الهيئة المستقلة لحقوق الانسان تنوي مقاضاة البنوك لإجبارها على عدم إغلاق حسابات الأسرى

2020-05-11

الهيئة المستقلة لحقوق الانسان تنوي مقاضاة البنوك لإجبارها على عدم إغلاق حسابات الأسرى

رام الله: أكد مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان د.عمار دويك أن الهيئة تنوي مقاضاة بعض البنوك العاملة في فلسطين لدى القضاء الفلسطيني لإغلاقها حسابات عدد من الأسرى، بينما قال مدير عام البنك الوطني أحمد الحج حسن أن السلطة أخطأت حينما وثقت بالوعد الإسرائيلي بعدم تنفيذ القرار العسكري بشأن إغلاق حسابات الأسرى البنكية، إذ تراجع الاحتلال عن وعده في اللحظة الأخير، فيما اعتبر رئيس نادي الأسير قدورة فارس أن الأمر العسكري يعتبر بمثابة إعادة احتلال لرام الله بما تمثله من عاصمة سياسية للسلطة الفلسطينية.

وأوضحوا أن الأمر العسكري خطير لأنه يمس صلاحية السلطة ويعرض كل من يتعامل بشأن أموال الأسرى للخطر الملاحقة والاعتقال ومصادرة أمواله، ويجب على القيادة السياسية الفلسطينية أن تواجهه بموقف حازم حتى النهاية وعدم ترك البنوك وحدها في مواجهته.

جاء ذلك خلال برنامج "عدل" الذي يقدمه المحامي أنس الكسواني، ويبث عبر "شبكة وطن الإعلامية"، بالشراكة مع الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان.

دويك: ننوي رفع قضية ضد البنوك لإجبارها على عدم إغلاق حسابات الأسرى

وقال مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان د. عمار دويك إنه منذ اقرار قانون اقتطاع اموال الاسرى من المقاصة، جمدت دولة الاحتلال 700 مليون شيقل من اموال المقاصة، مما سبب عجز لدى الحكومة.

وأضاف أن الامر العسكري الاسرائيلي الجديد صدر في 9/2/2020، ويأتي منسجما مع القانون الصادر عن الكنيست، ولم ينشر في نشرة الاوامر العسكرية الاسرائيلية، وهذا مدخل للطعن فيه قانونيا، وحسب علمي ان الجهات الفلسطينية على علم به منذ ذلك الوقت، لكن السؤال الموجه لرئيس سلطة النقد، ماذا فعلت خلال الثلاثة الشهور الماضية؟. موضحا: كان من المفترض ان تم بلورة موقف وطني لمواجهته، بدل التفاجؤ بإغلاق أحد البنوك بعض الحسابات.

وأوضح دويك أن الامر العسكري الإسرائيلي به خطورة من ناحيتين، الأولى قد يكون من أوائل الاوامر العسكرية التي تدخل على خط صلاحية السلطة كما هي محددة في اتفاقية باريس الاقتصادي، حيث قطاع البنوك احيل لصلاحية السلطة الوطنية وفق اتفاق اوسلو، بالتالي الامر العسكري هو انتقاص جديد من الصلاحيات الممنوحة للسلطة، والخطورة الثانية هي ما يترتب من عقوبات جزائية ومدنية على كل من يتعامل بملف الاسرى وليس فقط البنوك بل حتى من يتعامل بوثائق الاسرى مثل الموظفين في هيئة شؤون الاسرى ووزارة المالية، كما انه اعطى صلاحيات واسعة للجندي الاسرائيلي دون الرجوع للقاضي العسكري بأن يقوم بتجميد ارصدة بقرار ميداني عسكري، ووضع مواد تحد من لجوء الفلسطينيين للقضاء، بالتالي هذا خطير جدا، ويجب النضال من اجل اسقاطه .

وقال: حسب علمي لم يكن هناك تحرك جدي من تاريخ 9/2/2020 حتى 9/5/2020 لدراسة القرار من كافة جوانبه السياسية والقانونية. مضيفا: البنك الذي سارع بإغلاق الحسابات بشكل منفرد دون الرجوع لسلطة النقد، لم يتصرف حسب الاصول، صحيح انه يخشى من الأمر العسكري، لكن على البنوك التصرف وفق تعليمات سلطة النقد.

وبيّن دويك أن الهيئة المستقلة تنوي التوجه للقضاء الفلسطيني لإلزام البنوك بفتح حسابات الاسرى وعدم الاستجابة للأوامر العسكرية.

وفي حال عدم التزام البنوك، أكد دويك أن البنوك العاملة في فلسطين يجب ان تلتزم بتعليمات سلطة النقد، وفي حال وجود بنوك لا تستطيع الالتزام بامكانها ان تنسحب من فلسطين.

وقال: لدينا مشكلة سابقة مع كثير من البنوك بأنها تتخذ اجراءات بحق بعض الحسابات بشكل احادي دون الرجوع لسلطة النقد وتتجاوز المعايير التي وضعتها المنظومة الدولية لمحاربة "الارهاب"، وتتخذ اجراءات قاسية مثل رفضها التحويل لغزة ورفض فتح حسابات لجمعيات خيرية، واغلاق حسابات شخصية دون ابداء الاسباب، وهذا تحدثنا فيه سابقا مع سلطة النقد ووعدت بمتابعة ذلك، لكنها اشارت إلى ان بعض هذه البنوك تواجه قضايا في امريكا وفي اسرائيل .

وأضاف: نحن نرفض بشكل مطلق التحريض على البنوك والهجوم عليها او العنف او استخدام القوة ضدها، فهي تعمل وفق القوانين الفلسطينية واذا خالفتها يمكن اتخاذ الاجراءات الادارية بحقها ، وهي جزء مهم من الاقتصاد الفلسطيني ومن مصلحتنا الحفاظ عليها، ونحن مع حق الاسرى في تلقي مخصصاتهم، ولكن بما لا يؤدي الى ان يتم استغلال الوضع من الاحتلال لتسديد الضربة للقطاع المصرفي الفلسطيني.

وأوضح دويك أن 20 أمر عسكري صدرت منذ بداية العام ولم تنشر في نشرة الأوامر العسكرية وجميعها خطيرة ، وبحاجة لوقفة وطنية لدراستها ومواجهتها. مضيفاً: مواجهة الامر العسكري يجب ان تكون مدروسة والذهاب في مواجهتها حتى النهاية، وليس تكرار تجربة العام الماضي عندما احتجز الاحتلال أموال المقاصة.

وقال إن الأمر العسكري اكبر من البنوك وقد يكون اكبر من سلطة النقد، وهو بحاجة لوقفة وطنية وحلفاء من الدول العربية خاصة التي لديها بنوك عاملة في فلسطين مثل الأردن، بمعنى ان ضرب البنوك لا يعني فقط ضرب الاقتصاد الفلسطيني وإنما ضرب الاقتصاد الاردني ايضا، لان لديها بنوك عاملة في فلسطين، وأي هزة لها ستؤثر على الاقتصاد الاردني.

وأضاف: يجب العمل على هذا الموضوع على المستوى السياسي والقانوني والحقوقي والاعلامي وغيرها، وهو بحاجة لحشد جميع القوى .

وقال إنه بالإمكان ايجاد حلول فنية للقرار العسكري الإسرائيلي، لكن اسرائيل سوف تستمر في التحريض على الاسرى وملاحقة اموالهم، لذلك بحاجة لتصدي وطني ونفس استرتايجي.

وأشار إلى أنه "في في اجتماع للقناصل الاجانب دعا له صائب عريقات العام الماضي، قلت حينها ان مخصصات الاسرى هي حق دستوري لهم، وهذا الحق مكفول باتفاقية جنيف الرابعة، وهو يدخل ضمن المساعدات الاجتماعية لضحايا الاحتلال، لان الاسرى هم ضحايا الاحتلال، وقد طلبنا من ممثلين من الاتحاد الاوروبي ان يأتوا بلجنة من الخبراء القانونيين غير المنحازين وان يدققوا على منظومة مساعدة الاسرى وفق المنظور الدولي، ونحن متأكدون أن كل ما يقدم للأسرى هو واجب على الدولة من حماية ورعاية اجتماعية للفئات التي تضررت من الاحتلال.

الحاج حسن: أخطأنا بوثوقنا بوعد الإسرائيليين بعدم تنفيذ القرار، ثم تراجعوا عن وعدهم

من جانبه، قال مدير عام البنك الوطني أحمد الحاج حسن، إن قضية حسابات الأسرى هي قضية قديمة وليست جديدة ولم تظهر فقط في القرار العسكري، حيث منذ سنوات طويلة يضغط الاسرائيليون عبر وسائل مختلفة وعبر الجهات الدولية باتجاه وقفها، وكنا قادرين على التعامل مع هذه الضغوطات التي تسبب خسائر سنوية ، وكانت دائما اجوبتنا اننا ملتزمون بالقوائم الفلسطينية "للارهاب" وقائمة الامم المتحدة "للارهاب" وبقوائم الدول التي تربطنا معها اتفاقيات والتي ليس من ضمنها "اسرائيل"، بالتالي كنا دائما نعطي الاجابة اننا لا ندقق على مصروفات الحكومة، اي انه ليس من وظيفتنا كقطاع خاص ان نقوم بالتدقيق على مصروفات الحكومة، بل هي من ينظم عملنا وليس العكس.

وأضاف الحاج حسن: حدث التصعيد الاخير بالقرار العسكري، حيث اتصلت البنوك بسلطة النقد للاستفسار حول كيفية التعامل مع هذا القرار، حيث قامت سلطة النقد بدورها بالاتصال بالجهات المختصة بداخل السلطة الوطنية وكانت الاجابة ان نتائج الاتصالات مع الاسرائيليين بان القرار سيتم تأجيل تنفيذه، لكن أعتقد اننا كفلسطينيين اخطأنا بأننا اعتمدنا على الوعد الاسرائيلي، لأنهم تراجعوا عن وعدهم في اللحظة الاخيرة.

وأوضح أن البنوك درست الأمر العسكرية الإسرائيلي الذي سيلحق خسائر كبيرة، منها حجز اموال البنوك، وفرض عقوبات عسكرية على كوادر البنوك والتي تشمل السجن والغرامة، ورفع دعاوى تعويض ضد البنوك.

وقال الحاج حسن إن البنوك لا تمتلك القدرة على مقاومة هذه المخاطر وحدها، لأنه هذا قرار عسكري لا يستند الى القانون وانما الى قوة جيش الاحتلال ، وفي ظل عدم وجود تعلميات واضحة من الجهات الرسمية في كيفية التعامل مع الأمر العسكري، للأسف لم تكن اجراءات البنوك على نفس الدرجة، فمنها من ذهب باتجاه درجة كبيرة من التحفظ ، وبعض البنوك نفذ القرار، وبعض البنوك لم تنفذ وغالبية الحسابات لم ينفذ عليها القرار.

وأضاف أن الأزمة حدثت وانتقلت للشارع، مع العلم أنه لم يناقش في الاجتماعات شرعية دفع اموال الاسرى وإنما كل ما تم نقاشه هو ما هي الآلية الأنسب لدفع الرواتب، وبعدها تدخل رئيس الوزراء وجمدت الاجراءات ، بناء على لجنة ستدرس ايجاد آليات بديلة لدفع مستحقات الاسرى بطريقة تحفظ كرامتهم وحقوقهم وتحمي الجهاز المالي الفلسطيني من بطش الاسرائيليين.

وأكد على أهمية صدور موقف سياسي من القيادة السياسية. قائلا: لم يسجل علينا ان خرجنا على قرار محكمة او قرار وطني، واذا صدر قرار من القضاء الفلسطيني سنلتزم به.

وأشار إلى أنه في العام الماضي نشبت ازمتان في الاقتصاد الفلسطيني، الأولى تتعلق بأزمة اقتطاع مخصصات الاسرى من اموال المقاصة، ثم جاءت ازمة ديوان الكهرباء وهي ايضا مرتبطة بالاحتلال، حيث تدخلت البنوك في الحالتين لحل الأزمتين ، بالتالي لم نكن خارج السياق الوطني، نفهم بعض الاجراءات وبالحوار يتم حلها، لكن اليوم نتحدث عن وضع مختلف، لا يمكن للبنوك التعامل معه مثل اقتحام جيش الاحتلال فرع احد البنوك ومصادرة أمواله، ولا نستطيع حماية الموظف من الاعتقال.

وفيما يتعلق بتصريح وزير المالية شكري بشارة بأن جمعية البنوك لم تتواصل مع وزارة المالية بشأن المخاطر التي ستقع على البنوك نتيجة وجود حسابات الأسرى لديها، أكد الحاج حسن أنه كان هناك اتصال من جمعية البنوك مع بشارة، وهو قام بتفسيره على أنه اتصال شخصي ولم يكن مراسلة.

وقال نحن نطلب من الحكومة موقف قانوني وموقف وطني جامع يغطينا، لانه اذا لم يكن هناك موقف قانوني لا نستطيع تبرير عدم التزام البنوك بالأمر العسكري. مؤكداً أن "الموقف الوطني والقانوني يدعمنا ويعززنا".

وأضاف "أن لايكون قرار وطني لمواجهة الأمر العسكري ويطلب من البنوك وحدها مواجهته، هذا مستحيل وغير ممكن".

وأوضح أنه يجب ان العمل على كل المستويات ، والأصل إلغاء القرار وليس تجميده، ونحن علمنا بالقرار من منظمة اسرائيلية مقربة من حكومة الاحتلال، وقامت بتسليم القرار لاثنين من رؤساء مجالس إدارات البنوك، وذهبت المنظمة بالتهديد بالمصادرة والاعتقال لمدة 7 سنوات، وطلبت ايضا بتجميد حسابات الأسرى وتسليمها لقائد جيش الاحتلال.

وأكد أن أموال الأسرى حق لهم، ولا يوجد نقاش أو صراع فلسطيني على ذلك، حتى وان اختلفت وجهات النظر، وانا اتفق مع د. دويك ان من لا يريد الالتزم بالقانون الفلسطيني يجب عليه ان لا يعمل في فلسطين.

فارس: الأمر العسكري الجديد بمثابة إعادة احتلال لرام الله ويجب أن يواجه سياسياً

من جهته، قال رئيس نادي الأسير قدورة فارس إن الامر العسكري الجديد لا يستهدف الاسرى فقط، وانما بمثابة اعادة احتلال لرام الله لما ترمز له كعاصمة سياسية مؤقتة للسلطة الوطنية ، حيث استعملت قضية الاسرى كعملية تحريض ممنهجة.

وأضاف: بدأ الموضوع من خلال تواصل نتنياهو من دول العالم وطلبه منها ان تضغط على الرئيس ابو مازن لوقف دعمه للأسرى، ثم تضخم الموضوع حتى ترجم على شكل قانون في الكنيست ، ثم جاء وزير جيش الاحتلال بينيت واصدر عدة قرارات ليسجل نقاط لصالحه في الانتخابات القادمة، أي أن كل هذه الاجراءات هي مزايدات بين الاحزاب اليمينية الاسرائيلية.

وقال فارس "يجب ان لا نقرأ هذا القرار، بكيفية التعامل مع البنوك وكيفية المحافظة على رواتب الاسرى والبنوك، بل هي قضية وطنية، وتفاجأت حينما تم ترحيل الأمر للجنة فنية، لأن قرار الاحتلال هو قرار سياسي خطير، بالتالي يجب مواجهته، من خلال موقف سياسي واضح ووطني متماسك يلتزم فيه الجميع بمن فيهم البنوك".

وأوضح أن ترحيل القضية للجنة فنية خطأ كبير، لانها قضية وطنية من طراز رفيع، وهي ليست مسؤولية بنوك ولا سلطة نقد، بل هي من مسؤولية قيادة سياسية.

وقال إن البنوك حصلت على ترخيصها من سلطة النقد، وبالتالي هي شريكة المغنم والمغرم، بمعنى كان كثير من الاشتباك يحدث مع الاحتلال وقد يؤدي ذلك الاشتباك الى تضرر البنوك، لكن اسرائيل تدرك ان موقفا وطنيا حازما سيكون له نتائج.

وأكد أن القضية وطنية سياسية ويجب ان تواجه كذلك، ويجب ان تجتمع الجنة التنفيذية لبحث الامر العسكري الجديد لانه يعتبر إعادة احتلال، واذا استمرينا بالتعامل مع الموضوع بالتعايش معه واختراع حلول بديلة بدل مواجهته قد نجد انفسنا في لحظة من اللحظات ادارة فرعية للاحتلال نفسه، لذلك آن الأوان للتوصل لخلاصات والتصرف وفقا لهذه الخلصات ضمن امور جلية وواضحة ، ويجب ترك الشعب الفلسطيني ان يواجه مصيره في مواجهة الاحتلال.

وقال لو استسلمنا مقابل البقاء على الارض الفلسطينية لصبرنا على الاحتلال، لكن اذا لم نواجه الاحتلال، لا نستطيع وضع حد لشهيته في اخضاع وتركيع الشعب الفلسطيني.

وفيما يتلعق بإنصاف الشعب الفلسطيني أسراه، أكد فارس أن الشعب الفلسطيني انصف أسراه، من حيث الالتزام تجاه عائلات الاسرى، وعمليات التبادل التي نجحت بها الثورة الفلسطينية، والحب الذي يلقاه الأسير والشهيد والذي بمثابة تعبير عن وفاء للأسرى.

المصدر: "شبكة وطن الاعلامية"