جدلية القوى المنتجة - بقلم: د. خليل اندراوس

2009-12-26

جدلية القوى المنتجة

الكاتب: د. خليل اندراوس

*علاقات الانتاج من منظور الفهم المادي للتاريخ*
ألفهم المادي الجدلي للتاريخ من خلال تطبيقه  على تاريخ المجتمعات، يجعلنا ندرك بان حياة المجتمع الروحية هي انعكاس جدلي لظروف حياته المادية، وبأنه ليس هناك شيء آخر سوى الطبيعة والناس. وان هذين العنصرين لا يمكن ان يفسرا وحدهما نمو المجتمعات، الا من خلال اتحادهما الجدلي القائم على العمل والانتاج، فأي مجتمع لا يعيش ولا ينمو ولا يتطور بدون العمل والانتاج وهذا الامر شرط موضوعي لكل وجود انساني.

ينبغي على الناس كي يعيشوا ان يمتلكوا الغذاء والكساء والمسكن وغير ذلك من الخيرات المادية. ولكن هذه الاشياء والامور الاستهلاكية الاخرى غير موجودة بصورة جاهزة في الطبيعة. ومن اجل امتلاك هذه المواد الاستهلاكية الضرورية لتوفير ظروف المعيشة، لا بد للناس من انتاجها، فلا بد لهم من العمل.

ولكن يجدر التنويه بأن ليس كل عمل من الاعمال يندرج في عداد الانتاج المادي، فهناك انواع من العمل، كعمل الطبيب ومعلم المدرسة والفنان الخ، التي هي ضرورية للمجتمع ايضا، لا يجري انتاج الخيرات المادية مباشرة. وخلال عملية العمل ينفق الناس طاقات ذهنية وعقلية، ينفقون قوة عملهم. وقوة العمل هذه هي مجمل القدرات على العمل لدى الانسان الجسدية منها والنفسية، فلذلك نعتبر العمل عملية لانفاق قوة العمل.

ومستوى الانتاج المادي يحددها درجة تطور قوة العمل. بالاضافة الى ذلك مستوى الانتاج التكنيكي المحقق يمارس تأثيرا جدليا معاكسا على الكادحين وعلى قوة عملهم. ومن خلال تحقيق انتاج الخيرات المادية في المجتمع يزيد الناس ويحسنون مهاراتهم ومعرفتهم في العمل، وفي نفس الوقت يطورون انفسهم. فالعمل هو الشرط الاول والاساسي للحياة البشرية بأسرها.

فالعمل هو اساس الحياة الاجتماعية، وهو ضرورة طبيعية للانسان. وبدون العمل، بدون النشاط الانتاجي من المستحيل وجود الحياة البشرية ذاتها.

وبالتالي فإن انتاج الخيرات المادية هو العامل الرئيسي الحاسم للتطور الاجتماعي. ولكن انتاج الخيرات المادية يستحيل بدون مواضيع العمل ووسائل العمل.
ومواضيع العمل هي الاشياء والمواد التي يُصرف عليها عمل الانسان. فموجودات الطبيعة التي يؤثر عليها الناس في اثناء عملية العمل فهي موضوع العمل، يدخل في عداد وسائل العمل:
أولا: ادوات العمل - الماكينات والتجهيزات والمحركات وغيرها.
ثانيا: المنشآت والمباني الانتاجية
ثالثا: وسائل النقل والاتصالات
رابعا: الاوعية لحفظ مواضيع العمل مثل الصهاريج والاسطوانات ومستودعات الغاز والنفط وغيرها.

اما الارض وثروات باطنها والمياه والغابات والخ، وسيلة عمل عامة وشاملة، وبموجب التعبير المجازي للاقتصادي الانجليزي من القرن السابع عشر وليم بيتي فان " العمل ابو الثروة، والارض أمها".

اما وسائل العمل فهي الآلات والاجهزة والادوات ومباني الانتاج ومختلف وسائل النقل الخ.... وتشكل مواضيع العمل ووسائل العمل وسائل الانتاج.

والعنصر الاهم في مجمل وسائل الانتاج هو ادوات الانتاج والتي يؤثر الناس بواسطتها على مواضيع العمل ويحولونها بالشكل اللازم الضروري للاستعمال والاستهلاك. فعملية الانتاج مستحيلة بدون ادوات الانتاج التي يؤثر الناس بواسطتها على مواضيع العمل، اذ ان الطبيعة لا تهب ثرواتها طواعية، وللحصول عليها لا يكفي الجهد العقلي وحده، وكلما كانت ادوات الانتاج افضل واكثر انتاجية ازدادت اسباب المعيشة التي يحصل عليها الانسان. ولكن الانسان وحده هو الذي يستطيع ان يحرك الآلة وينظم الانتاج المادي، ولذلك فهو، اي الانسان، عنصر لا بد منه للانتاج.

وعندما يؤثر الناس بواسطة وسائل العمل على الطبيعة الخارجية فانهم يتغيرون هم انفسهم في الوقت ذاته، ويكدسون الخبرة والمعرفة.

من هنا فالقوى المنتجة في المجتمع هي وسائل الانتاج التي اوجدها المجتمع، وفي المقام الاول ادوات العمل، والناس الذين ينتجون اسباب المعيشة. وفي عصرنا الحالي حيث تنتشر الثورة العلمية والتكنولوجية، والحاسوب، والقدرة المعلوماتية، يغدو العلم، اكثر فأكثر قوة منتجة مباشرة.

ولكن يبقى الناس، الجماهير الكادحة هي العنصر والمركب الاهم للقوى المنتجة.

وعندما يقوم الناس بانتاج الخيرات المادية فانهم لا يؤثرون على الطبيعة فحسب، بل يدخلون في علاقات معينة مع بعضهم البعض، من هنا ينطوي الانتاج الاجتماعي على جانبين، الجانب الاول يعبر عن علاقات الناس بالطبيعة وتمثله القوى المنتجة في المجتمع. والجانب الثاني يعبر عن العلاقات بين الناس في اثناء الانتاج، أي العلاقات الانتاجية.

ألقوى المنتجة، تضم وسائل الانتاج التي يجري بواسطتها انتاج الخيرات المادية وكذلك الناس الذين يستخدمون وسائل الانتاج هذه. ويعتبر الناس العنصر الحاسم في قوام القوى المنتجة. اما وسائل الانتاج المقترنة بتكنولوجيا وتنظيم الانتاج الاجتماعي، فهي تشكل بمجموعها القاعدة المادية التكنيكية للمجتمع.

ومستوى تطور القوى المنتجة مؤشرا لمدى تحكم الناس بقوى الطبيعة. والقوى المنتجة للمجتمع هي في حالة نمو وارتقاء دائمين.

وكنتيجة للتقدم التكنيكي والتكنولوجي والمعلوماتية، يتغير مضمون العمل وتتغير بالمقابل اهمية القدرات الجسدية والمعنوية للناس في عملية الانتاج. ويزداد دور القوة المعنوية والذهنية للناس في انتاج الخيرات المادية، بينما يتضاءل دور القوة الجسدية. ويتحول العلم كما يحدث في عالمنا المعاصر الى قوة منتجة مباشرة.

ولكن علينا ان نؤكد بان القوى المنتجة ليست العنصر الوحيد في الانتاج المادي للمجتمع، فالناس لا يمكنهم الانتاج الا بشكل مشترك، بانتظامهم في مجتمع، وعليه فالعمل كان ولا يزال اجتماعيا.

كتب ماركس: " يدخل الناس لكي ينتجوا في علاقات وصلات محددة فيما بينهم. وفي اطار الصلات والعلاقات الاجتماعية فقط يتواجد موقفهم ازاء الطبيعة ويتحقق الانتاج" (ماركس وانجلز- المؤلفات المجلد- 6- ص 441).

من هنا علاقات الناس في عملية الانتاج تشكل علاقات الانتاج وعلاقات الانتاج تشكل جزءا لا يتجزأ من الانتاج المادي. واسلوب الانتاج المحدد تاريخيا هو الوحدة التي لا تنفصم بين القوى المنتجة وعلاقات الانتاج المناظرة لها.

وهنا يجب ان نؤكد بان اساس علاقات الانتاج هو اشكال الملكية اي علاقة الناس بوسائل الانتاج، الارض والثروات المعدنية والغابات والمياه، والمواد الخام، والمباني الانتاجية وادوات العمل وغيرها وغيرها. وينجم عن اشكال الملكية المركز المسيطر او الطبقة المسيطرة والتابع، او الطبقة التابعة لمختلف المجموعات الاجتماعية في الانتاج، فالملكية الخاصة لوسائل الانتاج تخلق علاقات انتاج لها طابع السيطرة والاخضاع والاستغلال، كما هو الحال في ظل الرأسمالية، وخاصة في اعلى مراحلها الامبريالية. ففي المجتمع المنقسم الى طبقات متناحرة، الطبقة المحرومة من ملكية وسائل الانتاج،تعاني الاضطهاد والسيطرة والاغتراب، اي الطبقة العاملة التي تعمل من اجل زيادة تراكم رأس الماسل للاقلية التي تملك وسائل الانتاج.

والملكية الرأسمالية لوسائل الانتاج تعتمد وتخلق اشكال التوزيع غير المتكافئ وغير العادل للخيرات المادية في ظل الرأسمالية وملكيتها الخاصة.

كتب ماركس يقول:"لا يؤثر الناس في الانتاج على الطبيعة فقط، بل يؤثر كل منهم في الآخر فهم لا ينتجون الا بالتعاون بصورة معينة، متبادلين نشاط كل منهم فيما بينهم. فهم يقيمون في سبيل الانتاج، علاقات معينة بعضهم مع بعض، ويتحدد تأثيرهم في الطبيعة اي الانتاج، في حدود هذه العلاقات الاجتماعية (ماركس: ألعمل المأجور ورأسمال).

فلذلك لا يمكن فصل قوى الانتاج عن طابع علاقات الانتاج. لان قوى الانتاج وعلاقات الانتاج مظهران لا ينفصلان عن طريقة واسلوب الانتاج التي تجسد وحدتهما الجدلية عملية انتاج المنتجات المادية، وقد كتب ماركس يقول: "في ظل الرأسمالية والملكية الخاصة علاقات الانتاج تفترض، وضعًا يكون فيه شروط تحقيق العمل مفصولة عن العمال. ولذلك لا يمكن للعملية التي تُنشئ العلاقة الرأسمالية ، ان تكون غير عملية فصل العامل عن ملكية شروط عمله، عملية تحول وسائل الانتاج الاجتماعية ووسائل العيش الى رأس مال من جهة، وتحول المنتجين المباشرين الى عمال اجراء من جهة اخرى!!

وكتب ماركس يقول: "ان انتزاع الملكية القصد الملكية الفردية والمبعثرة هذا، يتم بفعل القوانين الملازمة للانتاج الرأسمالي نفسه عن طريق تمركز الرساميل. فإن رأسماليا واحدا يقضي على الكثيرين من امثاله. والى جانب هذا التمركز، اي انتزاع بعض الرأسماليين ملكية عدد كبير من امثالهم يتطور الشكل التعاوني لسير العمل، بمقاييس تتسع على الدوام، كما يتطور الاستخدام الواعي للعلم والتكنيك واستثمار الارض، استثمارا منهاجيا، وتحويل وسائل العمل الى وسائل لا يمكن استعمالها الا استعمالا مشتركا وتوفير جميع وسائل الانتاج باستعمالها كوسائل انتاج لعمل اجتماعي منسق، ودخول جميع الشعوب في شبكة السوق العالمية (وهذا ما يحصل في عالمنا المعاصر - خ.إ) وتتطور، الى جانب ذلك الصفة العالمية للنظام الرأسمالي. وبقدر ما يتناقص بإستمرار عدد طواغيت الرأسمال الذين يغتصبون ويحتكرون جميع منافع عملية التحول هذه، بقدر ما يشتد ويستشري البؤس والظلم والاستعباد والانحطاط والاستثمار، وبالتالي يزداد ايضا باستمرار تمرد الطبقة العاملة التي تتنامى عدديا على الدوام وتتثقف وتتحدد وتتنظم بفعل آلية عملية الانتاج الرأسمالي نفسها. وهكذا يصبح احتكار الرأسمال قيدا لاسلوب الانتاج الذي نما معه وفي كنفه.

ان تمركز وسائل الانتاج، وجعل العمل اجتماعيا يصلان الى حد انهما لا يعودان يتطابقان مع اطارهما الرأسمالي فينفجر. ان الساعة الاخيرة، للملكية الخاصة الرأسمالية تدق. ان مغتصبي الملكية تنزع منهم ملكيتهم.

ان الاسلوب الرأسمالي للتملك، الناجم عن اسلوب الانتاج الرأسمالي وبالتالي الملكية الخاصة الرأسمالية ايضا، انما هما النفي الاول للملكية الخاصة الفردية القائمة على العمل الشخصي. ولكن الانتاج الرأسمالي يولد، بحتمية التطور الطبيعي، نفية الخاص. وهذا – نفي النفي".

من هنا فالماركسية تفسر تطور المجتمعات، وخاصة "المجتمع الرأسمالي ليس فقط بواسطة تطور قوى الانتاج بل من خلال العلاقة الجدلية بين قوى الانتاج وعلاقات الانتاج، معتمدة على قانون نفي النفي الجدلي الديالكتيكي.

فعملية الانتاج المادي لا تراوح مكانها فهي في نمو دائم وتتطور وتتحسن. فالناس لكي يعيشوا عليهم انتاج الخيرات المادية، وانتاجها بمعدلات تزداد باستمرار. اولا بسبب زيادة عدد الناس وثانيا بسبب الازدياد المطرد لاحتياجات الناس المادية والثقافية وهو يتطلب التطوير والتحسين المستمر للانتاج. وهذا الامر اي تطوير الانتاج  ضرورة موضوعية وقانون للحياة الاجتماعية.

وتاريخ المجتمع الانساني ما هو الا تطوير الانتاج الاجتماعي المحكوم بقوانين وما هو الا العملية الضرورية، عملية احلال اسلوب انتاج ارقى محل اسلوب انتاج ادنى، وهذا التطور يبدأ بتغير القوى المنتجة. وكما عرفنا القوى المنتجة هي عبارة عن ادوات الانتاج والناس الذين يستخدمون هذه الادوات. فيطرح السؤال، اي من عنصري القوى المنتجة الذي يتطور اولا. الخبرة التاريخية اوضحت بان في اطار القوى المنتجة نفسها تتطور ادوات الانتاج اولا.

ولكن في سياق العمل والتقدم التكنيكي يتغير الناس انفسهم، فتنمو خبرتهم الانتاجية وتظهر مهن جديدة. ومن خلال تغير ادوات العمل، ادوات الانتاج، وتغير الناس انفسهم تتغير في آخر المطاف العلاقات بين الناس أي تتغير علاقات الانتاج.

ومن هذا المنطلق القوى المنتجة تُولد وتحدد علاقات الانتاج ولكن في نفس الوقت علاقات الانتاج التي تظهر على اساس القوى المنتجة لا تظل سلبية، فهي تؤثر بشكل جدلي فعال في القوى المنتجة، معجلة او مؤخرة لتطورها.

فمثلا تطور الصناعة الرأسمالية التي نشأت في احضان الاقطاع ادت الى نشوء علاقات الانتاج الرأسمالية. ولان علاقات الانتاج الجديدة في عصر النهضة الصناعية تناسبت مع طابع القوى المنتجة عجلت وطورت الانتاج الاجتماعي، وهي اي علاقات الانتاج هي المحرك الاساسي لتطور القوى المنتجة. ففوافق علاقات الانتاج مع طبيعة القوى المنتجة شرط لا غنى عنه لتطور الانتاج. وهذا التوافق عبر التاريخ ماثل بشكل او بآخر في جميع التشكيلات الاقتصادية الاجتماعية . ولكن هذا التوافق يتوفر فقط في هذه التشكيلات الاجتماعية فقط مرحليا، حيث تصبح علاقات الانتاج تتخلف بالتدريج عن تطور القوى المنتجة والامر الذي يؤدي الى ظهور تناقض جدلي بين القوى المنتجة الجديدة وعلاقات الانتاج القديمة. فالقوى المنتجة تعتبر اكثر العناصر تحركا في عملية الانتاج، فهي دائما في تغير.

فعلاقات الانتاج وما يلازمها من ثبات وطابع محافظ لا تساير تطور القوى المنتجة وهذا التنافص يزداد وينمو ويتعمق، وهكذا تختمر ضرورة الثورة الاجتماعية التي من شأنها ان تحطم علاقات الانتاج القديمة وتستحدث علاقات انتاج جديدة.

تلك هي الجدلية الموضوعية للقوى المنتجة وعلاقات الانتاج في المجتمع الطبقي المتناحر. فكما كتب انجلز في كتابة "الاشتراكية الطوبوية والاشتراكية العلمية" يقول "ان الفهم المادي للتاريخ ينطلق من الموضوعة القائلة ان انتاج المنتجات اولا، ثم تبادلها، يشكلان اساس كل نظام اجتماعي، وانه في كل مجتمع معني يدخل حلبة التاريخ يتحدد توزيع المنتجات، ولذا اذا شئنا ان نجد الاسباب التي تحدد التغيرات الاجتماعية والانقلابات السياسية، وجب علينا ان نبحث عنها، لأن في رؤوس الناس، لا في معرفتهم المتنامية عن الحقيقة والعدالة الخالدتين، بل في تحولات اسلوب الانتاج والتبادل، اي انه يجب ان نبحث عن هذه الاسباب، لا في الفلسفة، بل في اقتصاد العهد المعني. واذا ما اخذ المرء يفهم ان المؤسسات الاجتماعية القائمة هي غير عقلانية وغير عادلة، وان "ما كان من صنع العقل غدا مخالفا للعقل، وان ما كان نعمة غدا عذابا" (غوته فاوست القسم الاول المشهد الرابع) فإن هذا يعني انه قد طرأت خلسة، تحولات على اساليب الانتاج واشكال التبادل لم يعد ينطبق عليها النظام الاجتماعي المكيف وفقا لاوضاع اقتصادية قديمة. وينجم عن ذلك ايضا انه ينبغي لعلاقات الانتاج المتحولة ان تنطوي، بدرجات متفاوتة من التطور، على الوسائل اللازمة لإزالة ما يبرز من شرور.
ولذا لا ينبغي اختراع هذه الوسائل من الرأس، بل ينبغي اكتشافها بواسطة الرأس في وقائع الانتاج المادية الموجودة".

فواقع التناقض بين علاقات الانتاج الرأسمالية وبين طابع قوى الانتاج الاجتماعي هو اساس الازمات المتكررة والتي تعتري الرأسمالية. فالمصلحة الطبقية لاصحاب رأس المال واصحاب وسائل الانتاج اصبحت في ظل الامبريالية حجر عثرة في وجه الانتاج. لان قانون فائض القيمة، الذي يتمثل اليوم في قانون زيادة الارباح، وتراكم رأس المال المالي غير المنتج، قد عمل على فشل قانون الترابط الضروري بين علاقات الانتاج وطابع قوى الانتاج المتطورة دائما. ولكن قانون الترابط الضروري هذا، هوالقانون العام للمجتمعات الانسانية الذي يشمل جميع صور واشكال الانتاج. فلا يمكن للمجتمعات الانسانية ان تتقدم الا في ظل هذا القانون. وهكذا يعمل القانون الخاص بالرأسمالية، وهو قانون فائض القيمة، الذي لا ينفصل عن الاستغلال البرجوازي الرأسمالي على فشل قانون المجتمعات الانسانية العام، والازمات الاقتصادية المتكررة للنظام الرأسمالي لهي تعبير واضح على ذلك. وهذا النزاع وهذا الفشل هو مصدر انحطاط الرأسمالية مستقبلا، حيث نمت داخل المجتمع الرأسمالي قوى انتاجية لم يعد يستطيع كبح جماحها. وعندها ستقوم علاقات للانتاج جديدة وهي العلاقات الاجتماعية، والتي ستكون ضرورية موضوعيا، لأنها الوحيدة التي تلائم قوى الانتاج المتطورة الحديثة.

فالرأسمالية تتحمل في احشائها ثورة، وعلى هذه الثورة الاجتماعية، ان تُلغي ملكية وسائل الانتاج الرأسمالية الحالية ليحل مكانها الملكية العامة لوسائل الانتاج الكبيرة. لان مجموع الانتاج الانساني تدريجيا يتخذ طابعا اجتماعيا وخاصة في مرحلة الاحتكارات الكبيرة والعابرة للقارات، ويصبح  التناقض بين الطابع الاجتماعي للانتاج وبين التملك الفردي الخاص الرأسمالي حادا لا يطاق. فكلما زادت سطوة الاحتكارات تكون الرأسمالية تحضر قبرها بنفسها حيث ستحدث الثورة الاجتماعية، من خلال قانون نفى النفى اي نزع ملكية نازعي الملكية.

وحفار قبر طبقة رأس المال هو الطبقة التي اتاح استغلالها وعملها وبؤسها، للرأسمالية ايامها السعيدة، الا وهي طبقة البروليتاريا.

المراجع:
* ماركس العمل المأجور ورأس المال. ماركس الثامن عشر من برومبر لويس بونابرت. انجلز، الاشتراكية الطوبوية والاشتراكية العلمية أفانا سييف- اسس المعارف السياسية نيكيتين- اسس الاقتصاد السياسي. إيلين وموتيلف – ما هو الاقتصاد السياسي.
* ماركس انجلز- مختارات المجلد – 3
* جورج بوليتيزر – اصول الفلسفة الماركسية (لينين – بعض خصائص تطور الماركسية التاريخي.

المصدر: الموقع الالكتروني للجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة

26/12/2009