قمة الاميركيتين والعلاقات بين الولايات المتحدة والقارة اللاتينية

2009-04-22

قمة الاميركيتين والعلاقات بين الولايات المتحدة والقارة اللاتينية

وكالات- اعتبر الرئيس البرازيلي لويس اناسيو لولا داسيلفا أن قمة الأمريكيتين التي انتهت في ترينيداد وتوباجو ستخلق "دينامية جديدة" داعيا نظرائه إلى مزيد من الاحترام تجاه بعضهم البعض. مضيفا:" من الممكن أن تخلق القمة دينامية جديدة من الأخوة والتعاون".
ودعا الرئيس البرازيلي نظراءه إلى تغيير تصرفاتهم. وقال "يجب أن نحترم بعضنا البعض إذا كنا نريد أن يحترمنا الآخرون أكثر".
وأعلن من جهة أخرى، انه لا يعتقد أن "قمة جديدة للأميركيتين يمكن أن تنعقد بدون كوبا لأنه لن يكون هناك أي مبرر لعكس ذلك".
وأشار أيضا إلى أن الكوبيين ليسوا بحاجة لوساطة برازيلية لتقويم علاقاتهم مع الولايات المتحدة "لأنهم يعرفون أن العالم بأسره يؤيد مشاركة كوبا في هذه القمم". يشار إلى أن كوبا التي أقصيت، وبضغط من الولايات المتحدة، عن منظمة الدول الأميركية عام 1962 لم تشارك في قمة الأميركيتين في ترينيداد وتوباغو.

خلافات حول البيان الختامي

وسادت أجواء من التفاؤل بسبب اللهجة الجديدة في التخاطب بين الولايات المتحدة ودول أمريكا اللاتينية ذات التوجهات اليسارية. لكن أجواء الدفء الدبلوماسي لم تحل دون بروز خلافات حول البيان الختامي للقمة.
وقال الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز إن بلاده وحلفاءها من الدول اليسارية بوليفيا ونيكاراغوا والدومنيكان وهندوراس، لا تعتزم التوقيع على الإعلان الختامي لمؤتمر قمة الأمريكتين احتجاجا على استبعاد كوبا من الاجتماع.

وأوضح شافيز "ليس هناك وقت لتغيير هذه الوثيقة. كنا نود أن نناقشها، ولكن نظرا لعدم وجود الوقت، فإننا لن نوقع عليها".
وكانت أجواء القمة قد شهدت أجواء وصفت بأنها إيجابية خاصة بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما وزعماء دول أمريكا اللاتينية بمن فيهم شافيز الذي قال إنه سيعيد سفير بلاده إلى واشنطن بعد سبعة أشهر من قيامه بطرد السفير الأمريكي في كراكاس تضامنا مع بوليفيا.
وقال متحدث أميركي إن وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون والرئيس الفنزويلي ناقشا إعادة السفيرين الأمريكي والفنزويلي إلى كراكاس وواشنطن.

الأزمة الاقتصادية العالمية والعلاقة مع كوبا

وبحثت قمة الأمريكيتين في سبل لمواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية وتنمية موارد الطاقة ومعالجة مخاطر تغير المناخ وتهريب الأسلحة والمخدرات. وركزت المناقشات على أثار الأزمة العالمية التي أوقفت النمو وهددت بإعادة ملايين الناس إلى حالة الفقر في الدول النامية في المنطقة.

وأعلن أوباما عن إنشاء صندوق تنمية للتمويلات الصغيرة بقيمة مائة مليون دولار لمساعدة المقرضين الصغار في نصف الكرة الأرضية الغربي على الاستمرار في تقديم القروض رغم الركود العالمي.

لكن الاجتماع هيمنت عليه مناقشات حول العلاقات الأمريكية الكوبية بعدما أشار كل من أوباما والرئيس الكوبي راؤول كاسترو إلى استعدادهما للدخول في محادثات لمحاولة إنهاء العداء المستمر منذ فترة طويلة بين بلديهما.

وكان أوباما قد وعد مع افتتاح أعمال القمة ببداية جديدة في العلاقات بين واشنطن وهافانا. إلا أن المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت غيبس شدد على أن "الكرة في ملعب كوبا". وقال "سنواصل تقييم ومراقبة ما يحدث. إننا تواقون لنرى ما الذي تنوي الحكومة الكوبية عمله".

وأبلغ أوباما 33 زعيما آخر من كل أنحاء الأمريكيتين بأنه يريد بداية جديدة مع كوبا وأنه على استعداد لمناقشة هافانا في قضايا تتراوح بين حقوق الإنسان والاقتصاد، لكنه يريد من هافانا في المقابل أن تجري إصلاحات سياسية، وهو شرط عرقل أي تقارب في الماضي.
ونال أوباما استحسانا خلال مقابلة حارة مع الرئيس الفنزويلي وهو دائما منتقد شرس للولايات المتحدة وسياساتها. وانضمت البرازيل إلى فنزويلا ودول الكاريبي في الإشادة بأوباما.

تشافيز يعلن عن عودة العلاقات الدبلوماسية

أعلن الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز خلال قمة الامريكتين في ترينيداد وتوباغو أن بلاده سترسل سفيرا لها الى الولايات المتحدة.
ونقلت شبكة (بي بي سي) ان تشافيز صرح بعد لقاء قصير جمعه مع وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون انه "من الممكن التفكير في تعيين سفير في الولايات المتحدة".

وكان تشافيز قد طرد المبعوث الامريكي في سبتمبر الماضي تضامنا مع بوليفيا ما جعل واشنطن ترد بالمثل فيما كان الخلاف حول مؤامرة مفترضة لاغتيال الرئيس البوليفي ايفو موراليس وهو صديق مقرب لتشافيز.
لكن الرئيس الأمريكي باراك اوباما صافح تشافيز للمرة الثانية خلال القمة في علامة واضحة على تحسن العلاقات كما تلقى كتابا هدية من الزعيم الفنزويلي.
ووصف تشافيز ذلك بانها "لحظة جميلة" وانه يعتبر اوباما رجلا ذكيا مقارنة بالرئيس الامريكي السابق على حد وصفه.

وكان الرئيس الأمريكي باراك اوباما قد اعرب عن التزامه باقامة "شراكة على قدم المساواة" مع دول امريكا اللاتينية معربا عن ايمانه بامكانية اعطاء "اتجاه جديد لعلاقات مع كوبا حليفة تشافيز".
وضمت مجموعة القارة اللاتينية الزعماء الاميركيين الجنوبيين ال21 الرؤساء الاكثر مناهضة لواشنطن. فبالاضافة الى الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز ، كان هناك حليفاه الرئيسان الاكوادوري رافاييل كوريا والبوليفي ايفو موراليس، بالاضافة الى دول اكثر اعتدالا في موقفها من الولايات الممتحدة كالبرازيل برئاسة لويس ايناسيو لولا دا سيلفا وتشيلي مممثلة برئيستها ميشال باشليه.

اما الرئيس الكولومبي الفارو اوريبي الذي كان حليفا اول لجورج بوش في اميركا اللاتينية فبدا في القمة غير مرتاح، بينما نظيرته الارجنتينية كريستينا كريشنر التي دأبت على انتقاد الرئيس الاميركي السابق، فتسعى الى تحسين علاقات بلادها مع الادارة الاميركية الجديدة.
وكان اوباما وضع منتقديه امام مسؤولياتهم بقوله امامهم ان "الولايات المتحدة تغيرت"، مشددا في الوقت عينه ان بلاده " ليست الوحيدة التي عليها ان تتغير ".

وبهذه الروح دعا اوباما الى "شراكة من الند الى الند" مع دول القارة ، مؤكدا لنظرائه الجنوبيين : لم آت الى هنا لاعالج مسائل الماضي بل المستقبل ، من دون ان ينسى في الوقت عينه ان المسألة الكوبية ستثار مجددا.

واعرب الرئيس الاميركي عن ثقته في امكانية اعطاء وجهة جديدة للعلاقات الاميركية-الكوبية، بينما رأت وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون في تصريح الرئيس الكوبي راوول كاسترو انفتاحا لا بد من اخذه بعين الاعتبار.
وكان راوول كاسترو اكد انه منفتح على حوار حول كل شيء مع واشنطن، بما فيه حقوق الانسان وحرية الصحافة والسجناء السياسيين .
وقال المتحدث باسم البيت الابيض روبرت جيبز ان الحكومة الامريكية تقيم تصريحات راؤول كاسترو هذا الاسبوع.

وقال جيبز "نعتقد ان هناك تغيرا في لغتهم لم نشهدها في وقت ما تماما وهو تغير يستحق بالتأكيد بحثا أكبر".
وخفف اوباما في وقت سابق من هذا الاسبوع أجزاء من الحظر الامريكي على كوبا لكن الكثير من زعماء امريكا اللاتينية والكاريبي الذين اجتمعوا هنا يرغبون في الغائها تماما.

ورحب الرئيس البرازيلي لويس داسلفيا بخطوات اوباما لتخفيف العقوبات لكنه وصفها بأنها "غير كافية". وقال "من المهم زيادتها لكن دون شروط".
ويختلف الاستقبال الحار الذي حظي به اوباما عن اخر قمة للامريكتين والتي عقدت قبل اربعة اعوام في الارجنتين حيث هاجم يساريون مثل تشافيز السياسات "الامبريالية" للرئيس الامريكي السابق جورج دبليو بوش.
واقر اوباما بفشل السياسة الاميركية حيال كوبا والتي لم تنجح في تغيير نظام كاسترو. لكنه قال ان اي حوار لا بد ان يكون بناء، ورفض اجراء حوار لمجرد الرغبة في الكلام ، غداة ما اعتبرته وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون بمثابة انفتاح من جانب المسؤولين الكوبيين.

محاولة اغتيال موراليس

واثار الرئيس البوليفي موراليس قضية محاولة اغتياله خلال الاجتماع ، وقال في مؤتمر صحفي في وقت لاحق انه يتعين على اوباما ان يتبرأ من محاولة الاغتيال علانية وانتقد ما وصفه بالتدخل الامريكي في بوليفيا. وقالت بعض الروايات الصحفية انه يشك في تورط الولايات المتحدة في هذه المحاولة.
وسئل اوباما عن اتصالاته مع زعماء امريكا اللاتينية اليساريين خلال اجتماع القمة فقال خلال مؤتمر صحفي ختامي انه يرفض مؤامرات الانقلاب ضد الزعماء الديمقراطيين .
وقال"اريد فقط ان اوضح بشكل تام انني اعارض تماما وادين اي محاولات للاطاحة من خلال اعمال عنف بالحكومات المنتخبة بشكل ديمقراطي اينما تحدث في نصف الكرة.

"هذه ليست سياسة حكومتنا. ليست هذه هي الطريقة التي يتوقع الشعب الامريكي ان تقوده بها حكومته.
"ومن ثم اريد ان اكون واضحا بقدر الامكان بشأن ذلك."
واعترف اوباما بتاريخ الولايات المتحدة من التدخل في المنطقة والذي جعل دولا كثيرة تسيء الظن بواشنطن. وقال انه شدد في محادثاته مع الزعماء على ضرورة التحرك قدما الى الامام رغم هذا الماضي .
واضاف: "انني مسؤول عن الطريقة التي تتصرف بها هذا الادارة.
"وسنحترم تلك الحكومات المنتخبة بشكل ديمقراطي حتى عندما نختلف معها."

‎اوباما يرفض الانتقادات الداخلية

وعلى صعيد آخر، رفض الرئيس باراك اوباما الأحد في ختام قمة الأمريكيتين الانتقادات التي وجهت له في الولايات المتحدة حول لقائه الودي مع نظيره الفنزويلي هوغو شافيز. وقال اوباما للصحافيين في بورت اوف سبين (ترينيداد وتوباغو) "هناك احتمال ضئيل جدا في أن تكون المصالح الأمريكية الإستراتيجية في خطر نتيجة مصافحتي أو محادثاتي المهذبة مع شافيز".

وأضاف:"هناك خلافات مهمة بيني وبين هوغو تشافيز في السياسة الاقتصادية وفي السياسة الخارجية" موضحا "ان فنزويلا تتدخل في شؤون بعض جيرانها وهذا كان اعتقد مصدر قلق". وحصلت مصافحة مقتضبة بين اوباما وتشافيز في قمة الأميركيتين وقال تشافيز لاوباما "أريد أن أكون صديقك" ثم قدم له هدية في اليوم الثاني هي كناية عن كتاب.

وكان السناتور الجمهوري جون انسين قال الأحد:" كان عملا غير مسئول من قبل الرئيس اوباما أن يظهر وهو يمزح ويضحك مع هوغو تشافيز". وأضاف "انه احد أكثر القادة المعادين للأمريكيين في العالم" مضيفا "أن الأمر يتعلق بكرامة الولايات المتحدة ورئاستها. يجب ان نركز الانتباه على الأشخاص الذين نظهر ونحن نمزح معهم".

وذكر اوباما انه تعرض في الماضي لهذا النوع من الانتقادات خلال حملته الانتخابية. وانتشرت صورة اوباما وهو يصافح تشافيز في كل دول العالم ورأى فيها بعضهم انتهاء للتوترات بين الولايات المتحدة وفنزويلا.
تشيني ينتقد سياسة اوباما الخارجية

من جهة اخرى عاود نائب الرئيس الأمريكي السابق، ديك تشيني، هجومه على الرئيس، باراك أوباما، وانتقد نبرة سياسته الخارجية التي قد تؤثر على مكانة أمريكا كأعظم قوة بالعالم، بعد انتقاد سياسته الداخلية التي قال إنها تزيد إمكانية تعريض البلاد للخطر.وقال تشيني في مقابلة مع شبكة "فوكس" الإخبارية: "أنا قلق من الطريقة التي نُمثل بها في الخارج."

وأبدى "انزعاجه" من جولات أوباما الخارجية واعتذاره عن السياسات الأمريكية السابقة، ونوه: "عليك الحذر للغاية.. العالم الخارجي، الأصدقاء والأعداء، على حد سواء، قد يسارعون لانتهاز وضع يعتقدون فيه بأنهم يتعاملون مع رئيس ضعيف، أو شخص قد لا يهب واقفاً للدفاع عن مصالح أمريكا بشراسة."

وتابع: "للولايات المتحدة دور ريادي في العالم توليناه منذ وقت طويل.. ولا أعتقد أن هناك الكثير لنعتذر عنه."
وتعهد الرئيس الأمريكي، الذي رفعت حملته الانتخابية  شعار التغيير، بتبني سياسات مغايرة عن تلك التي انتهجتها إدارة سلفه، جورج بوش.
وأعلن خلال جولة أوروبية في مطلع الشهر عزمه تقليص ترسانة بلاده النووية خلال أربعة أعوام، قائلاً إن الولايات المتحدة ستقود مشروعاً للحد من انتشار الأسلحة النووية، إلا أنه حذر، وفي ذات الوقت، من أن بلاده ستمتلك قدرات نووية آمنة "تمكنها من ردع الأعداء وطمأنة الحلفاء."

وقال إن إدارته ستتبنى الدبلوماسية لحل الأزمة النووية مع إيران وكوريا الشمالية.
ووصف نائب الرئيس الأمريكي السابق مشاهد المصافحة بين أوباما وشافيز، وتلقي الأول كتاباً كهدية من الثاني بأنه "أمر لا يساعد.. أعتقد أنها تضع معايير خاطئة."

وواصل انتقاده: "يجب القيام بذلك في ظل ظروف صحيحة.. وعليك أن توضح قدرتك على التمييز بين الأشخاص الطيبين والسيئين، بين أولئك الذين يؤمنون بالديمقراطية، وبين الأصدقاء وحلفاء الولايات المتحدة، ومن هم غير ذلك."

وحول قرار أوباما الكشف عن مذكرات وكالة الاستخبارات الأمريكية عن أوضاع اعتقال كبار المشتبهين بالإرهاب وكيفية استجوابهم، رد تشيني بالكشف بأنه طالب الجهاز التجسسي نشر المزيد من المعلومات بشأن برنامج الاستجواب، الذي استحدثته إدارة بوش.

وأضاف: "لم يكشفوا عن المذكرات التي تظهر نجاح جهودنا.. هناك تقارير تبين تحديداً المكاسب المحققة نتيجة هذا النشاط، لم يزاح عنها طابع السرية، وأنا أطلب رسمياً القيام بذلك الآن.

وكان المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، مايكل هايدن، قد هاجم الاثنين قرار أوباما، بنشر مذكرات للإدارة السابقة حول التعذيب.

وقال هايدن، آخر مدراء الجهاز التجسسي في عهد الرئيس الأمريكي السابق، جورج بوش، تولى رئاسته من عام 2006 إلى 2009، إن كشف إدارة أوباما عن أربع مذكرات تحدد أطر تقنيات الاستجواب المستخدمة، تشجع التنظيمات الإرهابية كالقاعدة.

22/4/2009