(في مواجهة المدافع)... كتاب لمؤلفة مصرية يكشف رؤية الإسرائيليين لدولتهم

2010-03-16

(في مواجهة المدافع)....
كتاب لمؤلفة مصرية يكشف رؤية الإسرائيليين لدولتهم

القاهرة (رويترز) - في حين تعتزم إسرائيل بناء مئات المنازل في منطقة ضمتها إلى القدس وتعلن ضم مواقع مقدسة لقائمة التراث اليهودي تسجل الكاتبة المصرية أهداف سويف رؤية الإسرائيليين ليهودية الدولة وتلقي بظلال من الشكوك على تعاطف حركات احتجاجية مثل (السلام الآن) مع الفلسطينيين.

وتقول نقلا عن سائق سيارة أجرة قابلته في القدس ان "الاسرائيليين نبهاء" يبنون الحواجز التي يمكن ازالتها فينشغل بها الاخرون لكن "القضايا الحقيقية هي فيما يتعلق بالحدود. بالمستوطنات. بالقدس واللاجئين" وهي قضايا تدور بشأنها مفاوضات لا تنتهي.

وتسأل في كتابها (في مواجهة المدافع.. رحلة فلسطينية) عن دور "الاخيار. أصحاب الضمائر" مثل حركة (السلام الان) الاسرائيلية وهم يرون "حكومتهم تضطهد شعبا بأكمله" فتجيبها جودي بلانك - وهي أمريكية من نيويورك بصحبة زوجها الذي يعمل أستاذا بالجامعة العبرية- قائلة ان هؤلاء الاسرائيليين "لا يعلمون. من السهل جدا ألا يرى المرء.

يعيش في القدس الغربية أو تل أبيب ولا يحتاج أن يرى الفلسطنيين... هناك عنصرية عميقة في هذا المجتمع تجعل من الممكن أن يضحك المرء على نفسه فلا يرى ما يحدث."

وتجيب الفلسطينية ريما طرزي عن السؤال نفسه قائلة ان أعضاء هذه الحركة "لا يتعاطفون مع تطلعاتنا حتى النهاية" أما حاييم بلوخ الذي قدم مع أبيه من الولايات المتحدة ليقيم في اسرائيل ويقوم بتدريس القانون اليهودي بعد تخرجه في معهد ديني خاص فيقول لها "وعدنا الله بهذه الارض. كانت دولة اسرائيل هنا منذ 2000 عام وقد وعد الله أجدادنا بهذه الارض... لم تكن هنا دولة فلسطين... عليهم (الفلسطينيين) أن يفهموا أنهم يقيمون في دولة يهودية... يمكنهم الرحيل.."

ودعا رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الفلسطينيين قبل أشهر الى الاعتراف باسرائيل "كدولة الشعب اليهودي والقدس الموحدة عاصمة الشعب اليهودي."

وأعلنت اسرائيل في الاونة الاخيرة ضم الحرم الابراهيمي ومسجد بلال بن رباح لقائمة التراث اليهودي كما أعلنت خطة استيطان يهودية في الضفة الغربية تتضمن بناء 1600 منزل جديد لليهود.

واندلعت يوم الاثنين مواجهات بين طلاب فلسطينيين والجيش الاسرائيلي في مدينة رام الله بالضفة الغربية بعد قرار اسرائيل ضم مواقع مقدسة في الضفة الى قائمة التراث اليهودي والاعلان عن نيتها افتتاح كنيس يهودي في القدس الشرقية.

والكنيس الذي جرى ترميمه يبعد بضع مئات من الامتار عن الحرم القدسي الذي يضم المسجد الاقصى وقبة الصخرة.

ويقيم نحو 500 ألف يهودي في الضفة الغربية والقدس الشرقية التي استولت عليها اسرائيل في حرب عام 1967. ويوجد حوالي 2.5 مليون فلسطيني في المناطق نفسها.

ويقع كتاب (في مواجهة المدافع) في 198 صفحة متوسطة القطع وطرحت (دار الشروق) بالقاهرة طبعته الثانية بالتزامن مع فوز مؤلفته أهداف سويف بجائزة محمود درويش السبت الماضي مناصفة مع الكاتب الجنوب افريقي برايتن برايتنباخ.

وسجلت لجنة الجائزة برئاسة الناقد الفلسطيني فيصل دراج أن الكاتبة "تميزت بأعمالها الابداعية والتي اهتمت بالدفاع عن قضية الشعب الفلسطيني وابراز هذه القضية على نطاق دولي واسع."

والكتاب محصلة عدة رحلات قامت بها الكاتبة المقيمة في لندن الى الاراضي الفلسطينية بداية من عام 2000 -حين اندلعت الانتفاضة الثانية- بدعوة من صحيفة الجارديان البريطانية ورأت الكاتبة أن واجبها "مساندة الرأي العام في الغرب" واستغلال منبر غربي لنقل "صوت الشارع الفلسطيني للقاريء وللرأي العام الغربي... كنت أريد أن أنقل للقاريء بالضبط ماذا تعني الحياة تحت الاحتلال."

وتقول الكتابة ان رحلاتها مكنتها من اطلاع قطاعات من الجمهور الغربي على "حقيقة الاحوال في فلسطين والاهدار السافر لحقوق الانسان الذي تمارسه الحكومة الاسرائيلية وانسانية وعدل مطالب الشعب الفلسطيني التي تستند الى الشرعية الدولية."

وتضيف أن اسرائيل مادامت "تدعي أن حقها في فلسطين" مستمد وقائم على ما ورد في العهد القديم فان "حقها المزعوم لا يقتصر على تل أبيب وحيفا بل يشمل أيضا الضفة الغربية والقدس وفي الواقع يشمل ما يطلقون عليه (أرض اسرائيل) كلها تلك التي تمتد من الفرات الى النيل."

ولا يميل القلم في يد الكاتبة الى أن يظل طوال الوقت سلاحا بل يسجل أيضا مواقف انسانية تفيض دفئا اذ رحب بها الفلسطينيون حين عرفوا أنها مصرية وعرضت الفلسطينيات أن يستضفنها في بيوتهن ومن هؤلاء عرفت أنه "ليس هناك طفل واحد ليس له أب أو أخ مبعد أو سجين أو شهيد" كما قالت لها الفلسطينية فاطمة جبريل التي أخبرتها أيضا كيف يتعمد الجنود اهانة الاب أمام أبنائه.

كما ترسم صورة للحياة الاجتماعية تحت القصف والموت فحين يقتل شاب فلسطيني يأتون بأمه ويسندونها الى جوار قبره ويقولون لها "زغردي يا أم الشهيد. يقولها أصحابه الذين قد يقتلون غدا. تقول لي سيدة.. لا تسمعين الزغاريد اليوم الا في مواجهة الموت. انقلب عالمنا رأسا على عقب."

وتقول سويف "ان الخيار في يد اسرائيل. يمكنها أن... تعيش داخل حدود 67 كأمة وسط الامم. أما أهل فلسطين فلا خيار أمامهم" لكنها تورد قول أمين سر حركة فتح مروان البرغوثي لها في 2000 "ان الانتفاضة هي الطريق الوحيد للشعب أن يبعث بصوته وبارادته الى داخل المفاوضات."

ويتزامن صدور كتاب سويف أيضا مع مناقشة رسالة دكتوراه في العلوم السياسية بمعهد البحوث العربية بالقاهرة مقرر لها يوم الثلاثاء أعدها البرغوثي في سجنه حيث يقضي عقوبة السجن مدى الحياة خمس مرات.

وفي فصل عنوانه (أمريكا واسرائيل والعدوى المتبادلة) تقول سويف ان اعلام الدولتين يصورهما كمقاتل اضطر للقتال وهو لا يرغب فيه وليس أمامه خيار اخر.

وترجح أن الامريكيين والاسرائيليين تجمعهما "رؤية أنفسهم كشعب مختار" وهذا ينطلق من العهد القديم في حالة اسرائيل أما في حالة أمريكا فتقول المؤلفة ان 92 بالمئة ممن شملهم استطلاع من الامريكيين "يؤمنون بأن الله يحبهم بشكل شخصي وفردي وأنهم يؤمنون بالتناسخ بين كون الانسان أمريكيا وكونه خيرا."

وما تسجله الكاتبة المصرية يتفق مع ما ذهب اليه الكاتب الامريكي صمويل هنتنجتون (1927-2008) في كتابه (من نحن.... المناظرة الكبرى حول أمريكا) قائلا ان التدين يميز الامريكيين عن معظم الشعوب الاوروبية فالامريكيون "مسيحيون بشكل طاغ."

ويضيف في الكتاب الذي صدرت ترجمته العربية بالقاهرة في الاونة الاخيرة أن "تدين الامريكيين يقودهم الى أن يروا العالم على أساس الخير والشر" بدرجة تفوق رؤية الاخرين لهذه الثنائية.

16/3/2010