"الاوبزرفر": الدولة الفلسطينية حق اخلاقي

2011-09-18

"الاوبزرفر": الدولة الفلسطينية حق اخلاقي
"الواشنطن بوست": اوباما وحيدا امام العالم

لندن، واشنطن – بي بي سي وصحف - صحيفة الاوبزرفر في صفحة الرأي تناولت توجه القيادة الفلسطينية الى مجلس الامن للحصول على اعتراف دولي بهم كدولة اسوة بغيرها من دول العالم بعد ستة عقود من تقسيم فلسطين واقامة دولة اسرائيل على جزء كبير منها.

وقالت الصحيفة ان الولايات المتحدة سارعت الى الاعتراف بدولة اسرائيل بعد ساعات من تبني الجمعية العامة للامم المتحدة للقرار 181 عام 1947 والذي وافقت بموجبه الجمعية على اقامة دولة اسرائيل فيما اعترف الاتحاد السوفييتي السابق بالدولة الجديدة خلال اقل من اسبوع.

وبعد اكثر من ستة عقود يسعى الفلسطينيون الى السير في نفس الطريق للحصول على اعتراف العالم بدولة فلسطيينة على حدود عام 1967 خالية من المستوطنات الاسرائيلية.

وترى الصحيفة ان حق اقامة الدولة الفلسطينية يجب الا يرقى اليه الشك فالولايات المتحدة وبريطانيا تؤيدان فكرة اقامة الدولة الفلسيطينة وقد اكد على ذلك الرئيس الامريكي باراك اوباما في خطابه في جامعة القاهرة عام 2009.

لكن يبدو اوباما الان مصمما على استخدام حق النقض الفيتو ضد الطلب الفلسطيني بينما يتوقع ان تمتنع لندن عن التصويت وفي هذه الحالة سيتوجه الفلسطينيون الى الجمعية العامة وسيحصلون على ما يكفي من اصوات للحصول على صفة المراقب في الامم المتحدة وسيكشل ذلك نصرا رمزيا للقضية الفلسطينية لا يمكن للعالم تجاهله.

واضافت الصحيفة ان معارضة التوجه الفلسطيني الذي تتزعمه اسرائيل وبدعم امريكي امر خطير وذو اهداف انانية وحجتهم في ذلك ان الوسيلة الوحيدة لحصول الفلسطينيين على دولة هي عبر عملية السلام التي تعمل اسرائيل بكل السبل الى خنقها بقيادة بنيامين نتنياهو.

واشارت الصحيفة الى ان التوجه الفلسطيني سيفضح ازدواجية المعايير لدى البيت الابيض ومجلس الشيوخ الامريكي اللذين يعلنان عن تأييدهما لفكرة اقامة الدولتين كلاميا فقط ولم يفشلا فقط في تجسيد هذا التأييد عمليا بل يهددان بعرقلتها ايضا.

وتحذر الصحيفة الفلسطينيين من الوقوع في شرك الوعود الضبابية والغامضة بان الاوضاع ستكون افضل في حال احياء عملية السلام في وقت ما مستقبلا فبعد مرور عشرين عاما من اتفاقية اوسلو ومفاوضات السلام الوقائع على الارض هي ان مساحة الاراضي التي يمكن للفلسطينيين ان يقيموا دولتهم عليها تتقلص يوميا بسبب استيلاء اسرائيل على مزيد من الاراضي في الضفة الغربية والقدس الشرقية.

وما يكسب هذه المعركة الدبلوماسية بعدا دراميا اعلان المملكة العربية السعودية الاسبوع الماضي بان علاقتها مع الولايات المتحدة ستتأثر سلبا في حال استخدام الولايات المتحدة حق الفيتو ضد الطلب الفلسطيني.

اما بالنسبة للحكومة البريطانية فانها ما تزال تتدارس الموقف من الطلب الفلسطيني فهي حائرة بين الوقوف الى جانب الحق الاخلاقي عبر تأييد الطلب الفلسطيني والنفاق الذي يسمى في عالم السياسة بالبراجماتية.

من جانبها نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الاميركية مقالا للمحرر في وكالة "اسوشييتد بريس" للانباء بن فيل قال فيه انه في وقت كان الرئيس الاميركي باراك اوباما يعيش حلما كبيرا فانه تصور ان هذه هي اللحظة التي سيجتمع فيها قادة العالم للترحيب باعلان قيام دولة فلسطين الجديدة.

غير أن ما يتوقعه عوضا عن ذلك في الامم المتحدة الاسبوع المقبل هو اقرب ما يكون الى حلم دبلوماسي مزعج يمكن ان يعزل الولايات المتحدة، ويغضب الكونغرس، ويعمق الانقسام في الشرق الاوسط، ويلطخ بقية اجندته.

ذلك انه بعد ان ضاق صدرهم من المحادثات الفاشلة مع اسرائيل، تحول الفلسطينيون نحو الامم المتحدة مباشرة للحصول على دولتهم. لكن اوباما يواصل الاصرار على ان هذا الاسلوب سيقضي على فرص قيام دولة فلسطينية بتجاهل القضايا التي لم تجد حلا لها بعد مع اسرائيل. وهكذا، فانه اليوم في موقع لا يحسد عليه في معارضة جهد ساند بنفسه اهدافه، كما يقف وحيدا الى حد ما في اتخاذ هذا الموقف. فمن وجهة نظر الولايات المتحدة، الخيارات لا تبشر بالخير.

وفي حال تمسك الفلسطينيين بقضيتهم من اجل الحصول على عضوية الامم المتحدة امام مجلس الامن، وهو ما يبدو اكثر احتمالا، فان الولايات المتحدة ستستخدم حق النقض "الفيتو".ولكن اذا حمل الفلسطينيون قضيتهم الى الجمعية العمومية للحصول على صيغة اقل وان كانت افضل من حيث صفة الاعتراف بالعضوية، فان الولايات المتحدة لا تستطيع استخدام الـ"فيتو" ضده هناك،بما يضعها ضمن الاقلية وربما يشعل مشاعر العالم العربي ضدها.

وقد بذل الاميركيون جهودا محمومة لثني الفلسطينيين بحيث يتخلون عن مبادرتهم والعودة الى المحادثات مع اسرائيل بشأن الحدود والامن. غير ان ضيق الفترة الزمنية امام توجه اوباما الى نيويورك يوم الاثنين، فان ادارته ظلت تحاول استكشاف ما بعد اي اجراء دولي على أمل ان احتواء النتائج اللاحقة أيا كانت.

وقال اندرو اكسوم، احد كبار الزملاء في مركز الامن الاميركي الجديد "انه خسارة، خسارة وخسارة. فقرار مجلس الامن الدولي سيلحق الاذي بالولايات المتحدة والعالم الناطق بالعربية اذا بدا لهم ان اوباما يعرقل الطريق. كما ستشعر الحكومة الاسرائيلية ودولة اسرائيل بمزيد من العزلة. اما الاحباط الفلسطيني فانه سينمو".

ومن المؤكد ان البيت الابيض يشعر بهذا الاحباط أيضا.اذ يواجه اوباما تساؤلات حول التزامه باسرائيل ودعم الناخبين اليهود له رغم ان له سجلا من دعم اسرائيل يقول محللون انه كان قويا ومقبولا. فهو لم يتمكن من دفع الرئيس الفلسطيني محمود عباس الى التخلي عن مبادرة يصفها اوباما بانها تحيد عن الطريق الصحيح. كما يشعر اعضاء الكونغرس بالغضب بسبب ما يرون انه الجولة النهائية للفلسطينيين حول اسرائيل، ويحذرون من التدخل بانفسهم. وبقي العالم يراقب كيف ان عراك اوباما الداخلي مع النواب قد اساء الى مكانتهم جميعا.

وقال شبلي تلحمي، استاذ السياسة الشرق اوسطية واحد كبار الزملاء في معهد بروكينغز "لا شك بأنه يحمل معه مفهوما عالميا بأنه مكتوف اليدين".

وعلى هامش اللقاءات، فان اوباما سيلتقي رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتياهو على امل ايجاد وسيلة للعودة الى مفاوضات الشرق الاوسط. وقال البيت الابيض انه ليس هناك خطط لمثل هذه المحادثات مع عباس. ولكن اجراء دوليا بشأن المبادرة الفلسطينية يصدر بعد مغادرة اوباما لنيويورك، لا بد ان يرمي بظلاله على رسالته.

وفي خضم اللقاءات والكلمات يومي الثلاثاء والاربعاء، فان اوباما سيلفت الانتباه الى الانتفاضات التي اطاحب بالطغاة وعجلت بالديمقراطية في الشمال الافريقي والشرق الاوسط. ويرغب الرئيس (الاميركي) والامم المتحدة ذاتها باعلاء شأن التدخل الدولي في ليبيا باعتباره قصة نجاح لقوة الوحدة والاستراتيجية.

الا ان اوبما يعود القهقرى على المسرح الدولي تحت ثقل التوقعات السلمية في الشرق الاوسط التي وضعها بنفسه في خطابه امام الامم المتحدة العام الفائت. وكان اوباما قد اعلن في ايلول (سبتمبر) الفائت في التوجه نحو اتفاق متفاوض عليه يتعلق بدولة فلسطينية ذات سيادة "علينا ان نمد ايدينا الى ما هو الافضل بين انفسنا. واذا نحن فعلنا ذلك عندما نعود الى هنا العام المقبل، فانه يكون لدينا اتفاق يؤدي الى عضو جديد في الامم المتحدة". ولكن عوضا عن ذلك، انهارت المحادثات الفلسطينية الاسرائيلية.

وحاول اوباما في أيار (مايو) حقن بعض الحياة بالاعلان عن شروط يمكنها ان تعيد الجانبين الى المحادثات. فتبنى حزاما حديديا لامن اسرائيل، ولدولة فلسطينية مستقلة تقوم على الحدود التي كانت قائمة قبل حرب 1967، عندما احتلت اسرائيل القدس الشرقية والضفة الغربية وغزة.وكانت النية لدى اوباما ان يتمسك بهذه المبادئ وان يحافظ على الدعوة لاجراء محادثات مباشرة.

اذ تدافع الدبلوماسيون الاميركيون والاوروبيون في الاسبوع الفائت لوضع صيغة تؤمن عودة الجانبين وتتحاشى المشهد في الامم المتحدة. غير ان جهودهم لم تثمر حتى الان. الا ان موفدين من مجموعة مفاوضي الشرق الاوسط الدوليين – الولايات المتحدة، الامم المتحدة، روسيا والاتحاد الاوروبي – ينوون عقد لقاء مرة اخرى يوم الاحد في نيويورك.

يقول بن رودس، نائب مستشار الامن القومي الاميركي "انها مشكلة عويصة استغرقت بطبيعة الحال عقودا لمعالجتها. غير انني اعتقد ان رسالتنا الرئيسية هي ان دعم التطلعات الفلسطينية، وتأييد قيام دولة فلسطينية، يمر عبر المفاوضات مع اسرائيل".

وتعيش هذه النظرة بين معظم الدول الاعضاء في الامم المتحدة بالنسبة للمساعي الفلسطينية للحصول على الدولة، لدرجة انه يصعب ان ندرك كيف يمكن لخطاب اوباما ان يكون له أثر يذكر، كما يقول مارك كارتيرمان، المسؤول السابق في الامم المتحدة الذي تابع الردود العالمية على الازمة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.

وقال "قد يكون هناك احباط، ولكن ليس هناك ما يعيب تحقيق تقدم لا بد منه. والمشكلة الان هي انه يبدو ان الفلسطينيين فقدوا الصبر واخذوا في السير عبر مسار اخر. انه ليس تقليلا من مكانة الولايات المتحدة، انه مسيرة مختلفة في التحرك بهدوء تام لاسباب مختلفة، ليس للولايات المتحدة سيطرة تذكر على بعضها".

وسيلقى اوباما كلمته امام المنظمة العالمية يوم الاربعاء.اذ قال لجمع من الصحفيين اخيرا ان التحدي الرئيسي يظل هو نفسه على ما هو: فان الطرفين قدما التنازلات الضرورية لتحقيق السلام. وقال "لا يمكن ايجاد حل لهذه المسألة الا باتفاق على شيء ما بين الفلسطينيين والاسرائيليين. وما يجري في نيويورك يمكن ان يحظى باهتمام كبير في الصحافة، لكنه لن يغير شيئا بالفعل بالنسبة لما يجري على الارض".

18/9/2011