد هذه المشكلة  اذا ما قرر أيضا 5 آلاف موظفة وموظف من العاملين في قطاع البنوك من الإلتحاق بالتقاعد العام، وهذا يعزز الإعتقاد الذي تحدث عنه الكثيرون أن قانون الضمان الاجتماعي ليس من أجل التطبيق.

معامل احتساب الراتب التقاعدي

يعتبر معامل احتساب الراتب التقاعدي كما تورد المادة (52) أدناه على أن 1.7% هو أقل مما هو موجود في نظام التقاعد العام والذي يعطي المساهمين معامل 2% .

المادة (52) احتساب الراتب التقاعدي

1.يحتسب الراتب التقاعدي الإلزامي للمؤمن عليه الذي استحق الراتب وفقاً لأحكام الفقرة (1) من المادة (51) من هذا القرار بقانون بواقع (2%) عن كل سنة من سنوات الإشتراك مضروباً في المبلغ المساوي للحد الأدنى للأجور و(1.7%)  عن كل سنة من سنوات الإشتراك مضروباً في المبلغ المتبقي والذي يزيد عن الحد الأدنى للأجور، وذلك من متوسط الأجر الشهري المرجح لأخر ثلاث سنوات التي تم تسديد فيها الإشتراكات قبل التقاعد الخاضع للحد الأقصى المحدد للأجر المحدد في البند (أ) من الفقرة (1) من المادة (43) من هذا القرار بقانون.

2.يحتسب راتب التقاعد المبكر للمؤمن عليه الذي استحق الراتب وفقاً لأحكام الفقرة (2) من المادة (51) من هذا القرار بقانون بواقع (2%) عن كل سنة من سنوات الإشتراك مضروباً في المبلغ المساوي للحد الأدنى للأجور و(1.7%) عن كل سنة من سنوات الإشتراك مضروباً في المبلغ المتبقي والذي يزيد عن الحد الأدنى للأجور، وذلك من متوسط الأجر الشهري المرجح لآخر ثلاث سنوات التي تم تسديد فيها الإشتراكات قبل التقاعد الخاضع للحد الأقصى للأجر المحدد في البند (أ) من الفقرة (1) من المادة (43) من هذا القرار بقانون، ومخصوماً منه ولمدى الحياة ما نسبته (6%) عن كل سنة من سنوات التقاعد حتى بلوغ سن الستين.

الحد الأدنى لراتب التقاعد

وهو لا يؤمن بأي حال من الأحوال راتباً تقاعدياً لائقاً وكافياً حيث أن الحد الأدنى للأجور (1450 شيقلاً) وبالتالي يدور الحديث هنا عن راتب تقاعدي يبلغ (720شيقلاً) وهو بالكاد يكفي لسداد فواتير الكهرباء والماء والهاتف..الخ، كان على معدي القانون خص هذه الفئة من العاملين والتي لا يتعدى دخلها الحد الأدنى للأجر براتب بنسبة أعلى.

كما أن الرهان على تغيرات جدية في الحد الأدنى للأجر غير واقعي في الظروف الحالية، حيث من الممكن أن  يصبح الضغط متزايداً على معدلات الأجور إذا ما تعرض الاقتصاد الفلسطيني لمزيد من التضيق.

في اليونان مثلًا، تمّ تخفيض الحدّ الأدنى للأجور بنسبة 22% وكان هذا الإجراء أحد الشروط التي فرضتها الجهات الدولية الدائنة على اليونان مقابل صرف الأموال المخصصة لإنقاذ الاقتصاد.

المادة (53) الحد الأدنى لراتب التقاعد

يجب أن لا يقل راتب التقاعد الإلزامي للمؤمن عليه المستحق لراتب التقاعد وفقاً لأحكام الفقرة (1) من المادة (51) من هذا القرار بقانون، عن (50%) من الحد الأدنى للأجور، أو قيمة خط الفقر الفردي أيهما أعلى.

توسيع منافع القانون

يشمل هذا القانون التأمينات الاجتماعية التالية:

- تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة الطبيعيين.

- تأمين إصابات العمل.

- تأمين الأمومة.

ويرجئ العديد من التأمينات إلى مرحلة لاحقة ومع التفهّم أنه لا يمكن البدء بتطبيق كل منافع القانون دفعة واحدة إلا أنه كان بالإمكان إدراج بعض المنافع كالتعطل عن العمل للمساهمين في الضمان، وهي منفعة ممكن أن يستفيد منها المساهم لفترة محدودة تحديداً فئة العاملين الذين يعملون في بيئة عمل غير مستقرة وكان لمؤسسة الضمان أن تفرض رسوماً إضافية لهذا النوع من التأمين.

توسيع شمولية القانون

حق الإنتساب الإختياري

منح قانون الضمان الاجتماعي الأشخاص العاملين لحسابهم من الإلتحاق بقانون الضمان الاجتماعي شريطة أن يغطوا المساهمات الخاصة بهم وبأصحاب العمل، ونظراً لطبيعة الاقتصاد الفلسطيني ذي الطابع غير المهيكل فإن الكثير من العاملين في القطاعات غير المهيكلة لن يتمكنوا بحكم واقع عملهم من الإنضمام إلى القانون.

كان بإمكان الحكومة المساهمة بنسبة قليلة من الإشتراكات المطلوبة من هؤلاء العاملين، وبالتالي سيخفف هذا من الضغط على وزارة الشؤون الاجتماعية مستقبلاً، ومن ناحية ثانية يجب أن  يتزامن تطبيق قانون الضمان الاجتماعي مع تطبيق قوانين أخرى كالحد الأدنى للأجور الذي ما زال غير مطبق على عشرات آلاف العاملين والعاملات.

نظام تقاعد شيخوخة تكميلي

بعد أن كان هذا النظام اختيارياُ وحسب المسودات السابقة التي تطرقت إلى إنشاء نظام تقاعد تكميلي اختياري كما ورد في المادة (10) من المسودات السابقة  كمان ترد أدناه:

المــادة (10) إنشاء نظام تقاعد شيخوخة تكميلي اختياري

(قبل التوقيع)

للأشخاص المؤمن عليهم بموجب أحكام هذا القانون والذين يتقاضون أجراً أعلى من الأجر الخاضع للتأمين ينشأ نظام تقاعد شيخوخة تكميلي اختياري يعتمد على نظام المساهمات المحددة يدار من قبل مؤسسة مستقلة، بموجب نظام يصدر عن مجلس الوزراء، مع عدم المساس بالحقوق المقرّة والمكتسبة وفقاً لقانون العمل المعمول به، والمتعلقة بمكافأة نهاية الخدمة بما يزيد عن الأجر الخاضع للتأمين، تمويل هذا النظام من الاشتراكات التي يدفعها المؤمن عليه ومن قبل صاحب العمل وهم من العاملين الذين يتقاضون راتباً أعلى من (8) أضعاف الحد الادنى للأجور.

*جرى تعديل هذه المادة بصورة جديدة وأهمها أنها أصبحت إلزامية بعد أن كانت نظاماً اختيارياً، وإدارتها منفصلة ومستقلة عن الضمان الاجتماعي وطالما لم يرد أي ذكر لأموال العمال الفلسطينيين الذين عملوا في “اسرائيل”فيتوقع أن يطلب تحويل أموال هؤلاء العمال ومستحقاتهم إلى النظام التكميلي بدلاً من مؤسسة الضمان الاجتماعي، بالرغم من تحذير بعض الجهات الدولية أنه من المشكوك فيه أن تقوم حكومة الإحتلال بتحويل أموال العمال الفلسطينيين طبقاً لبرتوكول باريس الاقتصادي إلى نظام تكميلي تديره شركة خاصة.

 المادة (10) إنشاء نظام تقاعد شيخوخة تكميلي

(بعد التوقيع)

ينشأ نظام تقاعد شيخوخة تكميلي يعتمد على نظام المساهمات المحددة، ويتم تنظيمه بموجب نظام يصدر عن مجلس الوزراء وفقاً للأسس الآتية:

1. تطبيق أحكام نظام تقاعد الشيخوخة التكميلي على الأشخاص المؤمن عليهم إلزامياً أو إختيارياً وفقاً لأحكام هذا القانون.

2. يمول نظام تقاعد الشيخوخة التكميلي من خلال الاشتراكات التي يدفعها صاحب العمل والمؤمن عليه اختيارياً دفع كامل للاشتراكات المستحقة على صاحب العمل والمؤمن عليه.

3. تحتسب اشتراكات العامل المؤمن عليه على أساس فرق الأجر الشهري للمؤمن عليه الذي يتجاوز الحد الأقصى للأجر الخاضع للتأمينات وفقاً لأحكام البند (أ) من الفقرة (1) من المادة (43) من هذا القرار بقانون، دون الإخلال بالحقوق المكتسبة وبحقوق العمال المؤمن عليهم لمكافأة نهاية الخدمة الذي يتجاوز الأجر الخاضع للتأمينات المحددة وفقاً لأحكام قانون العمل المعمول به، وجميع الحقوق المالية المتفق عليها والتي تتجاوز الحد الأقصى لمكافأة نهاية الخدمة وفقاً لقانون العمل النافذ.

4. تحسب اشتراكات المؤمن عليه وفق أحكام المادة (9) من هذا القرار بقانون على أساس فرق الدخل المصرح عنه رسمياً، والذي يتجاوز الحد الأقصى للأجر الخاضع للتأمينات وفقاً لأحكام البند (أ) من الفقرة (1) من المادة (43) من هذا القرار بقانون.

5. في حال كان المؤمن عليه مشمول بنظام تقاعد الشيخوخة التكميلي، يجب على صاحب تحويل الاشتراكات المستحقة عليه وعلى المؤمن عليه شهرياً.

6. يدار نظام تقاعد الشيخوخة التكميلي من قبل إدارة مستقلة وصندوق مستقل، ويجب أن يكون منفصل عن صندوق التأمينات الاجتماعية المنشأة بموجب المادة (16) من هذا القرار بقانون.

ويوضح القانون أن أتعاب نهاية الخدمة ستحول مباشرة للعاملين لكن يورد القانون مادة حول صناديق الإدخار وتحويلها إلى الإدارة المستقلة للنظام التكميلي.

تقيد شروط استحقاق راتب الوفاة الطبيعية

حسب المادة (65) الفقره (1) من هذا القانون لا يحصل العامل المتوفي على راتب وفاة طبيعة إن لم يكن مسدداً لـ(24) اشتراكاً، لكن بمقارنة ذلك مع قانون التقاعد العام لا يوجد شروط لعدد الاشتراكات لحصول الورثة على راتب تقاعدي.