العنصر الرابع - بقلم: علــي محمــد طــه

2009-09-13

العنصــر الرابــع

الكاتب: علــي محمــد طــه

اتفق العلماء والعقلاء والمفكرون من بني البشر منذ قرون عديدة على أن حياة الانسان تتوقف على ثلاثة عناصر هي: الهواء والماء والغذاء. ولم يجرؤ احد أن يغيّر حرفا ما بهذه النظرية لأن حذف أي عنصر منها يعني الموت كما ان اضافة أي عنصر آخر يحتاج الى اقناع واجماع والى اختراق الثابت وبقي الامر على ما هو عليه الى أن اضاف الكاتب الكبير د.طه حسين"العلم" اليها وقرر ان يكون التعليم في مصر الزاميا ومجانيا عندما اصبح وزيرا للمعارف والثقافة في بلاده في بداية الخمسينات من القرن العشرين.واعتقد ان مساهمة العميد، هذه بالذات، في حياة الشعب المصري تعادل مساهمته الثقافية والادبية والابداعية والتنويرية في مسيرة الادب العربي والثقافة الانسانية والتي هي مسيرة كبيرة ومتميزة ورائدة بدون ادنى شك.ولعلّ دراستي لفكر طه حسين وادبه وسيرته الذاتية وتقديري الكبير له قادتني الى اختيار الآية الكريمة "وقل ربي زدني علما" من سورة طه لتُنقش على حجر ابيض وتُثبت على واجهة ووجه منزلي.

وان كنت اتفق مع العميد على ان حياة المرء تتوقف على اربعة عناصر هي الهواء والماء والغذاء والعلم الا انني قبل ان اتعرف على ادبه وفكره جعلت "القراءة" عنصرا رابعا من العناصر التي تتوقف عليها حياتي..واخترت شعارا متطورا ومتحركا "انا أقرأ انا موجود. انا اقرأ انا حيّ .انا اقرأ انا انسان".
اقرأ كثيرا واكتب قليلا.ونادرا ما يمرّ يوم من عمري بدون ان اقرأ كتابا او فصلا من كتاب. وفي برنامجي اليومي ساعات مخصصة للقراءة في الصباح او الظهيرة او المساء.

بعض الناس يقرؤون ليناموا واما انا فأقرأ لأتمتع روحيا وفكريا واتعلم واصحو على الدنيا وعلى ما ومن فيها.

اقرأ الروايات والقصص العربية والعالمية وفي سنوات خلت كنت مولعا بالروايات الروسية الكبيرة الخالدة التي كتبها ادباء عمالقة امثال تولستوي ودوستويفسكي وشولوخوف وآخرين ثم بدأت بقراءة الروايات الفرنسية والادب الوجودي وادب اللا معقول وبعدئذ قرأت ما تيسر لي من الروايات الايطالية وفي السنوات الاخيرة اقرأ الروايات اليابانية وروايات ادباء امريكا اللاتينية، كما اقرأ كتب المذكرات واتمتع بقراءتها واقرأ الكتب النقدية والفكرية وابحث دائما عن الكتب التي تبحث في الديانات السماوية واجد بها فكرا وجرأة وثقافة.

احيانا، اعود الى قراءة كتب التراث والاساطير فأقرأ في الف ليلة وليلة وفي الاغاني وفي مروج الذهب وفي ابن كثير..او اعود الى اساطير اليونان والرومان واساطير الشرق.

واحرص ان اقرأ الكتب السماوية القرآن الكريم والتوراة والانجيل او اجزاء منها قراءة متأنية متروية بين فترة واخرى.

هناك كتب ومراجع احرص على وجودها في مكتبتي،واعود اليها بين حين وآخر،وهناك معاجم لا استغني عنها.واقرأ فيها كما اقرأ في أي كتاب.
هذه العادة، في حياتي، حاولت ان اورثها لأبنائي وبناتي واعترف اني نجحت مع بعضهم وفشلت مع البعض الآخر.

انا اقرأ انا موجود.

انا اقرأ انا حي يرزق.

13/9/2009