قصة يوم الارض الخالد...

2024-03-29

يحيي الشعب الفلسطيني وأنصاره في كل عام، ذكرى يوم الأرض الخالد، هذا اليوم الذي انتفض فيه شعبنا في الثلاثون من آذار عام 1976 في وجهه إرهاب وعنصرية الاحتلال، ليجسد مرحلة جديدة للنضال الفلسطيني.

كانت الشرارة والتي قادتها الحركة الوطنية الفلسطينية في أراضي الـ48 وعلى رأسها الحزب الشيوعي وجبهته الظافر - الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة - حيث كان لهما الدور المميز في تعزيز صلابة الموقف السياسي والكفاحي بمواجهة سياسات وغطرسة الاحتلال، وفي تنظيم وقيادة الجماهير بانتفاضة يوم الأرض الخالد، ابتداء من الجليل والناصرة في الشمال إلى النقب في الجنوب.

وقد جرت إضرابات أيضا في وقت واحد تقريبا في الضفة الغربية وقطاع غزة، حتى عمت كل أراضي فلسطين التاريخية. فكان يوم الأرض الذي جاء رداً جماهيرياً على استمرار سياسة إسرائيل العنصرية في تقويض الأرض الفلسطينية وطرد أهلها، وهو يوماَ أكد فيه الشعب الفلسطيني مجدداَ إمكاناته وقدراته وتصميمه على الدفاع عن الأرض والتمسك بها.

الخلفية

قبل قيام دولة إسرائيل كان عرب فلسطين شعبا مزارعاً إلى حد كبير، حيث أن 75٪ كانوا يحصلون على عيشهم من الأرض. بعد نزوح الفلسطينيين نتيجة نكبة عام 1948، بقيت الأرض تلعب دوراً هاماً في حياة 156،000 من العرب الفلسطينيين الذين بقوا داخل في الداخل الفلسطيني الـ48، وبقيت الأرض مصدراً هاماً لإنتماء الفلسطينيين العرب بها.

تبنت الحكومة الإسرائيلية في عام 1950 قانون العودة لتسهيل الهجرة اليهودية إلى إسرائيل واستيعاب اللاجئين اليهود. وفي المقابل سنت قانون أملاك الغائبين الإسرائيلي والذي قوم على نحو فعال بمصادرة الأراضي التابعة للاجئين الفلسطينيين الذين فروا أو طردوا من المنطقة التي أصبحت إسرائيل في عام 1948.

كان يستخدم أيضا لمصادرة أراضي المواطنين العرب في إسرائيل " موجودة داخل الدولة، بعد تصنيفها في القانون على أنها "أملاك غائبة"، وكان يبلغ عدد "الغائبين الحاضرين" أو الفلسطينيين المشردين داخليا نحو 20 ٪ من مجموع السكان العرب الفلسطينيين في إسرائيل. يقدر سلمان أبو ستة أن بين عامي 1948 و 2003 أكثر من 1،000 كيلومترا مربعا من الأراضي صودرت من المواطنين العرب في إسرائيل.

وفقا لـ أورين يفتحئيل:" فإن الاحتجاج ضد سياسات وممارسات الدولة من بين العرب الفلسطينيين في إسرائيل كانت نادرة قبل منتصف سنة 1970، وذلك بسبب مجموعة من العوامل بما في ذلك الحكم العسكري على مناطقهم، والفقر، والعزلة، والتجزؤ في حين كانت الحركة السياسية للأرض نشطة لحوالي عقد من الزمن، وقد اعتبرت أنها غير قانونية في عام 1964، وكان أكثر المناسبات البارزة المناهضة للحكومة هي احتجاجات عيد العمال سنويا التي كان يُنظمها الحزب الشيوعي."

يوم الأرض.. 30 آذار

في مطلع العام 1975 بدأت هجمة جديدة على الأراضي العربية، عبر مخططات عنصرية كمشروع "تطوير الجليل" والذي هدف إلى تحقيق سيطرة ديموغرافية يهودية في الجليل الذي كانت غالبية مواطنيه (70 بالمئة) من العرب، حيث حاولت السلطة مصادرة 20 ألف دونم منهم أكثر من 6 آلاف دونم من الأراضي العربية، وأكثر من 8 آلاف دونم من "أرض الدولة" التي هي أصلاً منتزعة من الفلاحين العرب، بينما كان حصة الأراضي اليهودية حوالي 4 آلاف دونم فقط في منطقة صفد، أي أن المصادرة استهدفت الأراضي العربية في الأساس.

وردًا على هذه الهجمة، بادر الشيوعيين والقوى والشخصيات الوطنية إلى اجتماعات تحضيرية لعقد "مؤتمر شعبي للدفاع عن الأراضي العربية"، وعقد المؤتمر في الناصرة يوم 1975/10/18 ورافقه زخم شعبي كبير في كل القرى والمدن العربية، وانبثقت عنه "اللجنة القطرية للدفاع عن الأراضي" التي كان هدفها التصدي لمخططات نهب الأرض العربية.

وفي 1976/3/6 عقدت اللجنة اجتماعًا موسعًا في الناصرة، ودعت اللجنة إلى الإضراب في الثلاثين من آذار وتحويل هذا اليوم إلى يوم للأرض والمطالبة بوضع حد لسياسة المصادرة التي صارت تهدد وجود ومستقبل الجماهير العربية في وطنها الذي لا وطن لها سواه.

رافق قرار الحكومة بمصادرة الأراضي إعلان حظر التجول على قرى سخنين، عرابة، دير حنا، طرعان، طمرة، وكابول، من الساعة 5 مساء يوم 29 مارس 1976.

عقب ذلك دعا القادة العرب من الحزب الشيوعي الإسرائيلي، مثل توفيق زياد والذي شغل أيضا منصب رئيس بلدية الناصرة ليوم من الاضرابات العامة والاحتجاجات ضد مصادرة الأراضي والتي ستنظم يوم 30 مارس.

توفيق زياد: "الشعب قرّر الإضراب"

واثر الإعلان عن الإضراب شنت سلطة الاحتلال حملة تهديد وترهيب بهدف منع الإضراب، وفي اجتماع رؤساء السلطات المحلية

في شفاعمرو يوم 1976/3/25، أصرّ الرؤساء الوطنيون، وعلى رأسهم القائد خالد الذكر توفيق زيّاد، على موقفهم، وأكد زيّاد يقول:

وكان إضراب الثلاثين من آذار، يوم الأرض، حيث هبّ شعب بأسره في إضراب لم يسبق له مثيل شمل كل المدن والقرى العربية، فأنزل الاحتلال قواته المدججة بالدبابات والمصفَحات من جيش وشرطة، واندلعت مواجهات وصدامات، سقط خلال مرحلتها الأولى ستة شهداء.