صلاح عدلي: تحقيق أهداف الثورة يتطلب إسقاط النظام بكل مؤسساته

2011-05-13

خلال حوار مع الميدان
صلاح عدلي: تحقيق أهداف الثورة يتطلب إسقاط النظام بكل مؤسساته


أجرى الحوار: فتحي فضل
قال الاستاذ صلاح عدلي السكرتير السياسي للحزب الشيوعي في حوار أجرته الميدان معه من القاهرة ان ثورة 25 يناير جاءت نتيجة أزمة مجتمعية شاملة، وتراكم من النضالات والإحتجاجات الاجتماعية والسياسية التي استمرت لعدة سنوات وان الطبقة العاملة المصرية قد لعبت دوراً محورياً فيها ، وان الثورة ستستمر حتى تحقق اهدافها الأساسية وهى إسقاط النظام بمؤسساته ورموزه وتوجهاته الأساسية ومحاكمة المسؤولين عن قتل أكثر من 800 مواطن ومواطنة، وجرح أكثر من سبعة آلاف من الثوار، ومحاكمة العصابات الفاسدة عن نهب ثروات البلاد.

وقال ان هنالك مهام جسيمة امام الحزب الشيوعي المصري والقوى التقدمية والديمقراطية المصرية لإنقاذ الثورة والدفاع عنها، ومن ثم الإستمرار بها لتصل لأهدافها، وقال أن السلفيين اتخذوا موقفاً عدائياً من الثورة، وكانوا دائماً ما يتحركون بتنسيق مع أمن الدولة، إلاَّ أنهم برزوا بشكل كبير بعد نجاح الثورة يطالبون بالدولة الدينية وتطبيق الحدود.

إن التيار الإسلامي بشكل عام، والإخوان المسلمين بشكل خاص، لا يختلفون من حيث الجوهر عن السياسات والتوجهات الإقتصادية والإجتماعية مع النظام السابق. و دعا الي تشكيل تحالفات واسعة تضمن حماية الثورة وعدم الإلتفاف عليها أو إحتوائها ……فإلي مضابط الحوار :

مظاهر رائعة للوحدة الوطنية
** ماهو وضع العلاقة بين المسلمين والمسيحيين بعد الثورة، وما هو موقف الإتجاهات الإسلامية وحركة الإخوان من هذه المسألة ؟
= بدأت أحداث الفتنة الطائفية بين المسلمين والمسيحيين علم 1972، مع بداية عهد السادات الذي شجع التيار الإسلامي بدعم من السعودية وأمريكا لضرب الشيوعيين والناصريين. وبدأت سياسة التمييز الديني وتواطؤ الدولة أزاء الإعتداءات التي مارستها الجماعات الإسلامية المتطرفة ضد من أسمتهم بالكفار، أي الأقباط، والملحدين، أي قوى اليسار. ورغم شدة العنف وتكرار الإعتداءات إلاَّ أن أحداً لم يُقدم للمحاكمة، مما أدى إلى تصاعد أحداث العنف الطائفي بشكل مخيف في السنوات الأخيرة. ومن المؤكد أن جهاز أمن الدولة قد تواطأ مع الجماعات الإسلامية في هذه الأحداث لحرف الأنظار عن الصراع السياسي والطبقي المتصاعد في المجتمع، ولتغطية عمليات الفساد والقمع والتزوير السائدة.

من المهم الإشارة إلى أنه لم تحدث حادثة اعتداء واحدة على أي كنيسة في أيام الثورة، رغم الغياب التام للأمن. وقد شهد ميدان التحرير ومدن المحافظات الأخرى مظاهر رائعة للوحدة الوطنية، وتم رفع الشعارات واللافتات التي تؤكد ذلك.

ولكن قبل الاستفتاء على التعديلات الدستورية، وبعد سقوط مبارك بدأت بقايا الحزب الوطني والجيوب المؤثرة في أمن الدولة في استخدام السلفيين لإشعال الفتنة الطائفية من جديد، وتم لأول مرة هدم وحرق كنبسة في إطفيح ومصادمات دامية ضد المسيحيين أدَّت إلى وقوع عدد كبير من القتلى والجرحى. ويبدو أن هناك تحالفاً بين كل أطراف التيار الإسلامي ( الإخوان والسلفيين وجماعات الجهاد) مع بقايا الحزب الوطني وبمباركة الأطراف المتنفذة في المجلس العسكري لحث المواطنين على التصويت بنعم. وقد استخدمت الشعارات الإسلامية بشكل كبير في تلك العملية، في حين تم دفع الأقباط للتصويت بـ “لا”.

وكان هذا الإصطفاف الديني أحد المظاهر الخطيرة لتديين السياسة وبروز خطر الدولة الدينية.
ورغم أن السلفيين اتخذوا موقفاً عدائياً من الثورة، وكانوا دائماً ما يتحركون بتنسيق مع أمن الدولة، إلاَّ أنهم برزوا بشكل كبير بعد نجاح الثورة يطالبون بالدولة الدينية وتطبيق الحدود. إن التيار الإسلامي بشكل عام، والإخوان المسلمين بشكل خاص، لا يختلفون من حيث الجوهر عن السياسات والتوجهات الإقتصادية والإجتماعية مع النظام السابق. فهم مع الخصخصة والإقتصاد الحر، ورغم أنهم يتحدثون الآن عن الديمقراطية والدولة المدنية للوصول إلى الحكم، لكنهم ضد حرية الفكر والتعبير ويدعمون الدولة الدينية من خلال تمسكهم بتطبيق الشريعة الإسلامية وجعلها المصدر الرئيسي أو الوحيد للتشريع، واعتبار تفسيرهم للدين الإسلامي المرجع الأخير للحكم في كافة مناحي الحياة الإقتصادية والسياسية والثقافية والعلمية.

** ما هي المطالب الآنية والبعيدة المدى بعد الاستفتاء والإنتخابات القادمة ؟
= يرفع حزبنا مع العديد من القوى السياسية مطالب أساسية لضمان تحقيق أهداف الثورةعلي راسها:-
• تشكيل مجلس رئاسي مدني يضم ممثل للقوات المسلحة للفترة الإنتقالية لضمان تحقيق المطالب الشعبية بشكل سريع وتجنب حدوث صدام بين الجيش والشعب.
• حل الحزب الوطني ومصادرة أمواله وممتلكاته ومحاكمة رموزه التي أفسدت الحياة السياسية وشاركت وتشارك في مؤامرات الثورة المضادة. كما يجب حل المجالس المحلية الشعبية.
• وقف محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية وإنهاء حالة الطواريء.
• رفض القانون الجديد الذي يقيد قيام الأحزاب. إجراء الإنتخابات البرلمانية على أساس القائمة النسبية غير المشروطة، لأن النظام الفردي سوف يعيد إنتاج النظام القديم.
• ضرورة اتفاق القوى التقدمية والديمقراطية والمدنية على مرشح واحد للرئاسة تحت شعار” لا عسكرية ولا دينية” لدعم الدولة المدنية. وفي هذا الإتجاه اختيار لجنة تأسيسية من قبل البرلمان لوضع دستور جديد للبلاد يكرس الدولة المدنية.
• تغيير السياسة الإقتصادية بهدف تحقيق تنمية اقتصادية من خلال تدعيم دور الدولة والقطاع العام بما يكفل الحقوق الإقتصادية والإجتماعية. وضع حد أدنى وأقصى للأجور، وفرض ضرائب تصاعدية وإعادة صياغة الميزانية لصالح الكادحين، ووقف العمل ببرنامج صندوق النقد الدولي، وبشكل خاص فيما يتعلق يالخصخصة. إعادة تأميم الشركات المنهوبة ومحاربة الفساد في القطاعين العام والخاص.
• محاكمة المسؤولين عن قتل المتظاهرين وإفساد الحياة السياسية، وعلى رأسهم الرئيس المخلوع مبارك.
• العمل والنضال المشترك لكل القوى من أجل إسقاط قانون تحريم التظاهر والإعتصام والإضراب، ومن أجل إتاحة الحرية لتشكيل النقابات والاتحادات العمالية والفلاحية والطلابية.
• ضمان استقلال الجامعات وتعديل القانون بجعل التعليم الجامعي المجاني لكل من يرغب ومؤهل لذلك.
• اتباع سياسة خارجية وطنية تنطلق من الحفاظ على الأمن القومي ومن استعادة مصر لدورها الوطني والعربي والإفريقي في مواجهة المخططات الإمبريالية والصهيونية.
      
** ما هو موقف الحزب الشيوعي المصري من القوانين الأخيرة ؟
= فوجيء الحزب بصدور مرسوم بقانون يحرم حق الإضراب والتظاهر والإعتصام بعد الثورة بحجة أنها تعطل الإنتاج، وتؤدي إلى خسائر اقتصادية، وبدعوى أنها تُستخدم لتحقيق مصالح فئوية ضيقة.

وفي الحقيقة إن هذه مبررات غير صحيحة. بداية نقول أنه عن طريق الإضراب والتظاهر والإعتصام نجحت الجماهير الشعبية في إسقاط رأس النظام، وان هذه الحقوق هي الأسلحة المجربة للطبقة العاملة. إن الإضرابات والإعتصامات تعبر عن آمال العمال والموظفين والفقراء لتحسين ظروفهم المعيشية الصعبة وللمطالبة بإقالة المسؤولين عن الفساد. لقد استعملت الطبقة العاملة هذه الحقوق من أجل تشكيل منظماتها النقابية المستقلة.

إن الإحتجاجات التي تتم بعد الثورة تعبر عن مصالح الأغلبية العظمى من الشعب المصري التي تعتبر أن الثورة ليس قاصرة فقط على الحقوق السياسية،كما أن هذه الطبقات والفئات الشعبية التي تحتج اليوم كانت هي الأساس في مقاومة جحافل الثورة المضادة، وهي التي حسمت انتصار الثورة. هذه الحقوق هي ضمن حقوق الإنسان والحقوق النقابية التي تكفلها المواثيق الدولية التي صادقت عليها الحكومة المصرية.

لذلك وقف حزبنا مع القوى الوطنية والديمقراطية ضد هذا القانون المعادي لمصالح العمال والكادحين، وقد نجحنا جميعاً حتى الآن في عدم تطبيقه رغم استمرار وتصاعد الاحتجاجات. ويطالب الحزب الشيوعي المصري بإلغاء كافة القوانين المقيدة للحريات، وإلغاء كافة المواد المقيدة للحريات التي يتضمنها قانون العقوبات.

وقد فوجيء الحزب الشيوعي بصدور قانون الأحزاب الجديد الذي حافظ على القيود السابقة، وأضاف إليها قيوداً جديدة. الشيء الإيجابي الوحيد فيه هو تشكيل لجنة الأحزاب من القضاة، بدلاً من الوزراء وقيادات الحزب الوطني كما في القانون السابق. القانون الجديد يشترط عدم قيام الأحزاب على أساس طبقي ووجود 5000 مؤسس من عشرة محافظات والنشر في جريدتين رسميتين واسعتي الانتشار، مما يكلف الحزب الجديد ما يزيد على مليون جنيه قبل التأسيس. هذه شروط لصالح الأغنياء والرأسماليين والعملاء والأحزاب الدينية المدعومة من الدول الرجعية. القانون في أساسه ضد الأحزاب التي تدافع عن حقوق العمال والفقراء، وضد الحركات الشبابية الجديدة.
لذلك أكد الحزب على الاستمرار في نضاله ونشاطه بشكل علني استناداً إلى شرعية الثورة التي أتاحت حرية العمل السياسي. وسنناضل مع الأحزاب والقوي والتجمعات الجديدة لإسقاط هذا القانون.

وسوف يعقد الحزب الشيوعي مؤتمره الرابع بشكل علني يتم فيه إقرار البرنامج العام والنظام الداخلي وانتخاب قيادة جديدة للحزب.

13/5/2011