أزمة دبي بين الاقتصاد والسياسة والتاريخ

2009-12-01

أزمة دبي بين الاقتصاد والسياسة والتاريخ

دبي – الامارات المتحدة – وكالات - كان اعلان عجز حكومة دبي عن سداد الديون المترتبة على شركتي دبي العالمية والنخيل والطلب من الدائنين منحهما مهلة جديدة لسدادها مثل موجة عاتية امتدت اثارها الى مختلف ارجاء العالم وارغم المراقبين على طرح تساؤلات ليس عن حدة الازمة المالية التي تعانيها الامارة الصغيرة بل عن حكامها ايضا.

دبي هي واحدة من الامارات السبع التي تشكل الامارت العربية المتحدة والامارة الوحيدة التي تمتلك احتياطات جيدة من النفط والغاز هي ابو ظبي وبالتالي هي المسيطرة على الامارات وخاصة فيما يتعلق بالدفاع والسياسية الخارجية منذ تشكيل الامارات عقب الانسحاب البريطاني من الخليخ عام 1971.

ورغم ذلك بقيت دبي تتمتع ببعض الاستقلال الذاتي على ضوء التجربة الطويلة والمتميزة لمدينة دبي كميناء على الخليج وحتى عند وضع الدستور الدائم للامارات تم الاخذ بعين الاعتبار الاستقلال الذاتي لكل امارة من حيث ادارة مواردتها الذاتية وحرية نموذج التنمية الذي تختارها.

وكانت دبي قد تخلت عن قوات الامن الخاصة بها وسلمت مهمة الدفاع للحكومة الاتحادية وقد فسر المراقبون تلك الخطوة بانها تهدف الى التخلي عن هذه المهمة المكلفة ماليا لكي تتفرغ لمشروعها الاقتصادي.

وكان السبيل الوحيد المتاح امام دبي التي لا تمتلك موارد طبيعية سوى التركيز على السياحة والقطاع العقاري. على الورق بدا كل شيء مثاليا ووصلت نسبة مساهمة هذه القطاعات من الناتج الوطني الى 95 بالمائة.

كما ان دبي قد توسعت في مشاريعها بشكل مبالغ فيه وبدأت بمشاريع عملاقة من بينها جزر اصطناعية في عرض البحر جرى تمويلها عن طريق القروض.

نهاية النجاح
ومع نشوب الازمة المالية العالمية العام الماضي تراجعت شهية المستثمرين للاستثمار في هذين القطاعين وبدأت بوادر الازمة التي تواجها دبي لان اغلب المشاريع القائمة كانت بحاجة الى تمويل على المدى القصير وحاولت الحكومة خلال العام الجاري ايجاد مصادر تمويل دولية لهذه المشاريع لكنها اخفقت في ذلك.

تفادت دبي الازمة بفضل الدعم المادي المحدود الذي تلقته من حكومة ابو ظبي اوائل هذا العام والشهر الجاري.

وعندما رفضت ابو ظبي انقاذ دبي ماليا بشكل كامل اتجهت الانظار الى العلاقة بين الامارتين واذا لم تبادر ابو ظبي الى تقديم الدعم المالي لدبي فان الاخيرة في طريقها الى الافلاس.

كان حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم قد وبخ الصحفيين الذين تحدثوا عن ابو ظبي ودبي باعتبارهما امارتين منفصلتين كما ان ال مكتوم وحكام ابو ظبي ال نهيان لهما نفس الجذور العشائرية حيث تنتميان الى بني ياس.

لكن علاقة العائلتين لا تخلوا من الصراع والحروب حيث انفصلت دبي عام 1833 عن ابو ظبي ولجأت الى الحماية البريطانية وفي اربعينيات القرن الماضي نشب صراع مسلح بين الامارتين. كما ان هناك حاليا تنافس بين الامارتين حيث اقامت مثلا كل منها الخطوط الجوية الخاصة بها.

ولاشك ان تأثير الأزمة سينعكس على الكثيرين في دبي. فهناك حاليا الاف العمال وخاصة من الاسيويين عالقين في دبي لا يستطيعون السفر وسيزداد عددهم مع توقف العمل في مزيد من المشاريع.

كما سيخسر المزيد من الموظفين من الدول الغربية وظائفهم في الامارة اضافة الى تكبد المستثمرين في القطاع العقاري فيها خسائر فادحة بسبب تراجع اسعار القعارات هناك بشدة.

الامارة قوية ومثابرة
من جهته، قال الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم حاكم دبي اليوم ان الامارة قوية ومثابرة على الرغم من رد الفعل العالمي على خطط الامارة لاعادة هيكلة مجموعة دبي العالمية المملوكة لها والذي قال انه يظهر سوء فهم.

وقال الشيخ محمد ردا على سؤال عن رد الفعل العالمي على طلب دبي العالمية تجميد المطالبة بديونها وخطط اعادة هيكلتها انهم "لا يفهمون شيئا."

وأثار الامر مخاوف بشأن قوة اقتصاد الامارة اذ كان المستثمرون والدائنون يفترضون أن الحكومة ستساعد دبي العالمية على الوفاء بالتزاماتها.

وقال الشيخ محمد للصحفيين "نحن أقوياء ومثابرون". وأضاف فيما بدا انه اشارة لانتقادات للامارة بشأن هذا الامر "انها الشجرة المثمرة المروية.." التي تصبح هدفا للرشق بالحجارة.

وجاءت تصريحات الشيخ محمد بعد ان قال الشيخ خليفة بن زايد ال مكتوم رئيس دولة الامارات العربية المتحدة ان اقتصاد الدولة "بخير والامارات تجاوزت المرحلة الاصعب" من الازمة المالية العالمية.

وأبدى الشيخ خليفة كذلك تأييده لحاكم دبي الذي يشغل منصب رئيس وزراء الامارات ووزير دفاعها قائلا ان الشيخ محمد وحكومته يواجهون تحديات يومية ولكنهم يخططون ويزيلون جميع العقبات لتحقيق الانجازات. وقال الشيخ خليفة ان الاقتصاد يظهر دلائل على نمو تدريجي في الربع الاخير من هذا العام.

1/12/2009