حصار الذئاب
طلال عوكل
مرة أخرى تتقدم غزة، بفضح كل الوجوه بكل الألوان، وكل الجنسيات وألوان العيون، مرة أخرى تقدم غزة مرآة كبيرة تظهر فيها وجوه الصغار والكبارة، من الذين شربوا حليب المهانة، واستبدلوا رداء الكرامة، برداءات الخزي والعار. ليس غريبًا أن يصدر عن الولايات المتحدة موقف يدين ما تصفه بالإرهاب الفلسطيني، وتمنح الحق والغطاء لإسرائيل التي تدافع عن نفسها. ولكن أي رئيس هذا الذي يصر على أن يظهر أمام العالم صغيرًا بهلوانيًا؟ لا حاجة للرئيس ترامب لأن يؤكد بأن بلاده مع إسرائيل مئة بالمئة، فهذه حقيقة لا ينكرها سوى بعض فاقدي البصر من العرب، بعد أن فقدوا البصيرة.
أمريكا مع إسرائيل مئة بالمئة، وهما عائلة واحدة، بحسب نائب الرئيس الأمريكي، وهذه العائلة المتحدة، هي ضد الفلسطينيين كل الفلسطينيين، مئة بالمئة. إن كان هذا لا يقدم جديدًا، فإن دعوة الاتحاد الأوروبي للفلسطينيين بوقف إطلاق الصواريخ، وبدون أي إشارة للعدوان الإسرائيليdن، هذه الدعوة، الموقف، ينبغي أن لا يستدعي الدهشة والاستغراب. أوروبا هي التي وقفت خلف المخطط الصهيوني منذ بداياته، وقدمت له الرعاية الكاملة حتى تحقق هدفها الأول بقيام دولة إسرائيل عام 1948، وهي أيضًا لأسبابٍ استعمارية تحرص كل الحرص على أمن إسرائيل، وتعتبر المقاومة الفلسطينية إرهابًا.
إذا كان ذلك ليس غريبًا فالغريب والمستغرب، أن يصمت العرب والمسلمون، فلا تسمع لهم صوتًا ولا همسًا يُدين الإجرام الصهيوني، وينتصر للضحية، الأمر الذي ينبغي أن يستفز عندنا كفلسطينيين سؤال لماذا نجهل نحن أيضًا تخلينا عن أنفسنا أم ماذا؟