القضاء في عين العاصفة.. قرارات الرئيس قد تشكل فرصة مهمة لإصلاح القضاء.. ولكن!

2019-07-20

القضاء في عين العاصفة..

قرارات الرئيس قد تشكل فرصة مهمة لإصلاح القضاء.. ولكن!

رام الله: أصدر الرئيس محمود عباس اليوم الخميس قرارين لهما قوة القانون، عدل في أحدهما قانون السلطة القضائية بإنزال سن تقاعد القضاة الى عمر الستين، وحل مجلس القضاء الأعلى الحالي وإنشاء مجلس قضاء أعلى انتقالي لمدة عام.

ورغم ان تفاصيل القرارات وتعديلات قانون السلطة القضائية لم تنشر، الى ان قرار الرئيس وضع الخطوط العريضة لمهمات المجلس الانتقالي، وأهمها إعادة تشكيل هيئات المحاكم في كافة الدرجات، وترتيب أوضاع القضاء وإعداد مشاريع القوانين اللازمة لإصلاح القضاء واستعادة ثقة المواطن به وتعزيز فرص الوصول للعدالة وتقصير أمد التقاضي، ومن ثم إعادة تشكيل مجلس القضاء الأعلى وفقا لأحكام القانون.

وحسب قرار الرئيس سيرأس المجلس الانتقالي المكون من سبعة أعضاء المستشار عيسى أبو شرار، رئيس المحكمة العليا ومجلس القضاء الأعلى سابقا، ويضم في عضويته كلا من المستشارين عزمي الطنجير عضو المحكمة العليا سابقا، وسلوى الصايغ عضو المحكمة العليا ومجلس القضاء الأعلى الحالي، وحسين عبيدات رئيس محكمة الاستئناف وعضو مجلس القضاء الأعلى الحالي، وعبد الكريم حنون قاضي الاستئناف والمنسب لعضوية المحكمة العليا، إضافة الى كل من النائب العام ووكيل وزارة العدل.

وأدى المستشار عيسى أبو شرار، اليوم الخميس، اليمين القانونية أمام الرئيس محمود عباس، رئيسا للمحكمة العليا، ورئيسا لمجلس القضاء الأعلى الانتقالي.

ورغم عدم معرفة تفاصيل التعديلات التي طرأت على قانون السلطة القضائية، إلا ان خبراء القانون اعتبروا ان قرارات الرئيس قد تشكل فرصة لإصلاح القضاء، اذا ما جرى تطبيق معايير وشروط تحافظ على استقلالية السلطة القضائية.

وقال رئيس الهيئة المستقلة لحقوق الانسان عمار دويك لـ"وطن للانباء"، " لم نطلع على مسودة القانون كاملة، وحتى يكون حكمنا كامل يجب رؤية القانون وبنوده" لكن ما تضمنته قرارات الرئيس بتخفيض سن التقاعد للقضاة لعمر الستين، هو تلبية لمطالبات جهات عديدة في المجتمع المدني ومنها الهيئة المستقلة لحقوق الانسان.

وأضاف دويك  "لقد سبق وان طالبنا في توصيات اللجنة الرئاسية لتطوير قطاع العدالة بتخفيض سن التقاعد، لأن هذا الامر سيسهم في ضخ دماء جديدة في القضاة، وتحسين الجسم القضائي، وسيتيح الفرصة للشباب القضاة لاخذ قرصتهم في تحسين القضاء".

وحول قرار حل مجلس القضاء الاعلى، وتشكيل مجلس قضاء انتقالي قال دويك " ان الاشخاص الذين وردت اسماءهم لتشكيل مجلس القضاء الاعلى  الانتقالي، هم اشخاص محل ثقة بالنسبة لنا وتحديدا رئيس المجلس عيسى ابو شرار الذي كان رئيس سابق للمجلس، ومع ذلك،  من المهم معرفة ما هي الصلاحيات المخولة للمجلس الانتقالي، وما هي الضمانات المعطاة له من اجل القيام بالدور المطلوب منه وفق قواعد مهنية وموضوعية".

وأكد دويك ان الهيئة المستقلة ستستمر في دورها في الرقابة على القضاء والمجلس الانتقال الجديد، مضيفاً "سنسعى للالتقاء بالمجلس الانتقالي، وسنقوم بمتابعة عمله للتأكد من قيامه بدوره وفق القانون والأصول، بهدف ادخال اصلاحات جدية في القضاء بما يضمن الحفاظ على استقلاليته".

من جانبه قال المدير التنفيذي للهيئة الاهلية لاستقلال القضاء وسيادة القانون ماجد العاروري، ان "قرار تشكيل مجلس قضاء أعلى انتقالي قد يشكل فرصة حقيقية لإعادة اصلاح القضاء الفلسطيني، وتعزيز ثقة الجمهور بالقضاء، خاصة اذا ما التزم المجلس الجديد بمجموعة من الضوابط والمعايير".

وحول تلك المعايير المطلوبة قال العاروري: "اهم تلك المعاييركبح جماح تدخل السلطة التنفيذية والأجهزة الامنية في عمل القضاء، وتشكيل سياج حول القضاء لمنع اي تدخلات تدخلات بعمله، وتجريم اي تدخل في القضاء من السلطة التنفيذية او حتى من القضاة انفسهم وان تتسع هذه الخطوات الاصلاحية لتشمل النيابة العامة".

وأضاف العاروري موضحا المعايير المطلوبة قائلاً :"يقع على عاتق القضاة اعادة تماسكهم الداخلي والابتعاد عن اي مظهر من مظاهر الشللية والصراع، وان يكون جل تركيزهم تفعيل القضاء وحماية استقلاله وسرعة البت في القضايا، وان يعاد بناء مؤسسات الرقابة والمساءلة الداخلية، خاصة دائرة التفتيش القضائي ومجلس التأديب القضائي".

اما بشأن تخفيض سن تقاعد القضاة  قال العاروري ان القرار "لا يجب ان لا ينجم عنه اي مس في الحقوق الكاملة للقضاة، وان يتم التعامل معهم بهذا الشأن تعاقديا كما لو انهم تقاعدوا وفق للقانون".

وشدد العاروري على اهمية تعزيز الرقابة المجتمعية على عمل القضاء في المرحلة المقبلة، التي يمكن ان تساهم بقوة في استعادة بناء القضاء وضمان استقلاله ، وتعزيز فاعليته، وهذا يتطلب روحا مفتوحة في التعاون من مجلس القضاء الاعلى الانتقالي ومؤسسات المجتمع المدني.

واضاف العاروري "ليس من الضروري التوسع في تعديلات قانونية في هذه المرحلة بالذات، وان تترك التعديلات الى حين وجود مجلس تشريعي منتخب، فتعدد السلطات الثلاثة ووجود مجلس تشريعي منتخب هو الضمانة والبيئة الحقيقية التي يمكن ان يتحقق فيها اصلاح القضاء".

بدوره قال عضو مجلس نقابة المحامين، المحامي داوود درعاوي ان "نقابة المحامين تابعت صدور القرارات من الرئيس بشأن اصلاح القضاء، والتي نرى انها جاءت متوافقة مع توصيات اللجنة الرئاسية لتطوير القضاء، والتي شاركت فيها نقابة المحامين".

وأكد درعاوي، يقول: "ان الاسماء والشخصيات التي تم تسميتها لرئاسة وعضوية مجلس القضاء الاعلى الانتقالي هي محل اجماع في الوسط الحقوقي، ومن المأمول ان يستطيعوا تقديم شيء، لإصلاح منظومة القضاء".

ولفت درعاوي الى ضرورة مراعاة مجموعة من المحاذير، ووضعها في عين الاعتبار في عمل المجلس الانتقالي وأهمها "ضمان عدم تدخل السلطة التنفذية في عمل المجلس الانتقالي سواء من ناحية املاء اسماء محددة لإشغال مناصب قضائية، او من حيث التقاعس عن توفير متطلبات عملية الاصلاح ".

وحذر درعاوي من الذهاب الى فراغ قانوني في المحرلة المقبلة قائلاً "اذا لم يكن لدى الحكومة ارادة واضحة لتوفير كافة متطلبات عملية الاصلاح من تخصيص موازنات، وانتدابات لملأ الفراغ المترتب على تخفيض سن التقاعد، باعتقادي اننا سنذهب الى فراغ قانوني واختناق قضائي"، مشددا على ان القرار بحاجة الى مجموعة من المتطلبات لإنجاح عمل المجلس الانتقالي.

وأكد درعاوي على اهمية توجه المجلس الانتقالي لتكريس المشاركة المجتمعية في عملية الإصلاح، قائلاً "على المجلس الانتقالي ان يجلس على طاولة الحوار مع منظمات المجتمع المدني ونقابة المحامين في كافة خطوات وعمليات الاصلاح للتوافق على الخطوات الجوهرية والأساسية التي تضمن اصلاح القضاء وتمنع التدخل، وتضع حدا للتدخلات لاستقلال القضاء".

وشدد درعاوي على اهمية مراعاة عملية التعيينات القضائية التي سترتبط بالإصلاح، للخروج من ازمة الاختناق القضائي، والفجوة التي ستحصل في المحكمة العليا، ومحكمة النقض بسبب تخفيض سن التقاعد، وهي مشكلة اما ان يتم حلها باستجلاب قضاة المحكمة العليا من غزة، او القيام بتعيين محامين من نقابة المحامين الذين تنطبق عليهم شروط التعيين في المحكمة العليا، وعلى اساس الكفاءة بعيدا عن اي توجهات او ولاءات سياسية وحزبية.

وأكد درعاوي ان توفير هذه المتطلبات سيضع قطار الاصلاح على السكة الصحيحة، ودون القيام وتوفير هذه المعايير سنبقى في دوامة مفرغة ولن يكتب لعمل المجلس الانتقالي النجاح.

وكان رئيس الوزراء محمد اشتية قد اعرب يوم امس عن أمنياته بتوقيع الرئيس محمود عباس خلال هذا الأسبوع، على تعديل قانون السلطة القضائية .

وتعقيبا على تصريح اشتية، قال مدير مركز الاعلام القضائي فواز البرغوثي يوم امس انه "لم يصل مجلس القضاء الاعلى او يعرض عليه اية مشاريع قوانين تتعليق بقانون السلطة القضائية، وانه وفقا للمادة 100 من القانون الاساسي الفلسطيني، يجب اخذ رأي مجلس القضاء الاعلى وعرض مشاريع القوانين عليه، المتعلقة بالشأن القضائي".

"وطن للأنباء"