حول الانتخابات المحليه: ملاحظات أوليه

2016-08-27

حول الانتخابات المحليه: ملاحظات أوليه

د. عقل طقز

المتتبع عن قرب لما جرى خلال التحضير لتقديم القوائم في الانتخابات المحليه خلال الايام القليله الماضية، لا بد ان يلاحظ ما يلي:

أولاَ:  ان الغالبيه العظمى من القوائم قد قدمت في  اليوم الأخير ان لم نقل في الدقائق الأخيرة، وهذا يشير الى ان تشكيل القوائم لم يكن سهلاَ. فقد شهدت عمليه التشكيل الكثير من التراجعات والإرباكات في اللحظات الأخيرة, وهذا يعود غالبا الى الخلاف على الترتيب ورئاسة القائمة، واحتمالات الفشل والنجاح  وكثير من العوامل والتدخلات المختلفه.. الخ.

ثانياَ: غياب وحده الموقف أو مركزيته في كثير من التنظيمات السياسية، الأمر الذي أفرز تعدد القوائم المحسوبة على التنظيم الواحد من جهة، وبعض التحالفات الغريبة رغم التوجهات المركزيه الواضحة للتنظيمات السياسية من جهة أخرى. فترى بعض قوى اليسار متحالفاَ مع التيار الديني وبعض من فتح يتحالف مع حركة حماس رغم كل الخلاف والانقسام بينهما، اضافه لتحالفات تقليديه تعودنا عليها.

ثالثاَ: بروز دور العائلات واعتباراتها العشائرية بشكل أكثر وضوحاَ وفاعلية حتى من المرات السابقه، رغم أن التمثيل النسبي يعتمد اساساَ على القاعدة الحزبيه وليس العشائريه. ورغم ذلك فقد كان للعائلات واعتباراتها الخاصة بها، دوراَ أقوى من دور التنظيمات السياسيه وخاصة في الريف، وهذا دليل ايضاَ على تراجع قوه التنظيمات السياسيه دون استثناء، أي يمينها ويسارها وباختلاف منابعها الفكرية من علمانيه ودينيه وطائفيه... الخ.

رابعاَ: ان الكثير من قوائم التوافق لم تكن على اساس سياسي: كقوائم  فصائل م ت ف مثلاَ، والتي شهدت تراجعاَ ملحوظاَ في تشكيل مثل هذه القوائم في هذه المرة، وذلك رغم التوجه الواضح من قبل الرئيس محمود عباس الذي تمنى على الفصائل المنضويه في م ت ف ان تتوافق في هذه الانتخابات. فقد انقسمت فصائل المنظمه الى ثلاثة تيارات: تحالف القوى الخمس وهي(حزب الشعب الفلسطيني, الجبهة الشعبيه, الجبهة الديمقراطيه، حزب فدا، والمبادرة)، وتحالف القوى الاربع (التحرير الفلسطينيه، جبهه النضال، جبهه التحرير العربيه والجبهه العربيه)، والقوائم الرسمية وغير الرسمية لحركه (فتح).

هذا اضافه الى ان قوائم التوافق كانت خليطاَ من الحزبيه والعشائرية و"المستقلين"، وهذا يشير على تراجع دور المنظمه بمكوناتها وتوجهاتها والتفاف الناس حولها, الامر الذي يبدو طبيعيا اذا ما اتفقنا ان دور التنظيم السياسي قد تراجع امام دور العائله وان هيبة ودور السلطة في تراجع ايضاَ.

خامساَ.. وأخيراَ: الوضع الأمني: فكما في كل انتخابات تزداد محاولات التدخل في مجرياتها من قبل القوى الفاعله على الساحه الفلسطينيه. فأضافه الى دور سلطات الاحتلال وذلك من خلال اعتقال الكثيرين من نشطاء القوى السياسيه على هامش مشاركتهم في التحضير أو الترشح للانتخابات, هناك أوضاع أمنيه الداخليه غير مستقرة وانتهاكات متعددة ضد الحقوق والحريات العامة، وقد شهدتها الاراضي الفلسطينية وبعض مدنها الرئيسية في الاسابيع الأخيرة، العديد من الخروقات والتدخلات والضغوطات المختلفة المباشرة وغيرة المباشرة تجاه عائلات وقوائم ومرشحين محتملين، بغض النظر عن حجم ووتيرة تلك الانتهاكات والضغوطات بين الضفة الغربية وقطاع غزة.

وإذا اضفنا الى كل ذلك، بعض المخاوف والتكهنات والإشاعات عن احتمال تأجيل الانتخابات مرة أخرى أو عدم اجرائها لأي سبب كان, فان حال الديمقراطيه الفلسطينيه ليس بخير خاصة ان تعطيل الانتخابات الرئاسية والتشريعية لسنوات طويلة قد وجه ضربه قاسيه لهذه الديمقراطيه الوليده  والفريده ايضاَ، وسيزداد سوءاَ في حال تأجيل هذه الانتخابات.