حول رسالة الحزب الشيوعي التاريخية- بقلم: د. خليل اندراوس

2009-08-30

حول رسالة الحزب الشيوعي التاريخية

الكاتب: د. خليل اندراوس

يعاني عصرنا الحالي من تراجع للفكر التقدمي الانساني، أمام هجمة الاعلام الغربي الرأسمالي، الذي حول قيمة الربح والاستهلاك الى قيمة إنسانية عليا، مشوهة ومعمقة بذلك الفوارق بين الدول الغنية والدول الفقيرة، وبين الأغنياء والفقراء، وحولت العالم بشكل أعمق وأشرس الى غابة، يقتل القوي فيها الضعيف، مفككة العلاقات الاجتماعية، ومحولة الأنا الى قيمة عليا، بديلة للقيم الإنسانية من عدالة اجتماعية واخاء وتضامن وتعاضد وبناء، من أجل الحفاظ على الكرة الأرضية ومنع الدمار الشامل.

ولذلك وجب علينا نحن الشيوعيين، تعميق وعينا وإدراكنا لقيمنا ومفاهيمنا التقدمية وإعادة الاهتمام بالفكر العلمي الثوري الماركسي الذي يتعرض الى عملية تشويه وتهميش وإزاحة من الوعي الجماعي الإنساني.
وهذا الفكر العلمي الفلسفي الثوري يجب أن يكون ليس فقط للمشتغلين بالفلسفة، بل أيضا موضوع اهتمام جميع الفئات الشعبية وخاصة حزب الطبقة العامة والطبقة العاملة التي تحمل رسالتها التاريخية، وهي إحداث التراكمات والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والدمقراطية، من أجل إحداث القفزة الثورية، والانتقال من المجتمع الرأسمالي الى مجتمع العدالة الاجتماعية والمساواة، مجتمع لا طبقي، المجتمع الاشتراكي.

وكما قال ديكارت: "حضارة الأمة وثقافتها، إنما تقاس بمقدار شيوع التفلسف الصحيح فيها، ولذلك فإن نعمة ينعم الله بها على بلد من البلاد هي أن يمنحه فلاسفة حقيقيين. "ربما يعتقد البعض أن الفلسفة لم يعد لها مجال في عصر التقدم العلمي والتكنولوجي، ولكن هذا غير صحيح، فالعلوم تحاول تفسير الظواهر، بينما الفلسفة تريد أن تصل الى الحقائق التي تختفي وراء الظواهر.

ألفهم المادي للتاريخ هو الأساس النظري العام الفلسفي للنظرية الماركسية، وقد سحب ماركس وإنجلز، خلافا لكل الفلاسفة السابقين واللاحقين، المادية الفلسفية والديالكتيك (الجدل) ونظرية التطور الى ميدان التاريخ وتطور المجتمع الإنساني، وبرهنا أن إنتاج وتجديد إنتاج الحياة المادية هما أساس الحياة الاجتماعية والعملية التاريخية، وأكدا أن الرسالة التاريخية للبروليتاريا هي إسقاط سلطة رأس المال، وبهذا تحرر نفسها وتقضي على جميع أشكال الاستبداد الاقتصادي والاجتماعي والطبقي والقومي.

إن الجمهور، الشعب الشغيلة والعمال، هم أهم قوة منتجة في المجتمع، وهم الذين يصنعون بعملهم جميع الخيرات المادية. إنهم صانعو التاريخ الحقيقيون.

وقال ماركس: "إن الطبقة الثورية (اي العاملة) نفسها هي من بين جميع أدوات الانتاج أقوى قوة منتجة". وفي سياق تطور التاريخ تتعاظم أهمية دور الجماهير الشعبية الحاسمة. وأكبر مثال في عصرنا الحاضر على ذلك ما يجري في أمريكا الجنوبية وما جرى في فرنسا قبل أكثر من سنة عندما قامت مظاهرات ضد تغيير رجعي في اتفاقيات العمل بين نقابات العمال وشركات رأس المال.

ومع دراسة طرق الانتاج المادي وديالكتيك القوى المنتجة وعلاقات الانتاج أثبت ماركس وإنجلز أن النضال الطبقي هو مصدر التطور، القوة المحركة لجميع المجتمعات المنقسمة الى طبقات. والماركسية تعلمنا أن نرى في المقام الأول النضال بين الطبقات، النضال بين المستَثْمرين والمستَثمرين.

ولذلك فالحزب الشيوعي هو الطليعة الواعية الثورية للبروليتاريا، ومنظمها وزعيمها وقيادة هذا الحزب شرط لا غنى عنه لكي تؤدي الطبقة العاملة رسالتها التاريخية العالمية فوجود الحزب ضرورة موضوعية لذلك لا يمكن تحييد الحزب الشيوعي فبدون الحزب يستحيل نجاح اي نضال اجتماعي سياسي أو طبقي يستحيل بناء مجتمع جديد، بناء مجتمع مملكة الحرية على الأرض كما قال ماركس.

في سنة 1899 كتب إنجلز يقول: "لكي تكون البروليتاريا في اللحظة الحاسمة على ما يكفي من القوة، وتتمكن من إحراز النصر، من الضروري- وقد دافعنا ماركس وأنا عن هذا الموقف من سنة 1847 أن تشكل حزبا خاصا منفصلاً عن جميع الأحزاب الأخرى ومعارضا لها، ويعي نفسه كحزب طبقي".

وقد صيغت في بيان الحزب الشيوعي الموضوعات الأساسية لمذهب الحزب البروليتاري. فعلى الحزب الشيوعي أن يكون على صلة وثيقة لا تنفصم عراها بالطبقة العاملة. ويجب أن يتسلح بالنظرية الماركسية الأكثر تقدما كمرشد للعمل ويكون أوعى وأنشط قسم من أقسام طبقته.

كان إنجلز يقول في معرض الحديث عن نفسه وعن صديقه ماركس "إن مذهبنا ليس بمذهب جامد، إنما مرشد للعمل".
هذا المظهر للماركسية "كمرشد للعمل" يجب أن لا يغيب عن بال كل ماركسي يمارس العمل السياسي الجماهيري اليومي والمثابر.  فروح الماركسية الحية، وأسسها النظرية الجوهرية- هي الديالكتيك، اي الفلسفة الجدلية. وهذا يعني بأن الماركسي يرى بالتطور التاريخي متعدد الأشكال وحافلا بالتناقضات، لذلك على المفكر الماركسي أن يعمق صلتها بقضايا العصر العلمية والعملية الدقيقة، التي من شأنها أن تتغير لدى كل منعطف جديد في التاريخ.


واضح أن الجميع وخاصة جيل الشباب، الذي يتربى الآن في مجتمع الاستغلال ومجتمع القيمة المطلقة للربح، وأخلاقيات الاستهلاك، يعاني الكثير من سلبيات هذا المجتمع الاستغلالي الاستهلاكي، ويشوه وعي الجماهير الواسعة وخاصة وعي الجيل الشاب.

كتب لينين يقول حول هذا الموضوع: "إذ أتناول مهمة الشباب من وجهة النظر هذه، يترتب علي أن أقول ان المهمات الموضوعة أمام الشباب بوجه عام وأمام اتحادات الشبيبة الشيوعية وجميع المنظمات الحزبية الأخرى، بوجه خاص، يمكن تحديدها بكلمة واحدة- تعلم!".

بديهي أن ليست تلك سوى "كلمة"، إن هذه الكلمة لا تجيب عن مسألتين رئيسيتين هما من أهم المسائل! ماذا ينبغي أن نتعلم وكيف؟ يجب علي أن أقول ان الجواب الذي يتبادر لأول وهلة الى الذهن، والذي يبدو طبيعيا أكثر من غيره، هو أنه ينبغي على اتحاد الشبيبة، وبوجه عام على كل الشباب الذين يريدون الانتقال الى الشيوعية أن يتعلموا الشيوعية! ولكن هذا الجواب "تعلم الشيوعية" ذو طابع عام فماذا ينبغي علينا إذا لكي نتعلم الشيوعية؟ ماذا يجب علينا أن نختار من مجمل المعارف لكي تكتسب معرفة الشيوعية؟

في هذا المضمار تهددنا جملة كاملة من الأخطار، حين تفهم بصورة وحيدة الطرف الى حد كبير.
وطبيعي أن الفكرة التي تمر في الخاطر، من الوهلة الأولى، هي أن نتعلم الشيوعية يعني اكتساب مجمل المعارف الواردة في الكتب والكراريس والمؤلفات الشيوعية. ولكن مثل هذا التعريف لدراسة الشيوعية غير محكم أبدا وغير كاف. فدراسة الشيوعية لا تنحصر في استيعاب ما هو وارد في الكتب، فتعلم الشيوعية يكون فقط من خلال النضال السياسي اليومي والمثابر والانخراط مع طبقة العمال والجماهير الشعبية ومعالجة قضاياها اليومية المهمة الحياتية، الاقتصادية، السياسية والقومية، ولكل قضية من هذه القضايا أساليب نضالها المختلفة، وحلفاؤها المختلفون".
  
وكتب لينين يقول:"إن الماركسية تقتضي إطلاقا البحث في مسألة النضال من الناحية التاريخية. إن وضع هذه المسألة خارج الظروف التاريخية الملموسة، يعني جهل الف باء المادية الديالكتيكية. ففي مختلف فترات التطور الاقتصادي وتبعا لمختلف الظروف السياسية والقومية والثقافية والمعيشية الخ... تحتل مختلف أشكال النضال المرتبة الأولى، وتغدو أشكالاً رئيسية للنضال، وتبعا لذلك تتغير بدورها أشكال النضال الثانوية التابعة، فإذا حاولنا الاجابة بنعم أو لا بصدد وسيلة محددة للنضال دون أن نبحث بالتفصيل، الظروف الملموسة للحركة المعينة، عند درجة التطور التي بلغتها هذه الحركة، فهذا يعني إننا تركنا تماما الميدان الماركسي"، وبما أننا نعيش في دولة إسرائيل البرجوازية والتي يسيطر على اقتصادها 18 عائلة رأسمالية وفي البلاد لا تزال القضية القومية الفلسطينية بدون حل، فمن الطبيعي أن يكون نضال الحزب والجبهة نضالاً طبقيا- قوميا، قوميا- طبقيا، ولا يوجد تناقض بين شكلي النضال بل بالعكس حل المسألة القومية يساعد في تحول النضال الطبقي الى شكل النضال الرئيسي الأول، ولكن حتى هذا لا يعفينا من ضرورة النضال على العديد من الجبهات الأخرى الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والحياتية اليومية، فجدلية الحياة تفرض علينا ذلك. كتب لينين يؤكد أهمية معرفة التقرب من شعوب الشرق وأضاف "لا بد لكم أن تستندوا الى القومية البرجوازية التي تستيقظ لدى هذه الشعوب والتي لا بد لها أن تستيقظ والتي لها مبرر تاريخي"، ففي نضالنا اليومي بكل إشكاله كحزب وكجبهة علينا أن نتفاعل مع الشرائح الاجتماعية المختلفة بما فيها البرجوازية الصغيرة، لأن وجودها له مبررها التاريخي، وكما أكد لينين على ضرورة الإستناد الى هذه الشرائح من أجل خوض نضالاتنا المختلفة المعيشية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والقومية والطبقية لما فيه مصلحة الطبقات المسحوقة وقضية المساواة والسلام العادل.

ولكن كل هذه النضالات تبقى من أجل إحداث التراكمات التقدمية التي تخدم النضال الطبقي العام. كتب لينين يقول: "إننا لن نؤمن بالتعليم والتثقيف والتربية إذا انحصرت في المدارس وانفصلت عن الحياة المتدفقة". لذلك على الشبيبة الشيوعية وأعضاء ومؤيدي الحزب والجبهة أن تكون فصيلة الصدام التي تقدم مساعداتها في كل عمل وتعطي الدليل على روح المبادرة.

على الشيوعي في مجتمعه أن يسلك سلوكا يستطيع معه كل عامل وكل إنسان أن يرى فيه شخصا قد لا يفهم مذهبه أو سياسته، وقد لا يؤمن أو لا يقتنع فورا بمذهبه، ولكن عمله الحي ونشاطه الاجتماعي الثقافي والسياسي يقنعانه بأنه فعلاً هم الذين يبينون له السبيل القويم والقدوة الحسنة والمثل الأعلى. فقط من خلال ذلك نستطيع أن نكسب ثقة الجماهير الشعبية والطبقة العاملة. فقط بالعمل السياسي اليومي الثوري يستطيع الإنسان أن يصبح شيوعيا حقيقيا. يجب أن يرى جميع الناس أن عضو الحزب أو الشبيبة هو إنسان متعلم، وأنه يعرف في الوقت نفسه كيف يشتغل ويعمل في خدمة مجتمعه وطبقته. مهمتنا الأساسية تقوم في معارضة الواقع الرأسمالي الطبقي الاستغلالي بحقيقتنا وفلسفتنا التي تحمل الفكر البديل، والعمل السياسي البديل من أجل تغيير المجتمع الطبقي الى مجتمع العدالة الاجتماعي، مجتمع غير طبقي وفي حمل الناس والجماهير الواسعة على الاعتراف بصحة سياستنا ونضالنا الطبقي والقومي.

وعلى الشيوعي ان يعرف الحاضر، وأن يهتم بالمستقبل. التنبؤ بالمستقبل كان دائما ذا أهمية بالنسبة للفرد والمجتمع والإنسانية بأسرها. فالاهتمام بالمستقبل لا يعتبر فضولاً بسيطا أو نوعا من النقاش السفسطائي بل تعبيرا عن حاجة علمية وعملية خاصة في هذه المرحلة بعد فشل التجربة في بناء الاشتراكية وسيطرة الرأسمالية المتوحشة، وعولمة السوق الحرة، على نطاق العلاقات الدولية وفي مرحلة كان من المفروض بعد حدوث الثورة العلمية التكنيكية أن تعود بالفائدة لمجموع الإنسانية، ولكن بدل ذلك نجد ما يحدث مناقضا تماما لهذه التوقعات وترى زيادة الفوارق الطبقية، داخل المجتمعات، الرأسمالية نفسها، وزيادة الدول الغنية غناءً والدول الفقيرة فقرا. لقد مضى أكثر من قرن ونصف على ذلك اليوم الذي أدرك فيه أحد العباقرة السابقين لماركس وإنجلز، وعلى طريقته الخاصة، مدى الحاجة الى معرفة علمية حقة للمستقبل فصرح بفكرة عميقة وحكيمة جدا: "حتى الآن تحرك الناس في طريق الحضارة، وظهرهم إلى المستقبل موجهين أنظارهم عادة الى الماضي، أما المستقبل فقد رمقوه بنظرات نادرة جدا وسطحية فقط.

والآن وقد قضي على العبودية، فإن على الانسان أن يركز انتباهه نحو المستقبل". قيل هذا قبل عقدين من نشوء الشيوعية العلمية، وفي آخر مؤلفات سان سيمون الاشتراكي الطوباوي الفرنسي العظيم. ولكن ما كان طوباويا أصبح علما في مؤلفات ماركس وإنجلز ولينين.

لذلك مهم جدا في هذه المرحلة المصيرية، بالنسبة للحركة الشيوعية العالمية وبالنسبة لحزبنا الشيوعي, أن نتعلم من الحاضر ونوجه أنظارنا نحو المستقبل والبحث العلمي والنظري والفلسفي في هذا الاتجاه، خصوصا الآن بعد أن جرت تحولات سياسية ثورية يسارية في العديد من دول أمريكا اللاتينية والتي اعتبرتها أمريكا مستنقعا لها، تستغلها وتسرق ثرواتها وبعد فشل البناء والفكر القومي واليساري في العالم العربي في إجراء التغيير الدمقراطي العلماني اليساري في العالم العربي، وسيطرة الأفكار الأصولية في العديد من المجتمعات العربية وفي مجتمعنا من أجل تعجيل وتسهيل عملية نشوء وتوطيد التوجهات والأفكار والسياسات من أجل القفزة الثورية الاجتماعية ليس فقط في هذا المجتمع أو ذاك، إنما على مستوى المنطقة والعالم، وبناء مجتمع إنساني مبني على العدالة الاجتماعية وحرية الانسان في مملكته على الأرض وليس في السماء.

هذه هي رسالة كل شيوعي، وهذه هي الرسالة التاريخية لحزبنا الشيوعي.
إن تطور المجتمع البشري في عالمنا المعاصر، يجري بشكل عاصف، والتطور السريع هذا يعجل في عملية الانتقال من الحاضر الى المستقبل، ولذلك مهم جدا أن تكون مسائل الدراسات العلمية ونظرية تطور المجتمعات الإنسانية أكثر تكاملاً خصوصا وأن دور الوعي في حياة المجتمع وإعادة تنظيمه يصبح أكثر أهمية وهذا يعني التنبؤ العلمي للمستقبل.

فأمام أنظارنا وتحت تأثير الثورة العلمية، والمعلوماتية والتكنولوجية يجري تغيير حاسم لدور الوعي الاجتماعي (أو ما يسمى البناء الفوقي للمجتمع)، وتأثيره على التطورات الحاصلة في التشكيلات الاجتماعية الاقتصادية الرأسمالية المتطورة (أو ما يسمى البناء التحتي للمجتمع). هذه هي العلاقات الجدلية الديالكتيكية بين الفوقي والتحتي في أي مجتمع. فالتطور الواعي الدمقراطي لملايين الناس في أمريكا اللاتينية أحدث قفزة نوعية نحو مجتمعات أكثر دمقراطية وأكثر يسارية، تسعى من أجل التخلص من الهيمنة الرأسمالية المتوحشة للرأسمال العالمي وخاصة الأمريكي. وهذا ما نبتغي. ويجب أن تكون رسالة الفكر الوطني الثوري اليساري في العالم العربي من أجل إحداث التغيير في الوعي الفردي والوعي الجماعي في العالم العربي، من أجل دمقرطة هذا العالم وعلمنته.

وفي النهاية- النظرية الماركسية جاءت لتخدم الإنسان فهي نظرية إنسانية بالأساس- جاءت لتبني مجتمع المستقبل الذي يعيد للإنسان كل إنسان حريته وإنسانيته.

ولذلك هنا حاجة ماسة للحركة العمالية والأحزاب الشيوعية أن تعيد نشر هذه الأفكار وإيصالها الى أوسع فئات المجتمع وخاصةًَ الطبقة العاملة، من أجل الاستفادة من هذه المفاهيم واستغلالها في النضال اليومي الطبقي والقومي، ومن أجل التأثير الايجابي التقدمي الفعال على الوعي الجماعي العام لما فيه مصلحة الإنسانية جمعاء.

المصدر: الموقع الالكتروني للجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة

29/8/2009