في تقرير عن انتهاكات إسرائيل في القدس .. الأورومتوسطي: إسرائيل تعاقب المصلين وتصعّد في خنق الفلسطينيين وملاحقتهم

2018-10-16

في تقرير عن انتهاكات إسرائيل في القدس

 الأورومتوسطي: إسرائيل تعاقب المصلين وتصعّد في خنق الفلسطينيين وملاحقتهم

جنيف: أطلق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان الإثنين الكاضي، تقريرًا يوثق الانتهاكات الإسرائيلية بحق السكان الفلسطينيين في مدينة القدس  شه سبتمبر/أيلول الماضي، وخلص إلى أن إسرائيل تعاقب المصلين في الأقصى وتصعّد في خنق فلسطينيي القدس وملاحقتهم عبر عمليات الاحتجاز والاعتقالات التعسفية وعمليات دهم وتفتيش منازلهم، وإصدار الأوامر بإبعادهم عن المسجد الأقصى، فضلًا عن حالات هدم البيوت المتواصلة والسعي لمنع المنهاج الفلسطيني من التدريس في القدس.

      ** تضاعفت الانتهاكات الإسرائيلية خلال سبتمبر الماضي بصورة كبيرة تزامنًا مع الاحتفال بالأعياد اليهودية، حيث يستنفر جنود الاحتلال الإسرائيلي في المسجد الأقصى ومحيطه، وتزيد الاستفزازات والانتهاكات في مناطق العبادة في القدس   

وأوضح الأورومتوسطي في تقريره والذي حمل عنوان "ممنوعون، الإبعاد والتهجير والملاحقة التعسفية للفلسطينيين في القدس خلال شهر سبتمبر/أيلول 2018"، أنّ الانتهاكات الإسرائيلية تضاعفت خلال سبتمبر الماضي بصورة كبيرة تزامنًا مع الاحتفال بالأعياد اليهودية، حيث يستنفر جنود الاحتلال الإسرائيلي في المسجد الأقصى ومحيطه، وتزيد الاستفزازات والانتهاكات في مناطق العبادة في القدس، ولا سيما في منطقة المسجد الأقصى والبلدة القديمة.

ولفت الأورومتوسطي إلى أنّ الشهر المنصرم شهد سعيًا حثيثًا من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي لفرض المنهاج التعليمي الإسرائيلي في المدارس الفلسطينية في المدينة، وتهيئة أجوائها للتعامل مع قانون القومية اليهودي باعتباره جزءًا أساسيًا من منظومة العمل في المحاكم.

وبرزت خلال سبتمبر الماضي بحسب تقرير الأورومتوسطي قضية إخلاء قرية الخان الأحمر، التي أدانتها الأمم المتحدة، كمثال بارز على المدى الذي وصلت له الانتهاكات التي تطال الفلسطينيين في القدس، فلم يبقَ لهم حق بحرية دينية، ولا هم حتى آمنون على بيوتهم ومستقبلهم. 

وذكر الأورومتوسطي في تقريره أنّ قوات الاحتلال الإسرائيلي تنتهج سياسة تعسفية تجاه الفلسطينيين الذين يتواجدون في المسجد الأقصى أثناء دخول مجموعات من المستوطنين، بحيث يمكن أن يكون مجرد التواجد في ساحات المسجد في تلك الأوقات مدعاة للاحتجاز، وخصوصاً في منطقة باب الرحمة، حيث يتم توجيه تهمة "الإخلال بالنظام العام" لهم، وهي تهمة واسعة وفضفاضة كما هو واضح.

وذكر الأورومتوسطي في تقريره أنّ يوم الخميس 20/9/2018 شهد اعتقالات بالجملة على هامش الأعياد اليهودية ضد الفلسطينيين الذين كانوا متواجدين في المسجد الأقصى.

وفي شهادة خاصة حول الحادثة، قال "رامي الفاخوري"، وهو أحد المعتقلين: "ذهبت للصلاة في المسجد الأقصى بتاريخ 20/9/2018، حيث صادف ذلك اليوم عيداً لليهود، وأثناء تجولنا هناك بدأ المستوطنون المقتحمون للمسجد بإثارة الشغب والصراخ واستفزاز المصلين في أكثر من مكان في المسجد، ومع بدء المناوشات مع المصلين هناك، قام رجال الشرطة والقوات الخاصة بالهجوم بشكل همجي على كل الفلسطينيين الذين كانوا في المكان، بما في ذلك حراس الأوقاف والنساء".

قال الفاخوري: "تمّ عرضي على المحكمة أنا وبعض موظفي الأوقاف، وهناك طالبت الشرطة باعتقالنا لمدة 3 أيام على ذمة التحقيق، غير أن المحامي الخاص بنا أكد على عدم قانونية الاعتقال، وحينها قررت المحكمة تمديد اعتقالنا حتى الساعة التاسعة مساءً، ومن ثمّ الإفراج عنا بشرط الحبس المنزلي لمدة ثلاثة أيام مع الإبعاد عن البلدة القديمة، ودفع كفالة بقيمة 2000 شيكل (550 دولاراً)، وتوقيع كفالة شخصية وكفالة طرف ثالث بقيمة 5000 شيكل (1380 دولار).

وأضاف: "بعد ثلاثة أيام تمّ استدعاؤنا إلى محطة القشلة مرة أخرى، ومن ثمّ أصدر قراراً بإبعادنا عن المسجد الأقصى لمدة أسبوع كامل. وفي نهاية الأسبوع تمّ استدعاؤنا مرة أخرى للمخابرات في القشلة وهناك تمّ تسليمي قراراً من قائد شرطة لواء القدس بإبعادي عن المسجد الأقصى لمدة ستة أشهر كاملة".

وحول سياسة دهم المنازل للاعتقال، استعرض تقرير الأورومتوسطي عشرات الحالات التي سجلها خلال شهر سبتمبر والتي تشكّل سياسة إسرائيلية ممنهجة في دهم المنازل وتفتيشها بشكل شبه يومي، وأوضح الأورومتوسطي أنّ تلك السياسات غالباً ما تكون دون إظهار مذكرات بالتفتيش أو الاعتقال أو دون تقديم سبب واضح لعملية التفتيش.

وفي شهادة خاصة، روى السيد محمد الدباغ، والد الطفل يعقوب، أنّ مجموعة من الجنود حضرت إلى بيته وأخبروه بأنهم يريدون إجراء تفتيش في البيت لأمرٍ يتعلق بابنه القاصر يعقوب (16 عاماً). ويضيف: "بدأ الجنود بالتفيش في البيت بشكل همجي حيث قلبوه رأساً على عقب، وعندما سألتهم لماذا تفعلون ذلك، لم يجيبوني، ثمّ خرجوا من بيتي بعد أن حولوه إلى دمار وخراب".

وبعد أسبوع، قامت المخابرات الاسرائيلية باستدعاء القاصر يعقوب وقامت بتسليمه قراراً صادراً عن قائد شرطة لواء القدس يقضي بإبعاده عن المسجد الأقصى لمدة 3 أشهر.

وشهد شهر سبتمبر 2018 وفقًا لتقرير الأورومتوسطي حالات عديدة من استخدام القوة والعنف والاعتداء بالضرب على فلسطينيين في مدينة القدس، منها ما تمّ بواسطة رجال الشرطة الإسرائيلية أو الجنود والقوات الخاصة، ومنها ما تمّ على أيدي مستوطنين.

وحول  انتهاكات المستوطنين الإسرائيليين، أوضح الأورومتوسطي أنّ خطورة تلك الانتهاكات أو الممارسات غير القانونية للمستوطنين تجاه الفلسطينيين تتمثل في أمرين، أنها تتم غالباً بحراسة القوات الأمنية الإسرائيلية وعلى مرأى منها، وأنها في معظم الأحيان لا تخضع للمحاسبة والمساءلة القانونية.

وذكر الأورومتوسطي أنّه وفي يوم الأربعاء 26/9/2018، قام مجموعة من المستوطنين (ما يقارب 30 مستوطنًا) بالاعتداء على ثلاثة شبان فلسطينيين في أحد متنزهات القطمون في القدس.

الشاب إسلام عجوة من الشيخ جراح، أحد هؤلاء الشبان الذين تمّ الاعتداء عليهم، قال بأنّ المستوطنين ضربوه ورفاقه بالحجارة والعصي الكهربائية، حيث كانوا يبحثون في المتنزه عن العرب، وعندما شاهدوه ورفاقه هجموا عليهم، ثم حضرت الشرطة إلى المكان، غير أن المستوطنين قد هربوا.

وشهد شهر سبتمبر/أيلول الماضي ارتفاعاً كبيراً في عدد حالات دخول المستوطنين في مجموعات كبيرة إلى ساحات المسجد الأقصى تحت حراسة قوات الشرطة الإسرائيلية، وعادة ما تكون مثل هذه الاقتحامات سبباً رئيساً للتوتر بين الفلسطينيين وبين قوات الشرطة والمستوطنين. وكانت "منظمات الهيكل" قد وجهت نداءات متعددة للمستوطنين عبر عدد من المواقع للمشاركة الواسعة في اقتحام المسجد الأقصى تزامناً مع أعياد ومناسبات يهودية متعددة خلال الشهر.

واقتحم قرابة 1000 مستوطن المسجد الأقصى منذ بدء ما يعرف بعيد العرش العبري، وسط حماية أمنية مشددة ومرافقة شرطة الاحتلال الإسرائيلي وقوات خاصة. وقد بلغ أوج تلك الاقتحامات في صباح يوم الخميس 27/9/2018، حيث أدى مستوطنون – قدّر عددهم بالمئات- طقوساً تلمودية بشكل علني وتحت حماية شرطة الاحتلال في ساحات المسجد الأقصى.

وحول تطبيق قانون القومية اليهودية – ذو الطابع العنصري، ذكر الأورومتوسطي أنّه و منـذ أن صـدر قانـون القوميـة الإسـرائيلي فـي شـهر يوليو/حزيـران الماضـي، لاقى موجة من الانتقادات الحادة دوليًا ومحليًا، لمـا يكتنـزه مـن قواعـد عنصريـة.

وقال الأورومتوسطي: "يبدو أنّ السلطات الإسرائيلية ماضية على أرض الواقع في تطبيق هذا القانون، وهـو مـا يثيـر مخـاوف كبيـرة ولاسـيما بالنسـبة للفلسـطينيين فـي القـدس، حيـث ينـص القانـون علـى أن حـق تقريـر المصيـر هـو لليهود حصرًا، دونًا عـن الفلسـطينيين المسـلمين الذيـن هـم سـكان القـدس حتـى قبل قيام دولة إسرائيل.

وحول حالات الهدم ومنع تراخيص البناء، أوضح الأورومتوسطي في تقريره أنّ سلطات الاحتلال الإسرائيلي تمارس سياسة تعسفية قاسية تجاه الفلسطينيين في القدس فيما يخص بيوتهم ومساكنهم، حيث تسعى إلى تهجيرهم في صورة تكتنز العديد من انتهاكات حقوق الإنسان الأساسية.

واستعرض الأورومتوسطي في التقرير عددًا من الحالات التي جرى فيها هدم منازل لفلسطينيين في مدينة القدس خلال سبتمبر 2018، منها، هدم منزل عائلة الفراح – 120 مترًا مربعًا- في بيت حنينا في مدينة القدس.

وفي تفاصيل الحادثة ذكر الأورومتوسطي أنّه وفي صباح يوم الأربعاء 5/9/2018، هدمت بلدية القدس برفقة مجموعة من الجنود والقوات الخاصة الإسرائيلية منزل عائلة الفراح، بشكل مفاجئ وبدون سابق إنذار، مما اضطرهم للسكن في مخزن وخيمة قرب منزلهم المهدوم، في بيئة لا تصلح للسكن وتشكل خطورة عليهم، وفقًا لما نقله المواطن "نعيم الفراح" في شهادة خاصة.

وقال "الفراح": "هدموا المنزل على جزء كبير من الأثاث، منها الخزائن والملابس التي بداخلها والمكيفات والتلفزيون وسرير الطفل الذي كنا قد جهزناه للمولود الجديد، حتى أنّ بعض ذهب زوجتي وجوازات السفر والذهب الخاص بزوجة ابني كاملاً تم هدم البيت عليه".

     ** تمارس سلطات الاحتلال الإسرائيلي سياسة تعسفية قاسية تجاه الفلسطينيين في القدس فيما يخص بيوتهم ومساكنهم، حيث تسعى إلى تهجيرهم في صورة تكتنز العديد من انتهاكات حقوق الإنسان الأساسية   

وعرّج الأورومتوسطي في تقريره أيضًا على حادثة هدم منزل أبو خيارة في قرية الولجة جنوب مدينة القدس، ففي صباح يوم الإثنين 3 سبتمبر 2018 هدم جنود الاحتلال الإسرائيلي، برفقة ثلاث جرافات ضخمة منزل عائلة خالد أبو خيارة (33 عاماً) في قرية الولجة، إلى جانب هدم 4 منازل أخرى وكرفان (بيت متنقل)، من بينهم منزل شقيق أبو خيارة، حيث لم يمض عام على سكنهم فيه.

قال "خالد أبو خيارة"، في تصريحات إعلامية: "لم أستطع إخراج جميع أثاث البيت وأغراضنا وأدواتنا، سوى القليل من الملابس"، مضيفاً "لم يكن معنا سوى بضعة دقائق للخروج من المنزل، وأخذنا على عجل ما استطعنا حمله من حاجاتنا الضرورية وبعض الملابس والأوراق الثبوتية".

ودعا الأورومتوسطي في نهاية تقريره السلطات الإسرائيلية إلى كف يد المستوطنين عن الممارسات غير القانونية تجاه الفلسطينيين، والعمل على حماية الفلسطينيين كغيرهم من السكان ومحاكمة من يعتدي عليهم.

وطالب بإلزام بلدية القدس بإصدار مخطط بناء واضح لمناطق القدس بما يسمح للفلسطينيين في البناء بحرية وفق متطلبات التنظيم الهندسي وليس الاستيطان، فضلًا عن إجراء التحقيقات اللازمة في حوادث الاعتداء على الفلسطينيين في مدينة القدس، والاتهامات الكاذبة بحقهم، وتعويض الذين تعرضوا لإجراءات تعسفية تعويضًا عادلًا ومحاسبة المسؤولين عن تلك الانتهاكات.

وجدد الأورومتوسطي دعوته للمجتمع الدولي  بضرورة الضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي لوقف انتهاكاتها في القدس المحتلة وتحذيرها من مغبة استمرار انتهاكات الحريات الدينية في المدينة المقدسة وسياسات هدم المنازل، مطالبًا بالعمل عبر اجتماع للدول الأعضاء في اتفاقيات جنيف على كفالة احترام سلطات الاحتلال الإسرائيلي للاتفاقية، بما في ذلك الامتناع عن التهجير القسري والاعتقال التعسفي واحترام الحريات الدينية ووقف التعديات على المسجد الأقصى.