يوم وطني يحييه الشعب الفلسطيني في أماكن تجمعه كافة

2016-03-29

يوم وطني يحييه الشعب الفلسطيني في أماكن تجمعه كافة

الكاتب: د. ماهر الشريف

"الشعب قرر الإضراب"، هذا ما صاح به القائد الشيوعي توفيق زياد في وجه الذين اعترضوا  من رؤساء المجالس المحلية على تنظيم الإضراب العام  الذي قررته في الثلاثين من آذار 1976 "لجنة الدفاع عن الأراضي"، التي تأسست بمبادرة من الحزب الشيوعي الإسرائيلي، وذلك للرد على توجه الحكومة الإسرائيلية لمصادرة 20000 دونم  من أراضي منطقة المثلث  وآلاف الدونمات الأخرى في سخنين وعرابة ودير حنا.  وكان توفيق زياد، الذي أصبح اسمه مرتبطاً بـ "يوم الأض"، قد  حقق، يوم 9 كانون الأول (ديسمبر) 1975،  فوزاً تاريخياً  كبيراً في انتخابات رئاسة المجلس البلدي لمدينة الناصرة، وهو الموقع الذي ظل  يشغله حتى رحيله المبكر في سنة 1994.

وبفضل تصميم الشيوعيين، وإصرارهم على الوقوف في وجه كل محاولات  كسر الإضراب التي شجعتها السلطات الصهيونية، نجح الإضراب العام، الذي سقط  خلال المظاهرات الشعبية التي تخللته ستة شهداء، نجاحاً باهراً، وأصبح معلماً بارزاً من معالم مسيرة الشعب الفلسطيني النضالية.

وتكمن الأهمية التاريخية  لذلك "اليوم" في كونه قد جعل منظمة التحرير الفلسطينية تكتشف الطاقات النضالية الكبيرة  التي تختزنهاالأقلية القومية العربية الفلسطينية في إسرائيل، والدور الكبير الذي يمكنها الاضطلاع به في النضال الوطني الفلسطيني العام، إذا ما تمت مراعاة خصوصية أوضاعها واحترمت هيئاتها التمثيلية والقوى السياسية المعبرة عنها .

فبعد سنة على تلك الأحداث، انعقدت في القاهرة، في آذار (مارس) 1977، الدورة الثالثة عشرة للمجلس الوطني الفلسطيني، التي طورت شعار "السلطة الوطنية" بتبنيها هدف إقامة "الدولة الوطنية المستقلة"،واعتبرت، في توصيات لجنة شؤون الوطن المحتل المنبثقة عنها، أن قضية الدفاع عن الأرض "هي واجب وطني مقدس لا بد أن يحظى بالأولوية في اهتمامات منظمة التحرير الفلسطينية، وأن يجري تقديم أوسع الدعم لنضالات شعبنا المناهضة للممارسات الصهيونية العنصرية "، داعية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير إلى "اعتبار يوم الأرض يوماً فلسطينياً للتضامن مع نضال شعبنا في الوطن المحتل"، و " يوماً عربياً تشارك فيه الجماهير العربية وتتضامن مع نضال شعبنا ".   كما أكد المجلس الوطني الفلسطيني، في دورته تلك، في البند الرابع عشر من إعلانه السياسي، ولأول مرة، "أهمية العلاقة والتنسيق مع القوى اليهودية الديمقراطية والتقدمية في داخل الوطن المحتل وخارجه، التي تناضل ضد الصهيونية  كعقيدة وممارسة".

واستناداً إلى مقررات تلك الدورة ، عقد أول اجتماع رسمي علني بينوفد يمثل المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية ووفد يمثل الحزب الشيوعي الإسرائيلي، وذلك في مدينة براغ في مطلع أيار (مايو) 1977، صدر عنه بيان مشترك أشار إلى أن الجانبين "تبادلا وجهات النظر، في جو ودي، حول قضايا النضال المشترك"، وأكدا أن هذا اللقاء "سيكون فاتحة علاقات نامية بين الطرفين وكل القوى التقدمية والديمقراطية الأخرى".

 ولم يكن انفتاح منظمة التحرير الفلسطينية على الفلسطينيين في إسرائيل وتقديرها نضالاتهم، منذ ذلك الحين، يسير في اتجاه واحد، بل قابله، في الواقع، انفتاح هؤلاء الفلسطينيين على المنظمة وتضامنهم الكامل معها، باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، ودعمهم نضالها الرامي إلى  ضمان حق الشعب الفلسطيني في العودة وتقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة، وهو ما جعل الدوائر الإسرائيلية الحاكمة تتخوف من تعمق العلاقات  بين منظمة التحرير الفلسطينية وممثلي الفلسطينيين في إسرائيل، ودفع الكنيست إلى المصادقة، في نهاية سنة 1980، على قانون يحظر أي اتصال مع منظمة التحرير الفلسطينية.

فتحية إلى صنّاع "يوم الأرض"، وعلى رأسهم القائد الفلسطيني الراحل توفيق زياد، وإلى ذكرى شهدائه الستة.