​ندوة: القضية الفلسطينية في مواجهة التطبيع وتبدّلات الغطرسة الأمريكية

2020-12-15

  ندوة:

القضية الفلسطينية في مواجهة التطبيع وتبدّلات الغطرسة الأمريكية

* مخول: المعركة التي تحدث هي على تخليص الاحتلال من الشعب الفلسطيني بدون تخليص الشعب الفلسطيني من الاحتلال بدعم أمريكي.

* الشريف: العامل الفلسطيني عندما يكون فاعلًا وقويًا يترك انعكاساته المباشرة على الوضع الدولي والعربي بما في ذلك على السياسة الأمريكية.

كتبت: مريم أبو الهيجاء

أقامت صحيفة "الاتّحاد" الحيفاوية، يوم السّبت الماضي، ندوتها الرقميّة الثّالثة في ظلّ جائحة كورونا بعنوان "القضيّة الفلسطينيّة، مسارات التطبيع العربيّ في ظل تبدّل الإدارة الأمريكية"، كجزء من سيرورة مشروعنا التثقيفي والسياسي الذي نواظب على مواصلته كي نتشعّب إلى شريحة أكبر من شعبنا الفلسطيني وجمهورنا متنوّع الثقافات والحضارات محليًا وعالميًا، ولننقل تحليلات لأهم الباحثين والسياسيين والمحلّلين خاصة في هذا الوقت العصيب، في حين تشهد فيه القضية الفلسطينية محاولات حثيثة وخطيرة لطمسها إن كان بالهرولة إلى التّطبيع والتتبيع، أو بالإيهام الّذي تخلّفه إدارة ترامب في أيامها الأخيرة لأرباب الرجعية العربية، وتكريس الاحتلال والاستيطان الشيطاني على حساب شعبنا الفلسطيني وقضيته العادلة.

وأجريت النّدوة عبر منظومة "الزوم" وببث حيّ ومباشر على صفحتنا في فيسبوك، بمشاركة المؤرخ والباحث في مؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت، الرفيق د. ماهر الشريف، ورئيس معهد اميل توما للدراسات الرفيق عصام مخول، في حوار أجراه الزميل المحرّر في الصحيفة حسن مصاروة، اذ تناولت أثر هزيمة دونالد ترامب مع وصول جو بايدن إلى رئاسة البيت الابيض على القضية الفلسطينية وأفقها، في مرمى الصراع العربي-الإسرائيلي ومسارات التطبيع التي تكشّفت أخيرًا فوق الطاولة، وأماطت اللثام عن مساعي الثلاثي الدنس إلى تصفية القضية الفلسطينية، وأيضًا عن تصورات وطبيعة العلاقة المستقبلية بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وإدارة الرئيس الأمريكي الجديد واثرها على العلاقات الثنائية، أي الإسرائيلية-الأمريكية، وعلى مسار المفاوضات ومجمل الصراع الدائر.

الانتخابات الأمريكية ليست مجرّد قضية داخلية

وفي مداخلته الهامّة، سلّط الرفيق عصام مخّول الضّوء على جوهر ما تنادي به دعوتنا، مرحّبًا في البداية بالرفيق ماهر وبالحدث النوعي، ومتابعًا: ان الانتخابات الأمريكية لاقت متابعة واسعة عالميًا، لأنّها ليست شأنًا أمريكيًا بالأساس إنّما عالميًا وينعكس على قضايا الشعوب والدول وعلى العلاقات الاقتصادية والتجارية، فمن تتبع خطوات إدارة ترامب، يرى أن السياسة الأمريكية تكشّفت على حقيقتها عارية، هذا الأمر الأبرز في هذا السياق. وربّما أحد الأمور التي تكشفت في الانتخابات هي ضحالة الديمقراطية الأمريكية التي تحوّلت إلى قيمة إنسانية عُليا يجب أن تفرض على الشعوب، وقبل تمترس ترامب ورفضه لنتائج الانتخابات ولهزيمته، كنت قد اقترحت على أن تقوم دول مثل فنزويلا، كوبا وإيران والشعب الفلسطيني بصياغة مشروع دولي لنشر الديمقراطية في أمريكا، فالأمر الجلي ان الديمقراطية الأمريكية ظهرت على هشاشتها فجأةً وتبين انها إذا كانت في صالح القوى النافذة وإذا لم تكن فيمكن تشويه صورتها".

وأضاف: "مداخلتي تعنى بكل وجود ظاهرة ترامب ووصولها للحكم في الولايات المتحدة، فالأزمة الأخلاقية والسياسية وتوكيل العلاقات في العالم كله والشعور بأن أمريكا تعيش في أزمة عميقة، هي ليست من نتائج حكم ترامب، انما العكس، فوصوله هو نتيجة لهذه الأزمة والاستراتيجيات الأمريكية عالميًا، في الشرق الأوسط وفي كل علاقاته مع روسيا والصين والاتحاد الأوروبي وسائر الدول، أي ان وصوله هو تعبير عن الأزمة أكثر ممّا يُقال أنه سبب الأزمة التي تواجهها السياسة الأمريكية وتعيش في ظلها، ووصول بايدن إلى الحكم هو ظاهرة مؤقتة في مفهومها وعمقها السياسي والاجتماعي".

واستطرد: "الولايات المتحدة الأمريكية تعيش تناقضات عميقة كسرت رتابة الفكر السياسي السائد منذ نهاية الحرب الأهلية، كان هنالك مراحل مختلفة ولكن الفكرة الأساسية من هم أصحاب القرار السياسي طبقيًا هناك، بقيت ثابتة، وليس صدفة هذا الثبات لمئتي عام، والذي تتنافس فيه أحزاب سياسية متشابهة في الكثير من الجوانب، وفي نهاية المطاف نحن نتحدث عن المنطقة الملاصقة للحد الفاصل بين سياسة كل من الحزب الجمهوري والديمقراطي، ففي لا تستطيع ان تحدث في هذه البنية القائمة تغييرًا جوهريًا ونوعيًا وعميقًا لعلاقات القوى داخل الولايات المتحدة الأمريكية وخارجها".

وعلى ضوء هذه الرتابة في السياسة الأمريكية كما وصفها الرفيق مخول، والتي "أخذت تتزعزع منذ عقد من الزمن، وعلى الأقل منذ الانتخابات الماضية عام 2015، كان هناك تمرد على هذه الرتابة والانقسام، والظاهرة الحقيقية في العام 2015، كانت هي هذا التمرد، والصراع الحقيقي لم يكن بين ترامب وهيلاري كلينتون، انما بين قطبين، هما ساندرز وفكرته وما يمثله من التمرد، وبين ترامب صاحب الشعبوية اليمينية المتطرفة المتوحشة، اذ أن التمرد الأهم والحقيقي من الجانب الآخر تحرك بشكل واضح في العام 2015 و 2020، مع ظهور قوة جديدة لم تتحرك بهذا الشكل الواضح الذي يرفض المقولات الأساسية التي تجمع استراتيجية الحزبين، والذي يلتقي على فكرة هيمنة الدولة العظمى والدور الامبريالي المخفي والفظ أكثر الذي يمكن التعامل به مع العالم، ولذلك الانتخابات الأمريكية لم تكن قضية داخلية فقط، بل أصبحت تخص كل شعوب العالم".

التقاء اليمين الأمريكي الشعبوي مع الصهيوني الاستيطاني

وحول القضية الفلسطينية، أشار الرفيق مخول، إلى ان "المعركة التي تحدث هي على تخليص الاحتلال من الشعب الفلسطيني بدون تخليص الشعب الفلسطيني من الاحتلال، هذه المعادلة وليس فقط الآن، بل هو مشروع صهيوني ولكن تحتضنه الولايات المتحدة الامريكية وتتحول إلى أداة في فرضه على الشعب الفلسطيني وعلى المنطقة والإقليم ككُل"، وأضاف بدوره بعدًا إضافيًا للمشهد وبشكل بانورامي فقال: "لأنني أعتقد أن الولايات المتحدة الأمريكية قد وصلت إلى قمتها وليس لديها إلى أين ترتفع أكثر بل أن تهبط أكثر، رغم كل جبروتها وعظمتها، فإنّ الولايات المتحدة في عجالة من أمرها لحسم الكثير من الملفات والحالات المفتوحة، وهذا صحيح على المستوى الطبقي الداخلي، وهذه هي الفرصة الحقيقية وربما الأخيرة لحسم الصراع مع القوى المنتجة، القوى العاملة والديمقراطية، مع الغالبية الساحقة من الشعب التي لم تشارك حتى الآن في السياسة بما يكفي،  حسم الصراع معها طبقيًا وتحميلها المسؤولية وعبء أزمات الرأسمالية، وفي صلبها الآن، دحرجة نتائج أزمة الكورونا، وما كشفته من ضعف الدولة الأكثر تطورًا عن المواجهة، وهي لا تدافع عن الغالبية الساحقة من الناس، وإنّما تجعل منهم ضحايا وتمتنع عن توظيف طاقاتها لانتصار هذه القاعدة الشعبية الواسعة".

والأمر الثاني الذي تحاول أن تحسمه أمريكا مستعجلًا، يقول مخول: " الصراع التنافسي، الاقتصادي والتجاري مع الصين، والذي يقول انه ما دامت الصين تطمح الى احتلال قمم التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، فهذا يشكل خطرًا على الأمن القومي لأمريكا، وعليها ان تكون جاهزة نوويًا للرد على ما تسميّه "التطاول" وتقليص قدرة الولايات المتحدة على الهيمنة، كما قال مايك بنس، بانه تم تطوير الترسانات النووية للرد فعلًا وهذا على حساب الجماهير الشعبية الواسعة".

وتابع: "هذا الالتقاء بين اليمين الأمريكي المتوحش واليمين الإسرائيلي الصهيوني الاحتلالي والاستيطاني في سدة الحكم، بهذا العداء للقيم الديمقراطية وللقانون الدولي، وقرارات والشرعية الدولية، اذ يغذي أحدهما الآخر، فالولايات المتحدة في عهد ترامب، أرادت أن تقضي أوّلًا على القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، وان تحسم في كل القضايا الجوهرية الخاصة بالحل النهائي، الحدود، اللاجئين، القدس، الأونروا وفي كل مجال آخر بلا استفاضة، بما في ذلك بمجرد قيام دولة فلسطينية، ما يعني أن إدارة ترامب كانت متشددة بنفس المدى الذي يتشدد فيه اليمين الاستيطاني في رفض الدولة الفلسطينية وفي دفع الحل، حتى ان صفقة القرن ليست مشروعًا امريكيًا وكنت قد كتبت عن ذلك عام 2012 كمشروع صهيوني رافض للحلّ السياسي القائم على أساس دولتين، والرجعية العربية أثبتت بوضوح هذه العمالة والتحالف مع الامبريالية والصهيونية، ونسف المفاهيم الأساسي للقضية الفلسطينية وشيطنة النضال الفلسطيني بسهولة لتتسابق على التطاول على الشعب الفلسطيني وعدالته".

أربعة عوامل تُخطر بقرب التصفية

أما الرفيق د. ماهر الشريف، فلم يركز على الانتخابات الأمريكية إنّما على القضية الفلسطينية والمخاطر التي تتعرض لها، اذ قال ذلك انطلاقًا من قناعته كما يصف بأن "العامل الفلسطيني عندما يكون فاعلًا وقويًا يترك انعكاساته المباشرة على الوضع الدولي والعربي بما في ذلك على السياسة الأمريكية، فاليوم تتعرض القضية الفلسطينية للأسف الشديد إلى مخاطر جدية تهدد فعلًا بتصفية هذه القضية"، وأضاف: "تعرض النضال الفلسطيني خلال العقود الفائتة إلى مخاطر عديدة، لكن هذه المرّة تتضافر أربعة عوامل تجعل خطر التصفية أكبر من أي يوم مضى، اذ يتمثل العامل الأوّل ببروز صهيونية جديدة في إسرائيل، قومية دينية تهدف إلى فرض الاستسلام الكامل على الشعب الفلسطيني من خلال إشعار هذا الشعب بأنه شعب مهزوم والعمل على كيّ وعيه، هذه الصهيونية الجديدة استغلت إلى حد كبير الطابع العسكري التي اتخذته الانتفاضة الثانية وسارت في مشروعها، وخاضت أربعة اعتداءات واسعة على الشعب الفلسطيني، واحد في الضفة الغربية عام 2002، وثلاثة متعاقبة في قطاع غزة،  بفرض تحقيق هذا الهدف، استطاعت أن تخلق ما يشبه الاجماع داخل إسرائيل، على أساس أن حرب عام 1948 لم تنتهِ بعد ولا بد الاستمرار، وبهذه الأجواء لاحظنا جميع المظاهر الانشقاقية في المجتمع الإسرائيلي التي شهدناها في التسعينيات قد اختفت تقريبًا وبقي هوامش لهذه الظواهر".

أما العامل الثاني، أشار د. الشريف، إلى أنه يعود إلى "سياسة إدارة ترامب، التي أرادت تصفية أهم مكونات القضية الفلسطينية وخصوصًا قضية القدس واللاجئين، فنحن نعرف انه منذ عام 1967 انتهجت الإدارات الامريكية المتعاقبة سياسة احتواء النزاع الإسرائيلي الفلسطيني دون البحث عن حلول منسجمة مع الشرعية الدولية لهذا النزاع، لكن مع ترامب انتقلنا خطوة خطيرة من الإدارة إلى التصفية، ومن خلال تحليلي لمواقف جو بايدن ووزيره المقترح للخارجية خلال الحملة الانتخابية يمكنني أن أقول واثقًا بأن إدارة بايدن ستعود في أحسن الأحوال الى نهج احتواء النزاع وإدارة الازمة ليس أكثر".

والعامل الثالث بحسب د. الشريف، فهو الوضع العربي، اذ انه بحسب قوله "لم يعرف هذا الوضع حالة من السوء والانقسام والتشتت كما اليوم، لأنّ النكبة الفلسطينية لم تعد وحيدة، بل بتنا أمام نكبات عربية في سوريا، اليمن والعراق وغيرها، هذه النكبات التقت مع توجهات جديدة ليس نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل، انما نحو التحالف مع إسرائيل، خصوصًا بعد أن شعرت بعض الأنظمة خاصة في الخليج، ان الولايات المتحدة، انما هي بصدد التفكير الجدي بالانسحاب من المنطقة لانها لم تعد بحاجة لنفطها، ولان إسرائيل باتت قوة إقليمية قادرة على الدفاع والهجوم، وأيضًا لأنّ هذه الأنظمة الخليجية شعرت انه اذا لم تنسحب أمريكا، فستكون مواقفها سلبية كما تبين عندما قُصفت منشآت أرامكو في السعودية. اذًا للحلول محل الحليف الأميركي الذي يضمن الحماية لهذه الأنظمة بات من الممكن التفكير بحليف جديد إقليمي أقرب هو إسرائيل".

واستطرد:"هناك أنظمة أخرى، استغل ترامب وضعها وقام بصفقات معها مثل إزالة اسم السودان عن قائمة الإرهاب، الصحراء الغربية مقابل التطبيع، وهكذا شهدنا سلسلة من خطوات تطبيعية، وهنا أكرّر أننا نعرف أنه في عام 2000 عند قيام الانتفاضة الثانية، فإن معظم الأنظمة التي استغلت اتفاقية أوسلو كي تقيم علاقات مع إسرائيل وتفتح مكاتب تمثيلية تجارية او دبلوماسية، أغلقت هذه المكاتب وهذه الممثليات بفعل دور العامل الفلسطيني، لذلك عندما يكون العامل الفلسطيني قويًا وقادرًا، لن تجرؤ هذه الأنظمة على انتهاج مثل هذه السياسات، لكن للأسف هذا العامل ضعيف وبأزمة".

أما العامل الرابع فهو الحاسم يعود إلى الانقسام الفلسطيني اذ أضاف د. ماهر أن "ضعف العامل السابق يتجلى بهذا الانقسام، في تهميش دور منظمة التحرير الفلسطينية لحساب السلطة الفلسطينية في تكلّس منظمات أو فصائل منظمة التحرير، عجزها عن تجديد شبابها واستقطاب شباب جدد، اضافة الى اخفاق النهج الذي اعتمدته منظمة التحرير منذ أواسط السبعينيات وتجلى بمبادرتها للسلام في المجلس الوطني عام 1988، ذلك النهج الذي قام على إقامة دولة فلسطينية في الضفة وغزة عاصمتها القدس الشرقية وضمان عودة اللاجئين حسب قرار 194، هذا النهج يبدو اليوم أمام طريق مسدود".

وتابع:"هذه الأزمة التي تواجهها الحركة الوطنية الفلسطينية خلقت تربة ملائمة لانتعاش الولاءات الجزئية، المناطقية والعشائرية على حساب الولاء الوطني المركزي، فعندما كانت منظمة التحرير في اوج صعودها لم نشهد مثل هذه الظواهر، كما أننا نلاحظ أن نتيجة هذه الأزمة ان المكسب الكبير الذي تحقق خلال العقود الماضية هو وحدة مكونات الشعب الرئيسية الثلاثة في مناطق الـ48، الضفة وغزة والشتات، باتت مهددة اليوم، فاللاجئون لا يشعرون انهم معنيون بحركة وطنية أدارت الظهر لهم، أيضًا جماهير شعبنا في الداخل تخوض معاركها منفردة الى حد كبير وليس ضمن مشروع موحد".

تغيير الاستراتيجية الكفاحية واستيعاب غياب شريك "سلام العدل الممكن"

وقدم الرفيق د. ماهر الشريف بعض الاجتهادات فيما يتعلق بتجاوز الضعف والأزمة التي تواجهها الحركة الوطنية الفلسطينية، اذ ان نقطة الانطلاق بحسب رأيه انه "في ظل وجود هذه الصهيونية الجديدة في إسرائيل لا نمتلك كفلسطينيين شريكًا نصنع معه سلام العدل الممكن، لأنه ليس العدل المطلق، فالعدل المطلق هو كلّ فلسطين، لكن هذا الشريك الذي يمكن نصنع معه عدلًا ممكنًا هو غير موجود ولن يكون موجودًا ولا في المدى القريب أو في المدى المتوسط كما أرجح". ثانيًا "استراتيجية الحركة الوطنية الفلسطينية قامت خلال العقود الماضية على أساس البحث عن دولة والاستقلال في اطارها، ولكن هذه الدولة لا تتوفر شروطها اليوم، لذلك لا بد من تغيير الاستراتيجية الكفاحية إلى التركيز على الشعب الفلسطيني ووحدة مكوناته، لأننا صحيح أننا لم نحقق استقلالًا لكننا لم نكرر تجربة عام 48، وهذا الإنجاز الكبير هو أحد أسباب أزمة الصهيونية التي ستتفاقم مع الوقت، لأنّ أرض فلسطين الانتدابية هي ارض ثنائية القومية في الواقع، فنحن كشعب بتنا كعدد اليهود الإسرائيليين في فلسطين، وبالتالي تعزيز صمود هذا الشعب هو أحد أبرز أسلحتنا".

وأضاف انه "لن يمكن تعزيز صمود الشعب، خاصة في الضفة الغربية المحتلة بدون تغيير النهج الاقتصادي الذي سارت عليه السلطة الوطنية الفلسطينية منذ قيامها الى اليوم، وفي اطار هذه الاستراتيجية الكفاحية لا بدّ من إعادة منظمة التحرير الفلسطينية وأعيد بناؤها من جديد لتمثل الشعب الفلسطيني، كما أنه لا بد من تعزيز وحدة الشعب وطرحت في هذا السياق فكرة البحث عن صيغة او اطار يضمن مشاركة كل مكونات الشعب الفلسطيني الثلاثة الرئيسي في صنع القرار الفلسطيني، وتجربة الأمناء العامون الأخيرة شهدت مشاركة ثلاثية حتى لو أن ممثلي الشعب في الداخل الفلسطيني ليسوا ممثلين في منظمة التحرير ولا يكون القرار محصورًا في الضفة وغزة، وهذا لن يكون ممكنًا دون طرح مستقبل السلطة الفلسطينية على بساط البحث، خاصة وان التنازع على السلطة كان احد تجليات الأزمة والانقسام الذي وقع في اطار هذه الحركة، ولا بد من تغيير وظائف هذه السلطة وإعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية وإعادة الطابع التحرري لها".

جدير بالذكر، ان التسجيل الخاص بالندوة ما زال محفوظًا في الصفحة الرسمية "صحيفة الاتحاد"، بحيث يمكن لمن فاتته أن يشاهدها هناك للاطلاع على الحوار الّذي دار بين الضيوف والمتابعين وعلى الأسئلة العينية التي تمت الإجابة عليها بشكل مستفيض ومحوري، كما أنّنا سنرفق هذا التسجيل في قناتنا الخاصّة على يوتيوب قريبًا، آملين أن تصبح الاتحاد نافذة لصالون سياسي وثقافي أكبر وأشمل.