ماذا بعد اعلان بومبيو؟ - محسن أبو رمضان

2019-11-23

ماذا بعد اعلان بومبيو؟

محسن أبو رمضان

جاء اعلان وزير الخارجية الامريكي مايك بومبيو بخصوص الاستيطان واعتباره لا يتناقض مع القانون الدولي، ليس فقط في الضفة الغربية بل ايضا بالقدس، بمثابة تتويج للموقف الامريكي الذي يتبنى بالكامل رواية اليمين المتطرف في اسرائيل.

لا ينقص الادارة الامريكية الراهنة برئاسة ترامب بعد حسم القضايا الكبرى الخاصة بالصراع، وخاصة القدس واللاجئين و"الأونروا" واخيرا تشريع الاستيطان، سوى تأييد عمليات التطهير العرقي بحق شعبنا في ظل قناعة مشتركة بوجود ونمو كل من الولايات المتحدة واسرائيل على حساب الشعب الاصلي حيث كان من الصعوبة بمكان انشاء هذه الكيانات الا على حسابه.

لم تتعد ردود الافعال سواء الرسمية او الشعبية اكثر من بيانات الشجب والاستنكار واعتبار هذا الاعلان مخالف للقانون الدولي، الى جانب التحرك الدبلوماسي بالأمم المتحدة بما يكرر ذات المشهد من ردود افعال بقيت بهذه الدائرة تجاه القرارات الامريكية السابقة بخصوص القدس واللاجئين و"الاونروا".

علما بان رد فعل اعضاء الكونجرس والذي وصل عددهم الى 150 عضوا، اضافة للموقف الاوروبي الرسمي يحفز على استثمارهم في اطار خطة وطنية سياسية ودبلوماسية واضحة.

واذا ادركنا ان اسرائيل بقيادة بنيامين نتنياهو او بغيره قد قررت حسم الصراع وبدعم غير مسبوق من الادارة الأمريكية فعلينا استخلاص النتائج والعبر من ذلك بما يعني العمل على تنفيذ قرارات المجلسين الوطني والمركزي بما يتعلق بأهمية مغادرة مربع اتفاق "اوسلو" وخاصة التنسيق الامني وبرتوكول باريس الاقتصادي وتحقيق الاستدارة المطلوبة بانتهاج مسار سياسي جديد يضع شعبنا بكل مكوناته على قاعدة سياسية جديدة تستند الى مبادئ حركة التحرر الوطني عبر اعادة صياغة المعادلة لتصبح تستند الى شعب يرفض الاحتلال ويسعى للتحرر منه.

ان ذلك يتطلب اولا بلورة رؤية وطنية فلسطينية جامعة تعمل على توحيد الشعب والارض والهوية في مواجهة سياسة التفتيت والتجزئة والحلول المجزوءة والانتقالية، كما يتطلب ذلك ايضا توحيد الاداة النضالية المجسدة بـ"م.ت.ف" عبر اعادة بنائها على قاعدة ديمقراطية وتشاركية لقيادة الكفاح الوطني وإدارته بطريقة وحدوية.

آن الاوان لتنفيذ قرارات الكل الوطني عبر انهاء الانقسام والعمل على اعادة بناء البيت الداخلي بطريقة ديمقراطية تتضمن اسس الشراكة ووفق برنامج سياسي يستند الى اننا نمر في مرحلة تحرر وطني.

طبعا واحدة من القضايا الهامة والتي من الممكن الاستناد اليها باتجاه اختيار مسار سياسي جديد هي اعلان دولة فلسطين بوصفها عضوا مراقبا بالأمم المتحدة وفق القرار 19/67. الامر الذي يعني استثمار هذا القرار بدعوة العالم للاعتراف بالدولة ومؤسساتها تحت الاحتلال واجراء الانتخابات لصالح برلمان دولة فلسطين بما يعزز من الموقف الفلسطيني المطالب بإنهاء الاحتلال عن الاراضي المحتلة عام 1967، ومطالبة العالم بالاعتراف بدولة فلسطين وذلك ردا على اعلان بومبيو وعلى سلسلة القرارات الامريكية المعادية لحقوق شعبنا.

ان العمل على ترتيب البيت الداخلي يشكل شرطا لا بديل عنه قبل الاقدام على تحركات سياسية ونضالية، حيث يتطلب ذلك الاتفاق على الرؤية واشكال النضال وخاصة ذات الطابع الشعبي وذلك بصورة جماعية ليتم توظيفها لصالح المصلحة الوطنية العليا لشعبنا وذلك بعيدا عن الرهان على خيارات ذاتية واحادية من هنا او هناك.