ما بين احترام القانون والعنف - "الاتحاد" الحيفاوية

2019-09-09

ما بين احترام القانون والعنف

"الاتحاد" الحيفاوية

كتبت صحيفة "الاتحاد" الحيفاوية، في كلمة لها، تقول: منذ فجر التاريخ، بدأت البشرية بسن قوانين لتضع أطرَ تعامل ما بين الناس وما بين الناس والسُلطة.

تطوّر القانون الذي بدأ بقوانين قليلة تعالج قضايا مثل القتل والسرقة وتوسع ليصل الى اصغر القضايا والامور الحياتية، فتجده يمنع امورًا تارة ويمنح حقوقًا تارةً اخرى.

في الدولة الحديثة يوضع القانون لحماية الفرد من غبائه ومن غباء  او استهتار الغير ومن غباء او اهمال المؤسسة او السلطة الحاكمة، وكذلك ايضاً بحالات اخرى يوضع القانون لمنح فئات معينة امتيازات خاصة دون العموم، مثلاً اختصار الانتظار في الدور لأصحاب الاعاقات او للمسنين... او فترة إجازة للوالدات بعد وضعهن لمواليدهن...

يحمي القانون ذاته بشكلين، اما الترهيب وهو أسلوب الغرامات والعقوبات لمن يخالفه، او من خلال التوعية وتثقيف الناس على واجب احترام سيادة القانون، فحين يكون المرء على وعي كافٍ لفائدة القانون ستجده يدافع عنه واعيًا أن القانون وجد لحمايته كفرد ولحماية وحصانة المجتمع من خلال تنظيم العلاق وفق قانون يمنح ويمنع ويتيح...

حين نمر في قرانا وبلداتنا العربية، نجد القانون يئن جريحًا منتهكًا، فلا سلطة ولا ثقافة تحمياه.

لا بل في كثير من الحالات، تجد الكثيرين منا يخالفون القانون قصدًا ظانين انهم يعاقبون الدولة ويحاربونها ويتحدونها. كثيرة هي الأمثلة ومنها على سبيل الذكر لا الحصر، قيادة سيارة في حين يحتضن والد طفله ويضعه على مقود السيارة اثناء قيادته للسيارة، او تكسير ممتلكات عامة مثل مصباح عامود كهربائي او تكسير مقاعد في محطة باصات،  او القاء  النفايات ليس بالمكان المهيء لها او حرق حاويات القمامة...

نظرية خرق القانون بمفهوم "عقاب الدولة" او "العداء للشرطة"، هو مفهوم خاطئ يقود لتوسيع خرق القانون وتذويت عداوة عمياء للقانون وخسارة كل ما يمنحه لنا من حماية وحقوق.

ليس عندي ادنى شك، ان جذور العنف في مجتمعنا بدأت من اختراق القانون وغياب اليات حمايته وشبه تذويت عام   لـ"ثقافة اختراق القانون".

حين نعلم اولادنا "ثقافة عدم احترام القانون"، سيكون انتقالهم لمرحلة العداوة للمجتمع اسهل وبالتالي تحولهم لادوات عنف يسيطر عليها فكر ملوث يشيع فيه المحرمات ويحوّل حياتنا لغاب حيث لا حكم ولا قانون.

في كل عمل نقوم به، فيه رسائل لكل من يشاهد تصرفنا، لذا وجب علينا سؤال: هل بعملي احترم القانون واي رسالة تصل مني لمن يشاهد عملي هذا! واذا كانت الاجابة ان  هنالك اختراق للقانون فكن واثقًا انك بذلك تساهم ولو بشيء بسيط في بلورة المجرم القادم في مجتمعك.

في ظل غياب حقيقي لآليات فرض القانون وشبه انعدام للشرطة واذرعها لتحمي القانون وتحقيق القانون على ارض الواقع، بقي لنا ان نحمي القانون وسيادته من خلال التوعية وتثقيف الجهلاء من ابناء مجتمعنا بمخاطر وخسارة عداوتهم للقانون.