وسط احتجاجات عارمة طالت النهضة وطالبت بإسقاط الحكومة... الرئيس التونسي يتولى السلطة التنفيذية ويُقيل الحكومة ويجمّد البرلمان

2021-07-26

وسط  احتجاجات عارمة طالت النهضة وطالبت بإسقاط الحكومة

الرئيس التونسي يتولى السلطة التنفيذية ويُقيل الحكومة ويجمّد البرلمان

قرّر الرئيس التونسي قيس سعيّد، الليلة، تولي السلطة التنفيذيّة في البلاد، وذلك مع عودة الاحتجاجات إلى عدد من المدن التونسيّة احتجاجًا على الأوضاع الصعبة التي تمر بها تونس.

وأفادت وسائل إعلامٍ تونسيّة، بأنّ الرئيس سعيّد أصدر عدّة قراراتٍ هامّة عقب ترأّسه لاجتماعٍ طارئ مع القيادات العسكريّة والأمنيّة التونسيّة.

كما قرّر الرئيس التونسي إعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي من منصبه، مع تأكيده على أنّ "هذه القرارات ليست تعليقًا للدستور، ولا خروجًا عنه"، إذ أكَّد على: "ما أقوم به الآن هو في إطار القانون، ولا يمكن أن أبقى صامتًا، وملاحظًا ما يجري، بل يجب أن أتحمّل المسؤولية، وقد تحمّلتها".

ومن ضمن قرارات الرئيس أيضًا "تجميد كل اختصاصات المجلس النيابي، ورفع الحصانة عن كل أعضاء البرلمان".

وكانت عدة مدن تونسيّة، شهدت الأحد، مظاهرات احتجاجيّة لمطالبة الحكومة بالتنحي وحل البرلمان، واقتحم المتظاهرون مقرات عدة لحركة النهضة ووقعت اشتباكات مع القوات الأمنية التي فرقت المحتجين الذين طالبوا الحكومة بالتنحي وبحل البرلمان، في تصعيدٍ للغضب ضد المنظومة الحاكمة ووسط انتشارٍ سريعٍ لفيروس كورونا وتدهور الوضع الاقتصادي والسياسي.

واستهدف محتجون مقرات حزب النهضة بعدة مدن، في واحدة من أكثر موجات الاحتجاج التي تطال حركة النهضة وحزبها الذي يشكل أحد أركان معادلة الحكم منذ اسقاط زين العابدين بن علي عام ٢٠١١.

واستخدمت الشرطة التونسية قرب مقر البرلمان في العاصمة تونس، رذاذ الفلفل لتفريق المتظاهرين الذين ألقوا الحجارة ورددوا هتافات تطالب باستقالة رئيس الوزراء هشام المشيشي وحل البرلمان.

وعاشت تونس منذ أسابيع أزمة حادة، بسبب انتشار غير مسبوق لوباء كورونا، في خضم عجز عن السيطرة عليه، ما دفع البلاد إلى التوجه لطلب العون الدولي، فيما أثارت سياسة وزارة الصحة في توزيع ما حصلت عليه البلاد من لقاحات من داعميها، غضب شعبي عارم، لكونها زادت من عمق الأزمة، وفضحت حجم التخبط السائد في السياسات الحكومية لمواجهة الأزمة.

وبدأت هذه المرحلة من الأزمة بإعلان من وزارة الصحة عن أيام مفتوحة في مراكز التلقيح لفئة 18 سنة فما فوق للتسجيل والتلقيح بصفة متزامنة، وهذا القرار أثار جدلاً منذ إعلانه، إذ يؤدي لحشد تجمعات كبيرة وتكدس للمواطنين أمام مراكز الصحة، في وضع من المفترض أن تطبق فيه إجراءات صارمة لمنع التجمعات وتطبيق البروتوكول الصحي الخاص بالوباء.

لماذا النهضة؟

عوامل عدة تقود الجمهور وجزء من المعارضين لتحميل النهضة مسؤولية اخفاقات الحكومة الحالية، بجانب الخلافات السياسية الحادة، وحضورها المستمر في الحكومات التونسية والبرلمان كطرف رئيسي منذ العام ٢٠١١، اذ تملك النهضة أكبر كتلة نيابية داخل البرلمان التونسي، (54 مقعدًا من مجموع 217)، وقد أسهمت بشكل أساسي في اسقاط حكومة الياس الفخاخ رئيس الوزراء السابق، ومنح الثقة للحكومة الحالية برئاسة هشام المشيشي.

ووفقًا لمصادر إعلامية، هناك "مفاوضات غير معلنة" تمت بين المشيشي ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، حول تركيبة الحكومة، بينما التجاذب المستمر بين حركة النهضة من جانب والرئيس التونسي قيس سعيد يلعب دوره أيضًا في حالة الاحتقان السياسي، وتبادل الاتهامات المستمر، ذلك في ظل عجز المنظومة السياسية بأكملها عن معالجة أزمات البلاد الاقتصادية، وفشلها الكبير في المواجهة.

ونقلت وكالات أنباء عن شهود عيان، أنّ المئات خرجوا في قفصة وسيدي بوزيد والمنستير ونابل وصفاقس وتوزر، وفي سوسة، وحاول المتظاهرون اقتحام المقر المحلي لحزب النهضة، وفي توزر (جنوب تونس)، أظهر فيديو بث على مواقع التواصل الاجتماعي محتجين يضرمون النار في مقر النهضة ويعبثون بمحتوياته، وفي صفاقس أطلقت الشرطة قنابل الغاز لتفريق حشود كبيرة من المحتجين حاولوا الوصول لمقر النهضة.

وأعقب ذلك مواجهات عنيفة في شوارع صفاقس مع المحتجين الذين رددوا شعارات ضد النهضة متهمين الحزب بأنه المتسبب فيما آلت إليه الأوضاع من سوء، وفي الكاف اقتلع محتجون لافتات من مقر حزب النهضة واحتجوا أمامه.

بدوره، قال حزب النهضة في بيانٍ، إنّه "يدين هذه العصابات الإجرامية، التي يتم توظيفها من خارج حدود البلاد، وإشاعة مظاهر الفوضى والتخريب"، فيما قال مساعد رئيس البرلمان والقيادي بالحزب ماهر مذيوب إنّ "رسالة المحتجين الغاضبين وصلت، والعنف وأعمال التخريب مرفوضة"، لكنّ اللافت أنّ أيٍ من الأحزاب السياسية لم تتبن الاحتجاجات ولم تدعمها، حيث جاءت الاحتجاجات بدعوةٍ من ناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي تزامنًا مع ذكرى عيد الجمهورية الأحد.