"حجارة الوادي" لإسماعيل الهباش الفيلم الذي انتهى بوردة زياد خدَّاش

2010-02-08

"حجارة الوادي" لإسماعيل الهباش الفيلم الذي انتهى بوردة

الكاتب: زياد خدَّاش

ماذا يعني أن ينتهي فيلـم وثائقي بوردة مغلقة التويجات؟ يا لشعرية النهايات! كيف تغرقنا في متع التأويل وترمينا بنعومة فراشة وخفة شجرة ياسمين في أتون ورد الـمخيلة الوطنية.

"حجارة الوادي" فيلـم وثائقي للفنان إسماعيل الهباش، من إنتاج اتحاد الشباب الفلسطيني، عُرض، مساء السبت، في القصبة، قال لنا أو قلنا له جراحنا وزهونا وحنيننا إلى زمن جميل مضى... هو زمن الشيوعيين الفلسطينيين الذين صدق حسن البطل أيّما صدق حين وصفهم ذات طرف من أطراف نهاراته بأنهم آباء الحركة الوطنية الفلسطينية، قال الفيلـم، أيضاً، أو قلنا له حسرتنا الـموجعة على حاضر حامض بلا هوية أو رؤية.

الفيلـم يحتشد بالرموز والدلالات: الجبال التي تكرر حضورها في الفيلـم في لفتة ذكية من مخرج معروف بتأمليته العالية وثقافته الواسعة، هي مرآة للشخصيات العنيدة نفسها التي وقفت كالجبال في وجه الطغاة، والإشاعات.

لحن رقصة (الحداية) الذي يشكّل تقنياً وجمالياً مفاصل انتقالية بين مشهد وآخر، أو بين دهشة وأخرى من جانبنا، لـم يكن فحسب مفاصل انتقالية، كان معادلاً موضوعياً لجذور ومحلية وأصالة الحركة الشيوعية الوطنية الفلسطينية التي تطابقت منطلقاتها الفكرية والاجتماعية مع منطلقات مصالح الناس البسطاء في الريف.

ماذا يعني أن ينتهي فيلـم وثائقي بوردة مغلقة التويجات؟. رجال ونساء ثمانينيون يحكون لنا بعفوية مبهرة عن بلاد بعيدة... هي بلادنا، كأننا لا نعرفها من فرط بعدنا الجمالي والقيمي عنها، "كان يرغب في بيع أرضه لدعم الحزب"، قالت جميلة النمري عن زوجها فؤاد قسيس، واستدركت في عفوية مباركة وواقعية ضاحكة ورائعة: "لو فعلها زوجي لكنا جوعى الآن ومشردين".

كم أحببت الشيوعيين في صغري، وكم انتظرت طويلاً أن (ينظّمني) أحدهم معهم، كنت مهيئاً لذلك آنذاك؛ لـما أحمله من كراهية كبيرة للظلـم الاجتماعي وتعاطف مع البسطاء، ورؤيتي السياسية الواقعية القريبة جداً منهم، ومحبة الشيوعيين للكتب والعلـم والثقافة. كنت أراهم واقعيين وعلـميين ومؤمنين بلا غطرسة (كغيرهم) بما يظنونه صائباً للفقراء والبلد، وأظنهم كانوا صائبين.

ماذا يعني أن ينتهي فيلـم وثائقي بوردة مغلقة التويجات؟. يعني أشياء كثيرة، أهمها، أو أقلها أهمية أن الوردة، وردة فلسطين أو وردة العقل أو وردة الحرية أو وردة العلمانية، تنتظر من يفتح تويجاتها، فيما يشبه تربية أمل أو تقوية إرادة تغيب، أو إيماناً بجيل قادم أكثر حساسية منا وقيمية، وأقرب إلى روح الجمال.

9/2/2010