الصهيونية ومعاداة السامية حليفان ضد الشعب الفلسطيني ويهود العالم | حسن مصاروة

2021-06-10

الصهيونية ومعاداة السامية حليفان ضد الشعب الفلسطيني ويهود العالم

| حسن مصاروة

في مواجهة الثورة التي تحصل في الرأي العام الأمريكي في إعادة النظر في علاقة الولايات المتحدة بإسرائيل، والتضامن مع فلسطين الذي وصل إلى مواقع عليا ومؤثرة في الحزب الديموقراطي بضغط من قاعدة الحزب المتغيرة تاريخيًا والمتجهة نحو هدم جدار الكذب الاسرائيلي، قامت الحركة الصهيونية مرعوبة بسحب ورقتها المعهودة- التخويف من معاداة السامية، والربط بين معاداة السياسات الصهيونية والاسرائيلية بمعاداة السامية، الاتهام الجاهز لكل من يتجرأ ويبدي ولو تحفظًا بسيطًا على السياسات العدوانية الاسرائيلية، في واقع خلقته يُصبح فيه مجرد الاشارة إلى الضحايا المدنيين للقصف الإسرائيلي في غزة، أو الاعتراض على قتل الأطفال، شكلاً من أشكال معاداة السامية.

وبالفعل هذه الاستراتيجية المعهودة تحقق هجوما مضادا قويا، بالرغم من أن مفعولها يتعرض لاضمحلال مستمر، لكن لا زالت تملك قوتها.

وبالفعل مجموعات النشطاء والقيادات التي أعلنت عن تضامنها مع القضية الفلسطينية ونقدها للممارسات الاسرائيلية تضطر الآن إلى إدانة معاداة السامية بقوة وعلنية، ليتحول النقاش العام من فلسطين والاحتلال وجرائم الحرب الاسرائيلية ودور الولايات المتحدة في تسليح ودعم اسرائيل، إلى معاداة السامية وخطرها. قيادات في الحزب الديموقراطي أعلنت تضامنًا مع الضحية وأدانت العدوان الإسرائيلي، بوتيرة متفاوتة، الكثير منهم يضطر إلى أن تخفيف نبرة النقد لإسرائيل واستنكار معاداة السامية. شخصيات مهمة في عالم الفن والسينما والتلفزيون منها من اضطر للتراجع قليلاً أمام الهجمة المرتدة للحركة الصهيونية وسلاحها المتآكل لكن لا يزال يحتفظ ببعض قوته، الاتهام بمعاداة السامية.

هذا السلاح، شهد تصعيدًا، في الولايات المتحدة أمام تصاعد الصوت الرافض للسياسات العدوانية الاسرائيلية قبل العدوان الأخير بسنوات، وخاصة في فترة ترامب، حينما أقر مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قانون "التوعية بمعاداة السامية" الأمريكي في عام 2016، الذي يتبنى تعريف "التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة"، ولكن لم يتم إقراره في مجلس النواب، فأصدر الرئيس دونالد ترامب في كانون الأول ديسمبر 2019 أمرا تنفيذيا لمعالجة الأمر، اعتمد فيه تعريف التحالف الدولي. وهو التعريف الذي يدرج "استهداف دولة إسرائيل، على اعتبار أنها جماعة يهودية" على أنها معاداة للسامية، ويخلط بين انتقاد الصهيونية ومعاداة السامية بشكل تشويهي يهدف إلى تجريم واسكات أي شخص تسول له نفسه انتقاد اسرائيل والصهيونية ووصمه بمعاداة السامية. والمفارقة أن هذا التعريف بالذات لمعاداة السامية هو بمعنى ما "لاسامي" بجوهره؛ فعبر تعريف اليهودية كقومية، فإن اليهود الأميركيين، بحسب هذا المنطق، أجانب بطبيعتهم، ينتمون بطبيعتهم إلى قومية أخرى، ينتمون بحكم تعريفهم إلى جماعة اثنية سياسية خارج الولايات المتحدة، مما يهدد مكانتهم المواطنية كمكون طبيعي من مكونات الشعب الأمريكي، فهم ينتمون بحكم هذا التعريف إلى "شعب" آخر، لديه دولة أخرى، خارج الولايات المتحدة.

والآن توجه انتقادات لإدارة بايدن وخصوصًا مع تصاعد قوة الجناح التقدمي في الحزب الديموقراطي، بأنها تتيح لـ “معاداة السامية" المجال للتنفس.. والمقصود بالطبع صبغ التحول-الذي لا علاقة لبايدن المساند الكبير لإسرائيل فيه- على مستوى الرأي العام والقواعد الشبابية والحراكات السياسية التقدمية تجاه اسرائيل، بتهمة معاداة السامية. لنعاين هذا التحول التاريخي الذي يؤرق الحركة الصهيونية وإسرائيل، وننظر إلى حقيقة أن أسطورة حركة الحقوق المدنية للسود في الولايات المتحدة، مارتن لوثر كينغ، الرمز الأخلاقي الذي وضع شعبية حركته على المحك حينما عارض الحرب الأمريكية في فيتنام، لم يكن يجرؤ على انتقاد اسرائيل أو السياسية الأمريكية الداعمة لها. اليوم، الحركة التي تقود نضال الحقوق المدنية للسود في الولايات المتحدة،"حياة السود مهمة"، تعلن تضامنها وتحالفها مع الشعب الفلسطيني وقضيته، ورفضها المعلن وغير المعتذر ولا المتردد، للاحتلال الاسرائيلي.. هذه الحركة والتحالف الواسع الذي تشكله مع حراكات اجتماعية شعبية تقدمية مختلفة كان لها الدور الأكبر في الاطاحة بحكم ترامب، لذلك لا تستطيع ادارة بايدن تجاهلها، وهي غير خاضعة لهيمنة اللوبيات الصهيونية ولا ترتجف أمام تهديداتها ومحاولتها لوصمها بـ “معاداة السامية".

المفارقة أنه بالذات تحت رئاسة ترامب الرئيس الأكثر دعمًا لإسرائيل وانحيازًا إلى أكثر الأجنحة يمينية وتطرفًا في الحركة الصهيونية، شهدت صعودًا غير مسبوقًا لمعاداة السامية، بل وحركات النازية الجديدة في الولايات المتحدة.. وفي قاعدة ترامب الشعبية بالذات، وترامب كان محاطًا بشخصيات معادية للسامية، قاعدته الشعبية الأكبر والداعم الأكبر لإسرائيل في الولايات المتحدة، الافنجليين، الصهيونية المسيحية هي مجموعة معادية للسامية في جوهرها، تحمل تصورات مسيانية معتوهة لمستقبل اليهود. هذا ما أدركه جيدًا اليهود في الولايات المتحدة، وصوتوا بغالبيتهم العظمى ضد ترامب. وهذا ما أثار حفيظة اليمين الاسرائيلي لدرجة اتهامهم بخيانة اليهودية.

ترامب ذاته استعمل تنميطات عنصرية معادية للسامية حين صور اليهود على انهم منقادون وراء المال وموالون بشكل كامل لإسرائيل. اذ صرح أمام غرفة مليئة باليهود، فيما يسمى "المجلس الإسرائيلي الأميركي"، بلغته المعهودة المبتعدة عن أي لباقة وصوابية سياسية: "أنتم لستم بأناس لطاف البتّة، لكنكم مضطرون للتصويت لصالحي، ليس أمامكم خيار آخر.. فلن تصوتوا لصالح فرض ضريبة على الثروة، بعضكم لا يحبني، وفي الواقع، أنا لا أحب بعضكم على الإطلاق، وستكونون أكبر مؤيدين لي، لأنكم ستخسرون أعمالكم خلال 15 دقيقة، في حال فوز الديموقراطيين بالرئاسة، لذا، لست مضطرًا لإمضاء وقتٍ طويل في اقناعكم". هكذا خطب متبنيًا أفظع اشكال التنميطيات اللاسامية الكلاسيكية حول اليهود والسيطرة المالية التي درجت في أوروبا في المنتصف الأول من القرن العشرين.

حينما وقّع ترامب القوانين التنفيذية بشأن اللا-سامية، التي تخلط بين معاداة السامية وانتقاد اسرائيل في الجامعات الأمريكية بهدف ضرب الحركات الطلابية المتضامنة مع فلسطين، كان حاضرًا في حفل التوقيع جون هاج وهو مؤسس ورئيس "مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل"، وقام بتصريحات تبدو بوضوح على أنها لاسامية، قام بتوجيه اللوم بشأن "المحرقة" على اليهود أنفسهم، وادعى أن اضطهاد هتلر لليهود كان "خطة إلهية" من أجل حمل اليهود على إقامة دولة إسرائيل المعاصرة، ووصف اليهود الليبراليين بأنهم "مسممون" و"عميان روحيًا"، واعترف أن الهجوم النووي على ايران، الذي يفضله، سوف يؤدي لموت معظم اليهود في إسرائيل.

ترامب الذي تتباكى على حكمه الحركة الصهيونية واليمين الاسرائيلي، رفض تعريف مسيرة ما يسمى "توحيد اليمين"، سيئة السمعة، التي حملت شعارات لا سامية ونازية-جديدة وملامح تفوق العرق الأبيض، والداعمة له، عام 2017، في شارلوتسفيل في فرجينيا، على أنها مسيرة تمجد الفوقية العرقية البيضاء، واللاسامية. هو ذاته الذي عين ستيف بانون في منصب كبير المستشارين الاستراتيجيين في إدارة البيت الأبيض، المتهم بشكل مباشر بمعاداة السامية وكراهية اليهود، ورئيس تحرير موقع "بريتبارت" الذي يمثل "اليمين البديل"، الذي يتبنى خطاب عنصري ضد السود. ويروج لـ “الإسلاموفوبيا"، والخطاب الذكوري، إضافة إلى معاداة السامية. "اليمين البديل"، والذي يعتبر بانون مقرباً منه ومن قيادته، لم يكن يخفي منظروه البارزون أمثال، ريتشارد سبنسر، ووايت جوهانسون، خطابهم العنصري الذي يؤكد تفوق العرق الأبيض. وهم يتبنون خطاباً ضد السود والمسلمين واليهود، حتى إن سبنسر ورفاقه رفعوا شعارات نازية للاحتفال بفوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية. اليمين البديل الذي يجمع بين معاداة السامية وبين دعم اسرائيل. هذا التعيين وخلفية بانون المعادية للسامية دفع المؤسسات اليهودية في الولايات المتحدة لمعارضة تعيينه وحاخامات من كافة أرجاء الولايات المتحدة الأمريكية قاموا بنشر إدانات، والعشرات من المنظمات اليهودية شنت حملات ضد التعيين. حتى هبت المنظمة الصهيونية الأميركية لدعم بانون ودعم ترامب في تعيينه، وتجاهلت الاتهامات الموجهة إليه بمعاداة السامية ثم انضمت اليها وزارة الخارجية الاسرائيلية، بذريعة أنه مناصر لإسرائيل.

وتظهر حالة بانون وبيئة ترامب وداعميه من المعادين للسامية، ومثلهم مثل فئات كبيرة من اليمين الفاشي في أوروبا، أن معاداة السامية، باعتبارها كراهية لليهود والأخذ بصور نمطية عنهم وشيطنتهم، لا تتناقض مع دعم إسرائيل والحركة الصهيونية باعتبارها مشروعًا موازيًا ومكملاً. بل إن دعمها يصبح امتداداً لمعاداة السامية، من منطلق أنه إذا كان هدف معاداة السامية هو طرد اليهود من أوروبا أو أميركا أو من العالم الغربي حيث يعتبرون نبتة ناشزة في تربة ليست لها، مجموعة خارجة وغريبة عن المجتمع الذي يعيشون فيه، فسيكون بالتالي إنشاء ودعم استمرار وطن قومي لليهود خارج العالم الغربي، يشكل المكان الطبيعي، الوطن الحقيقي لكل يهود العالم تكملةً لذات المشروع وامتدادًا له.

هذا التحالف الموضوعي، الفكري والسياسي، بين الصهيونية ومعاداة السامية، ليس وليد الفترة المعاصرة، وليس مرتبطًا فقط مع صعود حركات اليمين الفاشي الجديد في الولايات المتحدة وأوروبا، بل هو تحالف موضوعي تاريخي، يعود إلى جذور نشوء الحركة الصهيونية وصعودها في أوروبا وتحقيق مشروعها الاستعماري بإقامة دولة اسرائيل على أرض فلسطين وعلى أنقاض الشعب العربي الفلسطيني. وليس غريبًا في هذا السياق، أن الشخصية الأهم، كما يعتقد الكثيرون، في نجاح تطبيق الحلم الصهيوني، لم يكن هرتسل أو بن غريون، ليس فقط أنه لم يكن يهوديًا، بل كان معاديًا للسامية بشكل مكشوف وواضح، وهو اللورد ارثر جيمس بلفور وزير الخارجية البريطاني، صاحب الوعد المشؤوم في اقامة الوطن القومي لليهود في أرض فلسطين. ووعده هذا كان متسقًا تمامًا مع موقفه المعادي لليهود ووجودهم في أوروبا، ففي عام 1905، كرئيس لحكومة بريطانيا، دأب بنشاط على سن تشريع صارم ضد الأجانب المهاجرين، هدف في المقام الأول إلى منع اللاجئين اليهود الناجين من مذابح أوروبا الشرقية، من الوصول إلى بريطانيا. ومع ذلك لا يزال يعتبر تصريح هذا اللاسامي الكبير والاستعماري المخضرم، في التاريخ الصهيوني، شرعية سياسية أخلاقية حاسمة، في تنفيذ الفكرة الصهيونية واقامة دولة اسرائيل، كوطن قومي لليهود.

وفي هذا الصدد يؤكد المؤرخ الاسرائيلي، شلومو ساند، في كتابه "اختراع أرض اسرائيل"، أنه عندما طردت طوائف يهودية من أماكن سكنها على مدى التاريخ، لم تتوجه يومًا للبحث عن ملجأ في "أرضها المقدسة" بل بذلت كل الجهد للوصول إلى أماكن ايواء أخرى. وعندما بدأت الاضطهادات الحديثة والأكثر بشاعة، على شكل مذابح في الامبراطورية الروسية، وحتى مع صعود الحركة الصهيونية التي كانت مرفوضة لدى القطاعات الأوسع في المجتمعات اليهودية، توجه المضطهدون إلى أماكن أخرى غير أرض فلسطين، مع أن مشاريع الترويح للهجرة اليها كانت موجودة، وفقط جزء هامشي وصغير منهم، أولئك المشحونون بأيدلوجيا قومية حديث، تخيل وطنًا "قديمًا-جديدًا" لليهود واتجه نحو فلسطين. ويؤكد ساند أن هذا الحال كان قبل وبعد الابادة الجماعية التي ارتكبها النازيون، وأن رفض الولايات المتحدة- منذ سن التشريعات ضد المهاجرين في العام 1924 وحتى العام 1948- استيعاب ضحايا المجازر والاضطهاد الاسامي ضد اليهود، سمح بالواقع بتحويل مسار مجموعات بشرية أكبر نحو فلسطين، ويؤكد أنه لولا هذه السياسية الصارمة المعادية للهجرة والمعادية للسامية، هناك شك اذا ما كانت ستقوم دولة اسرائيل وتحقق الفكرة الصهيونية. بل ويستنتج ساند، أن ميثة "النفي والعودة" التي تعتمد عليها الحركة الصهيونية، والتي كانت حية ونشطة في القرن العشرين بسبب الاسامية الغارقة في المشاعر القومية من شأنها أن تضعف في القرن الواحد والعشرين. لكن بشرط واحد، يقول ساند، "ألا تستمر دولة اسرائيل في بذل كل ما في وسعها من أجل تستيقظ اليهود-فوبيا ومعاداة السامية من مرقدها، وتلد أشبالاً جديدة من الخوف".

وكما يشير المفكر الفلسطيني الأمريكي جوزيف مسعد فقد كانت تاريخيًا الدول التي ترعى اللاسامية رسميًا مصدرًا رئيسًا لدعم ومساعدة الحركة الصهيونية. وقد أقر قادة الحركة الصهينوينة أنّ وجود دول راعية لللاسامية هو أمر ضروري لنجاح مشروعهم. اذ قال هرتسل في كتيبه المؤسس للحركة الصهيونية، "دولة اليهود"، أن "حكومات جميع البلدان التي تستشري فيها اللاسامية ستكون مهتمة بمساعدتنا على الحصول على السيادة التي نرنو إليها"، وأضاف أنه " ليس اليهود الفقراء فقط هم من سيسهمون في صندوق لهجرة يهود أوروبا، إنما سيكون للمسيحيين، الذين يريدون التخلص منهم، اسهام كذلك". ويخلص هرتزل في مذكراته إلى أنّه "سوف يكون اللاساميون في مقدمة أصدقائنا الذين يمكننا الاعتماد عليهم، وستصبح البلدان المعادية للسامية حليفتنا". هكذا بشكل واضح ومباشر ومعبر عن التحالف التاريخي. تحالف عضوي يربط، بين رغبة المعادين للسامية من اخلاء اوروبا من اليهود بهدف التخلص منهم، ورغبة الحركة الصهيوينة باخلاء أوروبا من اليهود بهدف جلبهم إلى فلسطين من أجل تحقيق مشروعهم الاستعماري.

المنطق ذاته والتحالف ذاته يتكرر اليوم في القرن الواحد والعشرين، ففي زيارته إلى فرنسا لتأبين ضحايا عمليّات القتل الارهابية في مبنى مجلة شارلي ايبدو، وجّه رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نداءً إلى اليهود الفرنسيّين (وهم الأكثر عدداً في أوروبّا) للانتقال إلى إسرائيل لأسباب أمنيّة. وحتى قبل ذهابه إلى باريس، أعلن نتنياهو عن اعتزامه القول لليهود الفرنسيّين إنّهم "مرحّب بهم بذراعين مفتوحين" في إسرائيل. في حينه كتبت الصحيفة اليومية البولنديّة الرئيسيّة غازيتا وي بورتشا: "إسرائيل تريد فرنسا دون يهود". فعلق المفكر السلوفيني سلافوي جيجك على هذه الحادثة: "يمكن للمرء أن يضيف: وكذلك يريد الفرنسيّون المعادون للساميّة".

هذا المنطق نفسه الذي جعل اعلامي جمهوري يميني مسيحي مدافع شرس عن اسرائيل، خلال العدوان الأخير على غزة، قبل أسبوعين تقريبًا، يخرج موبخًا اليهود الامريكان في الحزب الديموقراطي، لأن ادارة بايدن في نظره لا تدعم اسرائيل بما فيه الكفاية: "إذا كنت يهوديًا وتنمي للحزب الديموقراطي، كيف لا تخجل من دعم ادارة لا تدافع عن دولتك الأم؟". فرد عليه اعلامي يهودي أمريكي في السي ان ان، جاك تابير، وهو وسطي غير معاد لإسرائيل: "عن ماذا تتكلم؟ أنا يهودي ودولتي الأم هي الولايات المتحدة، أنا مواطن أمريكي.. وادعاء غير ذلك، هو بحد ذاته معاداة للسامية"!. اليمين المسيحي المدافع عن اسرائيل والمتحالف مع الصهيونية هو من يريد نزع اليهود الأمريكان عن مواطنتهم الأمريكية وعن مجتمعهم الذي يعيشون فيه هو التجلي الأكبر لمعاداة السامية.

معاداة السامية والصهيونية حلفاء، وكلاهما متآمر على الشعب الفلسطيني وقضيته، وعلى اليهود واليهودية في العالم. لذا فإن التحالف المضاد الطبيعي، يجب أن يكون بين يهود العالم، أولئك الذي يرون أنفسهم كجزء طبيعي من المجتمعات التي يعيشون فيها، بل عاملاً تقدميًا فيها، على عكس ما تريد الصهيونية والمعادون للسامية، وبين الشعب الفلسطيني والمتضامنين معه والقوى التقدمية ضد الصهيونية وسياسات اسرائيل العدوانية في نضال موحد.