الصفدي: الفصائل لم تُحقق أيّ إنجاز من الأهداف الوطنية لشعبها في العقدين الأخيرين على الأقل.. ومسيرات العودة تحوّلت إلى مشاريع استثمارية

2019-01-24

الصفدي: الفصائل لم تُحقق أيّ إنجاز من الأهداف الوطنية لشعبها في العقدين الأخيرين على الأقل.. ومسيرات العودة تحوّلت إلى مشاريع استثمارية

* غزة تعيش مأساة حقيقة *  قرارات الوطني والمركزي من الذي يعطل تنفيذها؟ .

* على شعبنا أن ينتفض على كل أولئك الذي يُعرقلون مسيرة حياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وما يجري الآن من صراع يعكس مصالح خاصة.  

غزة: وصف عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني، طلعت الصفدي، الوضع على الساحة الفلسطينية، وخاصة في قطاع غزة، بأنه مأساوي وكارثي جداً، مشدداً على ضرورة انتفاض الشعب الفلسطيني على حكامه، للخروج من حالة الانقسام المستمرة منذ 12 عاماً.

وأضاف في حوار صحفي مع "دنيا الوطن": أن الشعب الفلسطيني يعيش مأساة حقيقية، خاصة في قطاع غزة، وجزء كبير من الشباب أصبحوا بلا كرامة في وطنهم، مشيراً إلى أن مسيرات العودة تحوّلت إلى مشاريع استثمارية، هدفها الأموال فقط، التي لا تصل إلى الجميع.

وقال الصفدي في حواره: إن المقاومة بالشكل والصيغة السائدة منذ فترة، وكذلك المفاوضات برمتها، لم تحميا مصالح الشعب الفلسطيني أو تقتربا من تحقيق أهدافه الوطنية وحل مشاكله وهمومه العامة التي يعاني منها منذ عدة سنوات، مؤكداً أنه لا مجال بالقول إننا انتصرنا في أي مواجهة مع الاحتلال، ودم الفلسطينيين لا يعني بأننا انتصرنا.

وفيما يلي نص الحوار مع عضو المكتب السياسي لحزب الشعب، طلعت الصفدي:

1- بداية كيف تصف الوضع الآن فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، خاصة بعد الإجراءات التي صاحبت منع إقامة مهرجان حركة فتح في غزة، وما أعقب ذلك من اعتقال لكوادر فتح وانسحاب موظفي السلطة من المعبر؟

الوضع الآن مأساوي جداً ومزرٍ ويُحتم على شعبنا الفلسطيني، أن ينتفض على كل أولئك الذي يُعرقلون مسيرة حياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وما يجري الآن من صراع داخلي، ما بين القوتين السلطة الوطنية وحركة حماس، يعكس أن هناك من يبحث عن مصالحه الخاصة، ولا يهمه ما يتعرض له الشعب الفلسطيني خلال الـ 12 سنة الماضية.

للأسف الشديد الشعب الفلسطيني وخصوصاً في غزة، يعيش مأساة حقيقة، تحول الناس إلى متسولين والفصائل الفلسطينية والحركات الوطنية، عجزت عن أن تكون السند الحقيقي لهذا الشعب، أنا شخصياً، أؤكد أن أغلب القيادات الوطنية، إن كانت اليسارية والإسلامية والعلمانية وغيرهم، غير مؤهلين لقيادة الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة.

نحن نعيش واقعاً مريراً لأن الشعب الفلسطيني مُحتار فيمن يواجه، يواجه الانقسام، أو التدهور الحقيقي أم تدخل الأجهزة الأمنية في غزة والضفة، أم الاحتلال الإسرائيلي، الذي يحاول أن يستفيد من حالة الانقسام، والتي أكدت كل الدوائر الإسرائيلية، أن الانسحاب من قطاع غزة، كان له هدف واضح، ويبدو أن الأهداف التي جرت تعكس الرؤية الإسرائيلية، وهي محاولة خلق صراع داخلي بين العلمانيين والإسلاميين.

الاحتلال لا يهمه قوانين ولا شرعية دولية، يهمه أن يحقق الهدف بفصل قطاع غزة كلياً عن باقي الوطن، سياسياً واجتماعياً وجغرافياً، ونحن نشاهد ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي، بدعم من الولايات المتحدة، ونتقاتل على سلطة مسمومة، لا يوجد أي قائد أو أي مسؤول يتحرك إلا بإذن التصريح الإسرائيلي، وبالتالي ما نعيشه مهزلة ومأساة وكارثة، ونحن الآن نتحدث عن دولة ومجتمع، أين هي الدولة الفلسطينية ذات السيادة الكاملة، لا يوجد سيادة على الأرض، ولا سيادة على السكان.

كل القوى الوطنية الفلسطينية بكافة تفرعاتها فشلت فشلاً ذريعاً في إنهاء الاحتلال، وتعزيز دور وصمود المواطن، كيف يمكن للمواطن أن يكون سنداً ما دام لا يشعر بقيمة هذا الوطن، خاصة أكثر من 20 ألفاً من غزة هاجروا، بسبب هذه الأوضاع المأساوية، وكان آخرهم الشاب أبو سيدو شهيد الهجرة.

وأضاف: فقدنا الدعم الدولي، فقدنا الدعم في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية بسبب الانقسام، فلماذا هذا الانقسام ومن المستفيد، المستفيد الوحيد هو الاحتلال الإسرائيلي، وأيضاً أنظمة التخلف في العالم العربي، التي عجزت عن تقديم الدعم المادي والمعنوي للشعب الفلسطيني، خاصة في مدينة القدس، التي تتعرض للتهويد، والمواطن يتعرض هناك لكل المعاناة، ماذا قدمنا لهم؟ للأسف لا شيء، هذه المأساة الحقيقية ومنظمة التحرير، غابت أن تقود الشعب الفلسطيني، وتحوّلت إلى ذيلية للسلطة، والأخيرة هي التي تقود المنظمة.

أنت تشاهد وترى بأم عينك المجلس الوطني والمركزي يتخذ قرارات منذ شهر أيار/ مايو الماضي، لم يتم تنفيذ هذه القرارات، من الذي يعطل تنفيذها؟ للأسف كأنه لا قيمة للشهداء والجرحى، والأسرى الذين يخوضون معارك حقيقية في (عوفر)، ونحن لم نتحرك بالمعنى الحقيقي، أين هي انتفاضة الشعب الفلسطيني؟

2- هل نحن أقرب إلى انفصال في ظل استمرار الانقسام لمدة 12 عاماً، والإجراءات التي كانت خلال هذه الفترة؟

دعني أقول: إن شارون خطّط والبعض نفذ، في الانسحاب أحادي الجانب، وهذا ما أعلنه الخبراء السياسيون والعسكريون الأمنيون في مركز "جاسي" عام 1988 في جامعة تل أبيب، عندما أكدوا أن هناك ستة سيناريوهات لحل القضية الفلسطينية، والانسحاب من غزة كان أحد السيناريوهات.

وجاء الانسحاب كما خططوا ونجحوا في تنفيذه لكن على مراحل، نحن نقول: إن الانفصال أمام هذا الواقع ربما يتحوّل إلى شيء طبيعي عند الناس لأننا خلال 12 عاماً، ونحن مفصولون عن الضفة وعن القدس وعن أراضي عام 48، ونحن في حصار، وحتى اللحظة نبلع المنجل والطعم، طعم الحديث عن المقاومة والمفاوضات، فلا المفاوضات قادرة ولا المقاومة قادرة أن تحلا مشاكل الشعب الفلسطيني. إن المقاومة بالشكل والصيغة السائدة منذ فترة وكذلك المفاوضات برمتها، لم تحميا مصالح شعبنا أو تقتربا من تحقيق أهدافه الوطنية وحل مشاكله وهمومه العامة التي يعاني منها منذ عدة سنوات. نحن نعيش مرحلة خطيرة جداً، لذلك يجب أن نعيد النظر في مناهجنا وبرامجنا وأساليب عملنا.

3- كيف تقيّم تجاربنا مع الاحتلال الإسرائيلي، إن كانت سلمية أو عسكرية أو دبلوماسية خلال الفترة الماضية؟

للأسف لا مجال لأن نقول انتصرنا، نحن لم ننتصر على الاحتلال، والدم لا يعني أننا انتصرنا، ماذا حققنا للقضية الوطنية الفلسطينية، على المستوى الداخلي والدولي والمقاطعة ومواجهة التطبيع؟ والأنظمة العربية تضحك علينا بفتات الأموال حتى تقول إنها ساعدتنا.

4- بالحديث عن مسيرات العودة، كيف تقيّم هذه المسيرات بعد تقريباً أقل من عام على بدايتها، وهل حققت أهدافها، وهل تم تقديم ما يجب للجرحى وعائلات الشهداء؟

نحن نتحدث عن مسيرات العودة، وهناك 30 ألف جريج، ماذا قدما لهؤلاء من علاج مثلاَ، هل تم حل مشاكلهم الاقتصادية والاجتماعية، لقد جرى استغلال للمسيرات وتحوّل كل شيء إلى مشاريع استثمارية تستفيد منه أنظمة التخلف العربية، وعلى رأسها قطر والسعودية وإيران، وهم يخدعون الشعب الفلسطيني ببعض الأموال التي يقدمونها، في حين أنهم يقدمون مليارات الدولارات للولايات المتحدة.

مرة أخرى، ماذا حققت مسيرات العودة، نحن لم نحقق أي تقدم حقيقي، وننتظر كل جمعة لتقديم الشهداء، وهنا أقول إن مسيرات العودة أداة ليست مقدسة، يمكن أن نغيرها، أنا شاركت في هذه المسيرات بالبداية، ولكنها أصبحت مشاريع استثمارية للحصول على أموال من هنا وهناك، نحن مع كل وسائل النضال، نحن بجاجة إلى البعد السياسي والدبلوماسي والعمل مع العالم، وحتى إلى العمل العنيف، ولكن أي وسيلة يمكن أن تخدمنا في هذه المرحلة، وللأسف حتى الأموال لا تصل إلى الجميع، عندما يصل عدد الجرحى إلى 30 ألف مواطن، ومنهم أصحاب الإعاقات، من المسؤول عن هذا الكلام، لماذا لا نحمي الشباب، ومسيرات العودة تذكرني بالانتفاضة الكبرى عام 1987 عندنا شاركت كل شرائح شعبنا بها، لكن بعد سنة أو سنتين تحولت الانتفاضة إلى عسكرية، وبدأنا نرى الملثمين، يعتدون على المواطنين.
5- هل يعني كلامك أن الفصائل الفلسطينية فشلت، ولم تحقق أيّ إنجاز يذكر لشعبها؟

للأسف الفصال الفلسطينية لم تحقق أيّ انجاز ملموس على صعيد الأهداف الوطنية الأساسية للشعب الفلسطيني خلال العقدين الأخيرين على الأقل، فالمخاطر على القضية والمكتسبات الوطنية تزايدت، والمشكلات التي يعاني منها الشعب الفلسطيني، زادت بشكل كبير، وزاد التعدي على حقوق الناس وحرياتهم الديمقراطية، وهناك بطالة وأمراض وجهل، وحتى الجامعات هناك تأخر كبير فيها.

للأسف الكثير من الشباب لا يعرف عن قضية فلسطين ونضالاته، لا يعرف شيئاً، أين مستوى رفع وعي الشباب، وكيف يمكن أن ننشئ جيلاً طال بهم العمر، وماذا في جعبته الآن، للأسف لا شيء

6- في ظل هذا الواقع، ما هو مصير الشباب خاصة في قطاع غزة، مع عدم وجود توظيف من قبل أي جهة، إن كانت السلطة الفلسطينية، أو حماس، وهناك الآلاف من الخريجين يصطفون في طوابير البطالة؟

مصير شباب قطاع غزة للأسف للمجهول، عندما يجري الضغط على قطاع غزة في عدم توفير العمل، يعكس حالة سيئة للغاية، لأن العمل يخلق القيمة للإنسان، وعندما لا يشعر الإنسان بقيمته في وطنه، وتقدم له كل مقومات الحياة، وعندما يشعر بأن القيادات تضغط عليه حتى حماس في غزة، ينتج ذلك عدم شعور الشاب بالكرامة والعزّة، وبالتالي يصبح محبطا ويفكر بالتالي بالهجرة، ودعني أقول حتى الجامعات، تحوّلت الى جامعات استثمارية، وأنا أسأل أين هو التخطيط في وزارة التربية والتعليم العالي؟

وحتى وزارة التعليم زوّرت التاريخ، خاصة في عدم إظهار الحقيقة بما يتعلق بالفصائل المشاركة في الانتفاضة الأولى، حيث لم تذكر المناهج بعض الأحزاب التي شاركت، لماذا هذا التجاهل؟ ولماذا لا يجري الحديث عن المناضل والشاعر الكبير معين بسيسو، سوى في سطرين فقط؟ للأسف الذي يضع المناهج صاحب منهج متطرف.