في بيت الشاعرالشيوعي المناضل الشهيد معين بسيسو - بقلم وليد العوض

2008-12-06

في بيت الشاعرالشيوعي المناضل الشهيد معين بسيسو

كتب وليد العوض:            

بضع من أضواء خافتة مازالت متقدة في بيوت غزة المصطفة على جوانب شوارعها المقفرة إلا من بعض سيارات يحتفظ أصحابها بشيء من الوقود الآخذ في النفاذ وقبل أن يخيم عليها الظلام وتغرق غزة في ظلام دامس ، ذلك كل ما يمكن أن تقع عليه العين من علو حيث بيت الشاعر الشيوعي الراحل معين بسيسيو، ما أن تدخل بيت معين وتجول بناظريك  داخله إلا وتشعر كأنك انتقلت إلى  مكان إلى آخر تماما غير غزة  التي نعيشها في كالحة لم نعهدها حتى في أسوأ الكوابيس ،فهذا البيت الذي تسهر على العناية به صهباء البربري زوجة معين ورفيقته في كل المراحل حرصت على إبقاء كل شئ حي فيه، قبل أن تدخل غرفة الاستقبال تطالعك صورة معين شامخا كما كان الدوام والى جانبه لوحة ناطقة للفنانة تمام الأكحل، تتنقل بين اللوحات التي تحكي كل منها قصة ترويها صهباء بذاكرة تحتفظ بأدق تفاصيلها فهذه لوحة مهداة لمعين من الفنان نذير نبعه عام 1967 وأخرى من الفنان رفيق شرف وتلك من الفنانة رنا بيرقدار مهداة لمعين عام 1974 وهذه لاحمد بهجت أما هذه اللغز فلوحة للفنان التونسي رجا المهداوي توحي بصورة للمناضل الثوري الاممي تشي جيفارا وحدها أم توفيق صهباء البربري من يفسر كدليل يعرف التفاصيل لغز هذه اللوحة، لوحات  فنية في منتهى الروعة تحمل معاني كل قيم التقدم والإنسانية والعدالة  التي نبحث عنها في ظلام عصرنا الدامس كلها قدمها فنانون تقدميون لمعين بسيسيو خلال رحلة كفاحه الطويل وتنقله من منفى لآخر ، صهباء التي حملت هذه الهدايا القيمة من بلد إلى آخر حريصة كل الحرص على الاحتفاظ بها إنها ذات قيمة فنية عالية وفي ذات الوقت لها قيمة معنوية تعكس الوفاء لمعين وأحبته رفاقه وأصدقائه، في صدر صالة الاستقبال يتربع مكتب الشاعر الشهيد معين بسيسو وكرسيه وفي الفاترينا محبرته وقلمه ومجموعة من التحف والتماثيل والجوائز التي حاز معين عليها وتلك التي قدمها الكتاب والشعراء والقادة التقدميون في العالم لمعين فهذه من بولرنيا وأخرى من اسبانيا وتلك كازخستان والعديد من جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق ، الجدران تزينها صدرها لوحات ترسم  معين، هذه على غلاف فلسطين الثورة وعليها قصيدة بخط يده وأخرى رسما زيتيا لمعين يرتدي اللباس الفدائي ويضع كوفية فلسطين على كتفيه كفارس عركته ساحات الكفاح ،وهذه لوحة الوداع  التي رسمها الفنان ناجي العلي في وداع رفيقة, في بيت معين كل شيء يشعرك بالحياة والحيوية والإنسانية، كتبه، قصائده، مكتبه،كرسيه،محبرته وقلمه ، كل شيء حرصت صهباء على العناية به، أنها تقف اليوم بصلابة للحفاظ على تراث معين هذا التراث الإنساني التقدمي كما وقفت إلى جانبه والى جانب القضية التي آمنت بها منذ ستين عاما، تقف بإخلاص وصلابة كما وقفت شامخة مع رفاقها في السجن الحربي حين اقتيد الشيوعيون بعد مظاهراتهم الحاشدة التي أسقطت مشروع التوطين عام 1955 .

الشهر القادم وفي الثالث والعشرين منه يكون قد مضى ربع قرن على رحيل القائد الشيوعي الكبير معين بسيسو الأمين العام الأول للحزب الشيوعي الفلسطيني في قطاع غزة ، فهل من لمسة وفاء للقائد الراحل بعد ربع قرن على رحيله.

                                                                      وليد العوض
                                                                     عضو المكتب السياسي
                                                                      حزب الشعب الفلسطيني