ملاحظات على مشروع قرار بقانون محكمة الجنايات الكبرى لسنة 2016

2016-08-30

 

ملاحظات على مشروع قرار بقانون محكمة الجنايات الكبرى لسنة 2016

إعداد: د. عصام عابدين

أحالت وزارة العدل مشروع قرار بقانون بشأن محكمة الجنايات الكبرى لسنة 2016 إلى مجلس الوزراء بتاريخ 8/8/2016، مرفقاً بمذكرة تفسيرية، وقد ورد في كتاب الإحالة الموجه من معالي وزير العدل إلى دولة رئيس الوزراء أن المشروع قد تم إعداده بالتشاور والتعاون بين مجلس القضاء الأعلى والنيابة العامة ووزارة العدل، طالباً عرض المشروع على مجلس الوزراء بالقراءة الأولى، وفقاً لما ورد في كتاب الإحالة المذكور.

وأوصت المذكرة التفسيرية، المقدمة من وزارة العدل، بإقرار قرار بقانون محكمة الجنايات الكبرى، مع الأخذ بعين الاعتبار  أية ملاحظات ترد من الجهات ذات العلاقة، وأكدت المذكرة على أن الوزارة قد قامت بمراسلة مجلس القضاء الأعلى والنيابة العامة ونقابة المحامين وكليات الحقوق في الجامعات، وطلب ملاحظاتهم حول مشروع القرار بقانون، وأنه لم يرد إلى الوزارة سوى ملاحظات مجلس القضاء والنيابة العامة، وفي حال تزويد الوزارة بأية ملاحظات سيتم أخذها بعين الاعتبار في القراءة الثانية والثالثة للمشروع.

ويشير الكتاب الصادر عن عطوفة النائب العام بتاريخ 8/8/2016، الموجه إلى معالي وزير العدل، وموضوعه مسودة مشروع قرار بقانون محكمة الجنايات الكبرى، المرفق به مسودة القرار بقانون، إلى أنه قد تم إدخال الملاحظات على المسودة من قبل معالي رئيس مجلس القضاء الأعلى والأمين العام لمجلس القضاء الأعلى ومستشار  رئيس مجلس القضاء الأعلى لشؤون المحاكم ومن قبل النائب العام بالتشاور مع وزارة العدل.

وقد أوردت المذكرة التفسيرية لمشروع القرار بقانون، من بين أمور أخرى، بأن تشكيل محكمة الجنايات الكبرى يأتي نظراً للتطورات والمتغيرات الحديثة في مستوى الجريمة والعقاب، وأهمية حماية حقوق المواطنين وفي مقدمتها الحق في الحياة، ومواجهة الجرائم الخطرة والتصدي القضائي لمرتكبيها، والحفاظ على أمن المجتمع واستقراره، والحاجة إلى سرعة البت في القضايا الجنائية الكبرى، وإيجاد هيئات قضائية متخصصة بشأنها.

ملاحظات عامة بشأن مشروع القرار بقانون

بعد الاطلاع على كتب الإحالة، ومشروع قرار بقانون محكمة الجنايات الكبرى لسنة 2016 ومذكرته التفسيرية، فإن مؤسسة الحق تُبدي ملاحظاتها في الإطار العام، ومن ثم على مضمون المشروع، على النحو التالي:

1.  أكدت خطة التنمية الوطنية 2014 - 2016 في الأسس التي ارتكزت عليها المنهجية المعتمدة في الخطة، على ترسيخ النهج التشاركي، المستند إلى قاعدة عريضة من المشاورات المركزّة والمنظمة، بين القطاع العام والخاص والأهلي بالإضافة إلى ذوي العلاقة من المختصين، في تنفيذ الخطة بكامل قطاعاتها، وأوضحت في بند التنفيذ في الإطار المعنون "بناء الشراكات الفعّالة" على أن إحداث التغيير المنشود هو مسؤولية مشتركة لكافة الأطراف على قاعدة التكامل والعمل المشترك والبناء، وأن الوزارات والجهات الحكومية ينبغي أن تضطلع بمسؤولية خاصة في هذا الصدد من خلال تحفيز  بناء الشراكات الفعّالة والتنسيق الحثيث مع القطاع الخاص والقطاع الأهلي ومختلف الجهات ذات العلاقة. وهذا ما أكدته أيضاً، الخطة التشريعية للحكومة، والتي شددت وجوب اتباع "النهج التشاركي الواسع" في إعداد وتنفيذ الخطة وفي السياسة التشريعية للحكومة.

وبالمقابل، فإن مشروع قرار بقانون محكمة الجنايات الكبرى، لم يُترجِم، كما يتضح من كتب الإحالة وما ورد في المذكرة التفسيرية، تلك الشراكة الفعّالة، والتحفيز الحكومي، وبخاصة مع القطاع الأهلي، في نقاش المشروع (التشريع الاستثنائي) وإبداء الملاحظات عليه في إطار مبدأ سيادة القانون ومدى الحاجة التشريعية وأولوياتها، ومدى  قدرته على تحقيق أهدافه وغاياته، ومدى احترامه للحقوق والحريات، وضمانات المحاكمة العادلة.

2. رغم انضمام دولة فلسطين للعديد من الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، بدون تحفظات، ومن بينها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واستحقاقاته على المستوى التشريعي والسياساتي وفي التطبيق العملي، والعمل على مسودة التقرير الرسمي بشأن العهد المذكور، إلاّ أن هذا المتغير ، بالغ الأهمية، المؤكد عليه في خطة التنمية الوطنية، وفي الخطة التشريعية للحكومة، لم يتم الإشارة إليه في كتب الإحالة وفي المذكرة التفسيرية، ولم يُترجَم في نصوص مشروع قرار بقانون محكمة الجنايات الكبرى حين تم المساس بالحقوق والضمانات الواردة في المعايير الدولية، وبخاصة ضمانات المحاكمة العادلة، والحق في حرية التنقل، بما يطرح تساؤلات حول مدى قيام دولة فلسطين بتنفيذ التزامتها الدولية بموجب الاتفاقيات تشريعياً وسياساتياً.

3. هنالك حاجة ماسة، لمناقشة مدى توافر الشروط الدستورية الواردة في المادة (43) من القانون الأساسي المعدل ولا سيما الشرط الخاص بوجود "ضرورة لا تحتمل التأخير" التي يرتكز إليها مشروع قرار بقانون محكمة الجنايات الكبرى، بوصفه تشريعاً استثنائياً، كسند قانوني لإصداره، لاعتبارات عديدة، من بينها أن المجلس التشريعي الفلسطيني سبق وأن ألغى قرار بقانون رقم (7) لسنة 2006 بشأن محكمة الجنايات الكبرى الصادر عن الرئيس بتاريخ 15/2/2006 لانتفاء شرط الضرورة التي لا تحتمل التأخير ومساسه بضمانات المحاكمة العادلة. علماً أن مشروع القرار بقانون المذكور مستوحى من قرار بقانون محكمة الجنايات الكبرى الذي رفضه المجلس التشريعي، والأخير مستوحى بدوره من قانون محكمة الجنايات الكبرى الأردني لسنة 1986 وتعديلاته.

4. لا يبدو واضحاً، من خلال مذكرات الإحالة، أنه قد جرى أخذ رأي "مجلس القضاء الأعلى" باعتباره المرجعية الدستورية والمؤسسة العليا التي تدير الشأن القضائي، في مشروع قرار بقانون محكمة الجنايات الكبرى، وذلك عملاً بأحكام المادة (100) من القانون الأساسي التي تنص على وجوب أن يؤخذ رأي مجلس القضاء الأعلى في مشروعات القوانين التي تنظم أي شأن من شؤون السلطة القضائية بما في ذلك النيابة العامة. يبدو أن ضعف التكوين والأداء المؤسسي للمجلس القضائي، المرتكز إلى سيادة القانون، لصالح الاجتهاد الشخصي، كان وما زال يضعف من دور "المجلس" كمرجعية عليا في الشأن القضائي، وفي عملية الإصلاح القضائي، ودعم استقلال القضاة والقضاء، وينعكس على طبيعة العلاقة القائمة بين المجلس القضائي والنيابة العامة ووزارة العدل ومدى قدرتها على النهوض بقطاع العدالة، وارتداداتها على سيادة القانون وحماية الحقوق والحريات العامة.

5. هنالك حاجة ماسة، كانت وما زالت، لتركيز الجهود وتعزيزها باتجاه عملية الإصلاح القضائي، واستعادة وحدة السلطة القضائية في الضفة الغربية وقطاع غزة، كأولوية قصوى، على المستوى السياساتي والتشريعي، ووفق أسس مهنية وموضوعية وشفافة، قادرة على ترسيخ دعائم استقلال القضاء وبناء سلطة قضائية فاعلة ومستقلة، في ضوء ما آل إليه واقع السلطة القضائية ومنظومة العدالة في فلسطين، بما ينعكس إيجاباً على استعادة وحدة المؤسسات في الضفة والقطاع، وتعزيز الثقة بمنظومة العدالة، وتعزيز حالة الحقوق والحريات العامة، وإنفاذ التزامات دولة فلسطين بموجب الاتفاقيات الدولية واستحقاقاتها في الضفة والقطاع.

6. هنالك حاجة ماسة، لتركيز  وتعزيز جهود مختلف الجهات الرسمية وغير الرسمية، باتجاه الدعوة لانعقاد المجلس التشريعي بالهيئة العامة في الضفة الغربية وقطاع غزة، واستعادة دوره الدستوري الأصيل في التشريعي والرقابة على الأداء العام، بما يساهم إيجاباً في رأب الصدع وترميم النظام السياسي وترتيب البيت الداخلي والدفع قدماً باتجاه المصالحة الوطنية، لحين إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في أقرب فرصة، ولا سيما بعد الاعلان عن الانتخابات المحلية ومشاركة مختلف القوى والأحزاب فيها، بما يعزز إمكانية إجراء الانتخابات العامة. إن استمرار  إقرار التشريعات الاستثنائية بكثافة (القرارات بقوانين) يحتاج سنوات طويلة لمراجعتها، تفوق ولاية أي مجلس تشريعي جديد منتخب، وتزداد الأمور صعوبة وتعقيداً، ليس فقط بغياب المجلس التشريعي منذ ما يزيد على تسع سنوات، وإنما أيضاً في تغييب دوره  في نصوص التشريعات الاستثنائية، بما يوحى وكان دور المجلس التشريعي (السلطة التشريعية)  قد انتهى إلى غير رجعة، وهذه أولوية قصوى تحتاج التوقف ملياً أمامها، ونقاش جدي ومراجعة، نظراً لخطورتها الكبيرة على النظام السياسي الفلسطيني.

7. ينبغي أن تعكس التشريعات احتياجات وأولويات المجتمع، وأن تكون قابلة للتطبيق على الأرض بالارتكاز إلى مبدأ سيادة القانون على الجميع، بمفهومه الشكلي والجوهري، وإلاّ فقدت مغزاها وفلسفة وجودها، وبالتالي كيف يمكن تطبيق مشروع قرار بقانون محكمة الجنايات الكبرى في قطاع غزة ؟ علماً أن المشروع ينص على أن تنعقد المحكمة في محافظات أريحا ونابلس والخليل وغزة، وأن تشمل دائرة اختصاص هيئة محكمة جنايات المحافظات الجنوبية المنعقدة في غزة جميع المحافظات الجنوبية. وبمعزل عن النقاش الفني المتعلق بدائرة اختصاص هيئة محكمة جنايات غزة، فإن السؤال المطروح يبقى- شأنه شأن باقي التشريعات الاستثنائية- كيف يمكن إعمال تلك النصوص القانونية في ظل انقسام القضاء ومنظومة العدالة وغياب وحدة المؤسسات؟

8. قدمت مؤسسة الحق، رؤيتها للإصلاح القضائي في فلسطين في أيار/مايو 2014، وهي منشورة على موقعها الإلكتروني، ونأمل أن تشكل وثيقة أولية للنقاش، وهي بلا شك، إذا ما توفرت الإرادة، تحتاج إلى تطوير في ضوء المستجدات المتمثلة بانضمام فلسطين للعديد من الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان واستحقاقاتها، وتحتاج إلى جهود الجميع في مسار الإصلاح القضائي، واستعادة وحدة القضاء والنيابة العامة، وإدماج المعايير الدولية في أداء منظومة العدالة، بما يعبد الطريق لترميم النظام السياسي الفلسطيني واستعادة وحدة المؤسسات. 

ملاحظات على المذكرة التفسيرية للقرار بقانون

دون الانتقاص من  الملاحظات الجوهرية التي طرحت في إطار الأولويات بشأن الإصلاح القضائي واستعادة وحدة القضاء والنيابة العامة، ودور المشرّع الأصيل في التشريع الأصيل، وإدماج المعايير الدولية في التشريعات وفي الأداء القضائي وسبل الانتصاف، كأولوية قصوى، نُبدي ملاحظاتنا على المذكرة التفسيرية على النحو التالي:

1. ورد في المذكرة التفسيرية أن مبررات إصدار القرار بقانون تكمن في تأمين الردع القضائي في مواجهة  تزايد نسبة الجرائم ذات الطابع الجنائي الخطير وتأثيرها على أمن واستقرار المجتمع. دون تشخيص للعوامل والأسباب التي أدت لهذا الارتفاع، ونوعية وتصنيف الجرائم التي شهدت الارتفاع، والمؤشرات على هذا الصعيد، ومدى ارتباط المعالجة بالتدخل التشريعي وقدرته عليها، وفق ما تقتضيه أصول السياسة الجنائية. وبخاصة في ظل التفسيرات التي عرضها دولة رئيس الوزراء ووزير الداخلية خلال لقائه الإعلامي مع صحيفة "الحدث" الفلسطيني المنشورة بتاريخ 16/8/2016 والتي تعزو أسباب ارتفاع معدلات الجريمة إلى الاحتلال الاسرائيلي وسيطرته على 64% من مساحة الضفة الغربية، التي لا تقع تحت السيطرة الفلسطينية، وباتت ملاذاً لمرتكبي الجرائم والخارجين على القانون، والعراقيل التي يضعها الإحتلال على تحركات الأجهزة الأمنية في المناطق المصنفة (ج) التي تخلو من التواجد الأمني الفلسطيني، بما يطرح تساؤلات حول جدوى هذا التدخل التشريعي أمام تلك الأسباب المستندة بحسب دولة رئيس الوزراء ووزير الداخلية إلى تقديرات خبراء في وزارة الداخلية.

2. ورد في المذكرة التفسيرية أيضاً أن المشكلات التي يراد علاجها من خلال القرار بقانون تتمثل في بطء الفصل في القضايا وطول أمد إجراءات التقاضي وعدم وجود محاكم متخصصة وقضاة متخصصين في نظر دعاوى الجنايات الخطرة. وهذا أيضاً محل نقاش، كون "الاختناق القضائي" لا يقتصر  على الجرائم الخطرة ذات الطابع الجنائي، وفق التقارير السنوية الصادرة عن المجلس القضائي وتقارير المنظمات الأهلية، وقد تكون هنالك عوامل داخلية وخارجية تتعلق بواقع السلطة القضائية وأداء منظومة العدالة، تحتاج إلى مراجعة، بهدف تشخيص أوجه الخلل والقصور، ومن ثم التقرير في مدى الحاجة للتدخل التشريعي من خلال القرار بقانون المذكور لمعالجتها. كما أن تحقيق الردع، في سياق المعالجة، مرتبط أيضاً بالجانب الموضوعي (العقابي) من التشريع الجزائي المتعلق بمشروع قانون العقوبات وقد مضى ما يزيد على خمس سنوات ولم يتم إقراره.

3. رغم تأكيد المذكرة التفسيرية في البند الرابع؛ الخاص بضمانات التطبيق في الواقع العملي، بأنه ولضمان تنفيذ المشروع فإنه سيتم النص في ثناياه على عدد من الضمانات التي ستساعد في تطبيقه على أرض الواقع، ومن بينها تأمين قضاة وأعضاء نيابة عامة مختصين وعلى كفاءة عالية للتحقيق والنظر والفصل في القضايا التي تقع ضمن اختصاص المحكمة، إلاّ أن المذكرة لم تضع تصوراً يبين كيفية تأمين القضاة وأعضاء النيابة العامة المختصين، ولا ينص المشروع على أية أسس أو معايير  أو آليات لتحري الكفاءة على هذا الصعيد.

4. أوضح البند الرابع ذاته من المذكرة التفسيرية؛ بأن أي تشريع يوجد ليُطبق، وأنه من المفروض في أي قانون أن يولد من رحم المجتمع الذي يعيش فيه حتى لا يولد غريباً أو ميتاً أو مشوهاً. ومع ذلك، فإن المذكرة لم تقدم تصوراً عملياً بشأن كيفية ومدى إمكانية ترجمة النصوص المتعلقة بانعقاد المحكمة، ودوائر اختصاص هيئات محاكم الجنايات الكبرى شمال ووسط وجنوب المحافظات الشمالية، وفي غزة التي تشمل جميع المحافظات الجنوبية، على أرض الواقع، وبخاصة في ظل "مؤشرات أعمال محاكم البداية" الواردة في التقرير السنوي العاشر للمجلس القضائي لعام 2015 والذي يشير إلى أنه قد بلغ عدد القضايا المدورة والواردة من القضايا المدنية والجزائية ( 18217) قضية عام 2014 لتصل إلى (20195) قضية عام 2015، فيما بلغ إجمالي عدد القضايا المفصولة من القضايا المدنية والجزائية (5660) قضية عام 2014 لتصل إلى(6905) قضية عام 2015.  الأمر الذي يتطلب وضع تصور واضح لكيفية ترجمة تلك النصوص القانونية في المشروع على أرض الواقع.   

5. إن ما ورد في البند الرابع أعلاه، من غياب تصور عملي واضح يبين كيفية ومدى إمكانية تطبيق النصوص المتعلقة بانعقاد المحكمة ودوائر اختصاصها وتشكيل عدد كاف من الهيئات بحيث تتشكل كل هيئة من ثلاثة قضاة لا تقل درجتهم عن قاضي بداية برئاسة أقدمهم، ينسحب أيضاً، على النصوص الواردة بشأن "محكمة الاستئناف المختصة" ودوائر محكمة الاستئناف الخاصة التي ينص المشروع على تشكيلها للطعن في الأحكام والقرارات الصادرة عن هيئات محكمة الجنايات الكبرى. وينبغي أن يشمل التصور، ما يتعلق بتمثيل النيابة العامة، بدرجة لا تقل عن رئيس نيابة، كما ينص المشروع، في مختلف دوائر وهيئات المحكمة. هذا مع الإشارة، إلى أن التقرير السنوي العاشر الصادر عن المجلس القضائي بشأن مؤشرات أعمال محكمة استئناف رام الله يشير لجهة القضايا "الواردة والمفصولة" دون احتساب القضايا المدورة إلى أنه قد بلغ عدد القضايا الواردة في العام 2015 (6250) قضية فيما المفصولة (5783) قضية، كما وقد بلغ عدد القضايا الواردة لمحكمة استئناف القدس في ذات العام (2563) قضية فيما المفصولة (2321) قضية. 

6. رغم تأكيد المذكرة التفسيرية؛ في البند الخامس الخاص بالكلفة المالية للمشروع، على أن دراسة الأثر المالي للتشريعات وتأثيراتها الاقتصادية، في فترة وضع المشروع وقبل عرضه على مجلس الوزراء، تعد جزأ هاماً من السياسة التشريعية، وهذا ينسجم مع الخطة التشريعية للحكومة التي نصت في الفصل المتعلق بدليل الخطة على وجوب أن تتضمن المذكرة التفسيرية الأثر الاجتماعي والاقتصادي الذي يُتوقع من القرار بقانون أن يحدثه، والتكلفة المالية وحجم الموارد الضرورية المترتبة على المقترح التشريعي، إلاّ أنها غير واردة في المذكرة التفسيرية، علماً أن الخطة التشريعية للحكومة تنص صراحة على عدم قبول المقترحات التشريعية في تلك الأحوال.    

7. أشارت المذكرة التفسيرية، في البند الخاص بالتوصيات، إلى أن وزارة العدل قامت بمراسلة المجلس القضائي والنيابة العامة ونقابة المحامين وكليات الحقوق في الجامعات، وطلبت ملاحظاتهم بشأن المشروع، وأنه لم يرد إلى الوزارة سوى ملاحظات مجلس القضاء والنيابة العامة كما سبق القول، ومع التأكيد على أهمية إرسال المشروع إلى نقابة المحامين وكليات الحقوق وأهمية الحصول على ملاحظاتهم كونهم من مكونات منظومة العدالة، إلاّ أنه لم يتم تعميم المشروع على مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الأهلية للحصول على ملاحظاتهم، خلافاً لما تقتضيه خطة التنمية الوطنية والخطة التشريعية التي تؤكد على الشراكات الفعّالة في العملية التشريعية.

ملاحظات على نصوص مشروع القرار بقانون

يتكون مشروع قرار بقانون محكمة الجنايات الكبرى من (28) مادة، موزعة على خمسة فصول؛ الأول يتناول التعاريف والأحكام العامة، والثاني يتعلق بتشكيل واختصاصات المحكمة، والثالث يتناول الإتهام والتحقيق، والرابع إجراءات المحاكمة، والخامس أحكام انتقالية.  وفيما يلي أبرز الملاحظات على مضمون المشروع:

1. يُكثر المشروع من استخدام مصطلح (القانون) وهذا ما يلاحَظ بوضوح بدءاً من مادته الأولى الخاصة بالتعاريف؛ ومنها تعريف " المحكمة: محكمة الجنايات الكبرى المشكلة بموجب هذا القانون". وتعريف "القانون: قانون محكمة الجنايات الكبرى". بما ينطوي على خلط بين التشريع الأصيل الصادر عن السلطة التشريعية والتشريع الاستثنائي الصادر عن الرئيس في ظل غيابها ووفق الشروط الدستورية الواردة في القانون الأساسي. 

2. رغم تأكيد المادة (3) من المشروع على سرعة الفصل في الدعاوى الداخلة في اختصاص المحكمة مع مراعاة حقوق وضمانات أطراف الدعوى، إلاّ أن عدداً من نصوص المشروع مست بضمانات المتهم في مرحلة التحقيق والمحاكمة، خلافاً لأحكام القانون الأساسي والاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها فلسطين، وبعضها لم يكن وارداً في قرار بقانون محكمة الجنايات الكبرى 2006 الذي ألغاه المجلس التشريعي الفلسطيني، كما سنرى.

3.  تنص المادة (5) من المشروع على أن "تنعقد المحكمة مؤقتاً في محافظات أريحا ونابلس والخليل وغزة، ويجوز لها أن تنعقد في أي من محافظات الوطن كلما اقتضت الضرورة وذلك بناءً على قرار من رئيسها من تلقاء نفسه أو بناءً على طلب من النائب العام يقدم لرئيس المحكمة". لا يبدو واضحاً، سبب إضافة عبارة "أو بناءً على طلب من النائب العام" التي لم تكن واردة في النص المقابل (مادة 2) من قرار بقانون محكمة الجنايات الكبرى 2006 الذي ألغاه المجلس التشريعي، إلى النص المذكور، في شأن يتعلق بانعقاد المحكمة، وليس نقل الدعوى من الهيئة القضائية المختصة إلى هيئة أخرى من هيئات محكمة الجنايات عندما يكون نظرها في دائرة الهيئة المختصة من شأنه الإخلال بالأمن العام على النحو الوارد في المادة (17) من القرار بقانون، وذلك نظراً لاختلاف طبيعة دور واختصاص السلطة القضائية عن النيابة العامة التي هي خصم عام وعادل في دعوى الحق العام.

4. تنص المادة (9) من المشروع على اختصاص محكمة الجنايات الكبرى بالنظر في الجرائم الواردة في قانون الأسلحة النارية والذخائر رقم (2) لسنة 1998، علماً أن الجرائم الواردة في القانون المذكور، وفي قانون العقوبات النافذ في الباب الثاني الخاص بالجرائم الواقعة على السلامة العامة في الفصل الأول منه الخاص بالأسلحة والذخائر، هي جرائم جنحوية، من حيث التصنيف الثلاثي للجريمة، وليست جرائم جنائية. وفي المقابل، فإن النص المذكور  قد أخرج السرقات الجنائية وجنايات السطو على المساكن الواردة في باب الجرائم الواقعة على الأمول في قانون العقوبات، والتي ارتفعت معدلاتها في الآونة الأخيرة، من نطاق اختصاص المحكمة.

5.  تنص المادة (10) من المشروع على أن "تباشر النيابة العامة التحقيق فور علمها بالجريمة، ولها اتخاذ كافة الإجراءات التحفظية اللازمة والمتعلقة بالواقعة، وتقوم بالتحقيق والاتهام بخصوص الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة وفقاً للقواعد والإجراءات المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية ما لم ينص على خلاف ذلك". يُلاحَظ أن عبارة "ولها اتخاذ كافة الإجراءات التحفظية اللازمة والمتعلقة بالواقعة" واردة في النص على نحو واسع وفضفاض، ومن شأنها أن تمنح النيابة العامة صلاحيات واسعة على الأشخاص والأموال في مرحلة التحقيق تحت عنوان "إجراء تحفظي" بما من شأنه أن ينتقص من الضمانات الدستورية والقانونية، وينتهك المعايير الدولية المتعلقة بضمانات المتهم في مرحلة ما قبل المحاكمة الواردة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ومن شأنها أن تمس مبدأ الشرعية الذي يشكل العمود الفقري للتشريع الجزائي.

6.  تنص المادة (11) من المشروع على ما يلي: " أ- للنائب العام، أو أحد مساعديه أثناء التحقيق، وللمحكمة أثناء نظر الدعوى، إصدار أمر مسبب بمنع المتهم من مغادرة البلاد إذا اقتضت الضرورة ذلك ولمقتضيات المصلحة العامة، ويجوز تعليق الأمر أو إلغائه حال تقديم كفالة وفق ما نصت عليه المواد (139، 142، 143، 146، 147، 148) من قانون الإجراءات الجزائية 2- للنائب العام أو أحد مساعديه أن يصدر أمراً بإدراج اسم المتهم أو المحكوم عليه في الجرائم الداخلة في اختصاص المحكمة على قوائم ترقب الوصول لاتخاذ الإجراء الذي حدده 3- يسري أمر المنع من المغادرة والأمر بإدراج اسم المتهم أو المحكوم عليه على قوائم ترقب الوصول لمدة سنة من تاريخ إصداره، ويرفع بعدها أمر المنع أو الإدراج من القوائم، ما لم يُجدد الأمر لمدة أو مدد أخرى، مع إعلام ذي الشأن بهذا الأمر من تاريخ صدوره".

هنالك جموح كبير في مشروع قرار بقانون محكمة الجنايات الكبرى، تحت عنوان الإجراءات أو التدابير التحفظية، بما يمس قرينة البراءة وضمانات المحاكمة العادلة والحق في حرية التنقل. إن هذا النص يمنح النائب العام بشكل مفتوح، أو أحد مساعديه أثناء التحقيق، وللمحكمة أثناء نظر الدعوى، صلاحيات واسعة وفضفاضة بشأن قرارات منع المتهم من المغادرة، والتي تسري حسب النص لمدة سنة، ويمكن تجديدها لمدة أو مدد مفتوحة وغير محددة زمنياً، وتحت عناوين فضفاضة هي "مقتضيات الضرورة والمصلحة العامة".

إن النص المذكور ينتهك الحق في حرية التنقل، المكفول في القانون الأساسي والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ويُفرّغ هذا الحق من مضمونه، من خلال تلك الصلاحيات الواسعة، وينتهك بشكل واضح أحكام نص المادة (28) من القانون الأساسي التي أكدت صراحة على أنه "لا يجوز إبعاد أي فلسطيني عن أرض الوطن، أو حرمانه من العودة إليه، أو منعه من المغادرة، أو تجريده من الجنسية، أو تسليمه لأية جهة أجنبية". إن القانون الأساسي، لم يحيل تنظيم الحق في مغادرة الوطن أو العودة إليه، إلى القانون، وإنما حظر المساس به بنص دستوري واضح، وبالتالي فإن النص الوارد في المشروع بهذا الخصوص ينتهك أحكام القانون الأساسي. كما أن قانون الإجراءات الجزائية لم يمنح النيابة العامة والقضاء أية صلاحيات بهذا الخصوص في مسار دعوى الحق العام. وما ورد في قانون المخابرات العامة لسنة  2005 بهذا الخصوص ينتهك أحكام القانون الأساسي.  

تجدر الإشارة، إلى أن هذا النص الوارد في المشروع، لم يكن وارداً على الإطلاق في قرار بقانون محكمة الجنايات الكبرى رقم (7) لسنة 2006 الذي ألغاه المجلس التشريعي وقتئذ لعدم توفر شرط الضرورة التي لا تحتمل التأخير التي ينص عليها القانون الأساسي؛ ولمساسه بالحقوق الدستورية وضمانات المحاكمة العادلة.

وقد أكدت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة؛ وهي اللجنة التي تتلقى وتناقش تقارير الدول الأطراف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، في التعليق العام رقم (27) على المادة (12) المتعلقة بالحق في حرية التنقل، بأن على الدول الأطراف في العهد الدولي أن لا تضع قيوداً على هذا الحق على نحو يمس جوهره ويفرّغه من مضمونه، وأنه لا يجوز بأي حال حرمان أي شخص من دخول بلده أو مغادرتها تعسفاً، وأنه ينبغي على الدول أن تقدم في تقاريرها للجنة معلومات واضحة عن القواعد القانونية والممارسات الإدارية وكذلك القضائية المتصلة بهذا الحق، وأن تُبلغ اللجنة عن الإجراءات التي تتخذها على هذا الصعيد وذلك حتى تتمكن اللجنة من تقييمها في ضوء القواعد والمعايير والممارسات الدولية للحق في حرية التنقل.  

7. تنص المادة (12) فقرة (أ) من المشروع على أنه "يجوز لوكيل النيابة توقيف المتهم بعد استجوابه لمدة أسبوعين إذا اقتضت إجراءات التحقيق ذلك، على أن يتم تمديد التوقيف بعد ذلك من قبل المحكمة وفقاً لأحكام القانون". إن هذا النص يشكل تراجعاً إضافياً يطال ضمانات المتهم في مرحلة التحقيق الواردة في نص المادة (108) من قانون الإجراءات الجزائية، والتي تجيز لوكيل النيابة العامة توقيف المتهم بعد استجوابه، لمدة ثمان وأربعين ساعة، ويراعى تمديد التوقيف من قبل المحكمة طبقاً للقانون. إنها، المرة الثانية، التي تستهدف المساس بالنص المذكور، بعد محاولة سابقة، لم تنجح، على قانون الإجراءات الجزائية بهذا الخصوص.

لا يوجد مبرر، للخروج على الضمانات الواردة في قانون الإجراءات الجزائية بشأن إجراءات التوقيف، ولا علاقة لها بأهداف وغايات المشروع الواردة في المذكرة التفسيرية، بقدر ما تتعلق بضمانات المحاكمة العادلة، في مرحلة ما قبل المحاكمة، التي أكد عليها القانون الأساسي والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

كما أن هذا النص يخالف مقتضيات نص المادة (3) من القرار بقانون ذاته التي أكدت صراحة على أن سرعة الفصل في الدعاوى الداخلة في اختصاص محكمة الجنايات الكبرى ينبغي أن لا تكون على حساب الحقوق والضمانات لأطراف الدعوى. وبخاصة ضمانات المتهم في مرحلة ما قبل وأثناء المحاكمة.

جدير بالذكر، أن النص المقابل للنص المذكور، الوارد في قانون محكمة الجنايات الكبرى لسنة 2006 الذي ألغاه المجلس التشريعي (مادة 8 فقرة أ) قد أحال الإجراءات المتعلقة بالتوقيف إلى قانون الإجراءات الجزائية؛ حيث جاء النص السابق على النحو التالي:" تختص محكمة الجنايات الكبرى بتوقيف وتمديد توقيف المتهمين في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون ووفقاً للأحوال المبينة في قانون الإجراءات الجزائية". 

وقد أكدت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، في التعليق العام رقم (8) على المادة (9) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، المتعلقة بالاحتجاز التعسفي، على أن المعايير الدولية تقتضي أن يتم مثول الأفراد أمام قاض على وجه السرعة عقب القبض عليهم أو احتجازهم. وفي دولة المكسيك، حيث تبين للجنة مناهضة التعذيب وجود حالات تعذيب ممنهجة، أوصت اللجنة في ملاحظاتها الختامية على تقرير المكسيك بتعديل القانون الجزائي كي يتطلب إحضار المحتجزين أمام المحكمة خلال 24 ساعة وأن يكون القضاة حاضرين في جميع الأوقات لهذا الغرض (تقرير لجنة مناهضة التعذيب بموجب المادة 20: المكسيك، CAT/C/75).

8. تنص المادة (21) من المشروع على ما يلي:" تجري المحاكمات الاستئنافية مرافعة إذا كان الحكم بالإعدام والحبس المؤبد وفيما عدا ذلك من الأحكام الجنائية والجنحية ينظر فيها تدقيقاً إلا إذا رأت المحكمة إجراء المحاكمة مرافعة أو طلب المحكوم عليه ذلك ووافقت على الطلب أو طلب النائب العام ذلك وفيما عدا الحكم بالإعدام والأشغال الشاقة المؤبدة لا يشترط في المرافعة سماع البينات مجدداً إلا إذا رأت المحكمة لزوم ذلك".

هنالك تراجع يُسجل أيضاً، في ضمانات المتهم، في مرحلة المحاكمة، فيما يخص الدرجة الثانية للتقاضي أمام محكمة الاستئناف، من خلال النظر في المحاكمات "تدقيقاً" فيما عدا الإعدام والأشغال الشاقة المؤبدة، بعد أن كانت مرافعة بنشر الدعوى في الدرجة الثانية للتقاضي أمام الإستئناف بموجب قانون الإجراءات الجزائية، الأمر الذي من شأنه أن يمس ضمانات المحاكمة العادلة الواردة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

كما ويعاني النص المذكور، من حالة من التشتت في التعامل مع العقوبات جنائية الوصف، حيث نجد أنه يتحدث تارة عن "الحبس المؤبد" وتارة أخرى يتحدث عن "الأشغال الشاقة المؤبدة" فيما يتعلق بالمحاكمات الاستئنافية مرافعة، وهذا الخلل في الصياغة التشريعية من شأنه أن يمس مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات. 

وقد أكدت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، في التعليق العام رقم (32) على المادة (14) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، المتعلقة بضمانات المحاكمة العادلة، على أن القاعدة العامة تتمثل في عقد إجراءات الاستئناف علانية وأمام الملأ، وأن تحضرها أطراف النزاع، وهذه ضمانة إضافية للعدالة في صالح المتهم، وكبيرة الأهمية للحفاظ على ثقة الجمهور بنظام العدالة. وخلصت اللجنة إلى أن قصر المراجعة القضائية على الجوانب القانونية لم يفِ بمتطلبات العهد الدولي  في إجراء تقييم واف للأدلة وسير إجراءات  المحاكمة.

9. تجدد مؤسسة الحق، التأكيد على موقفها المبدئي الواضح، الرافض لعقوبة الإعدام، والمنسجم مع المعايير والتوجهات الدولية التي تحث الدول على إلغاء عقوبة الإعدام نهائياً من تشريعاتها الجزائية، واستبدالها بعقوبات سالبة للحرية، بما ينسجم مع التوجهات الحديثة في فلسفة العقوبة القائمة على الإصلاح وإعادة التأهيل والدمج في المجتمع، وليس الانتقام، وقد جرى حسم مسألة إلغاء عقوبة الإعدام على المستوى التشريعي من خلال مشروع قانون العقوبات الفلسطيني الخالي تماماً من عقوبة الإعدام. وبالتالي، فإن النص على عقوبة الإعدام، وتثبيتها في مشروع محكمة الجنايات الكبرى، إنما يعكس خللاً واضحاً في الأولويات التشريعية، بسبب تأخر إقرار مشروع قانون العقوبات لغاية الآن، وخللاً في المواءمة التشريعية بالنص على عقوبة الإعدام في هذا المشروع، بعد استبعادها نهائياً من مشروع قانون العقوبات، وبالنتيجة تراجعاً خطيراً على هذا الصعيد.