أزمه الجزر في بحر الصين الجنوبي
الحوار وقطع الطريق على التدخل الخارجي كفيل بحل الأزمه

2016-07-23

أزمه الجزر في بحر الصين الجنوبي

الحوار وقطع الطريق على التدخل الخارجي كفيل بحل الأزمه

* د عقل طقز

دخلت ألازمه حول السيادة على بعض الجزر في بحر الصين الجنوبي، مرحله جديدة  تمثلت بعاملين رئيسيين:

الاول دخول حاملتي طائرات امريكيتين الى بحر الصين الجنوبي، في محاوله لاستعراض القوه ولإظهار دعمها لحليفتها الفلبين في نزاعها مع الصين في السيادة على بعض الجزر في بحر الصين الجنوبي, وهو الذي لن يؤدي الى تغيير الواقع هناك، خاصة وان الأمر يتعلق بدوله عظمى كالصين التي لن تخيفها مثل هذه التهديدات, وإنما سيزيد فقط من حده التوتر الذي لن يساعد في التوصل الى حل سلمي لهذه المشكله.

والثاني صدور قرار التحكيم والذي تقدمت به الفلبين منذ العام 2013، الأمر الذي  لم تتعامل معه الصين منذ البداية، وأعلنت رفضها له مباشره من خلال تصريح رسمي للخارجية الصينيه والمتحدث باسم الحكومه. 

فقد دعت الصين ومنذ نشوب الخلاف الى حله من خلال الحوار بين الاطراف المعنية مباشره ودون اي تدخل خارجي, وهذا ما كانت دعت اليه منظمه "اسيان" أيضاَ ومنذ البداية.

غير ان المتتبع للتطورات السياسيه في هذا الجزء من العالم، يلاحظ ان اهتمام الولايات المتحدة به قد تضاعف في الفترة الأخيرة، وذلك لما تشكله الصين بالدرجة الاولى من تهديد جدي لمكانه الولايات المتحدة على صعيد الاقتصاد العالمي من خلال نموها الاقتصادي المضطرد خلال السنوات الماضية، وما تشكله الخطط الاقتصادية الصينيه للسنوات القادمة وخاصة خطة "طريق الحرير" التي ستمنح الصين فرصه للوصول الى الاسواق الاوروبية عبر آسيا والشرق الأوسط، وما يعنيه ذلك من منافسه جديه للاقتصاد الامريكي في عقر مجاله الحيوي، ألا وهو أوروبا الغربيه. أضف الى ذلك ما يشكله بحر الصين الجنوبي من مخزون للطاقه "النفط والغاز"، وكذلك أهميته الاستراتيجية للملاحة البحريه.

وإذا ما أضيف لذلك كله، القوى الاقتصادية الناشئة في العالم وخاصة في آسيا متمثله بالهند كقوة اقتصاديه كبرى أيضاَ, فان الولايات المتحدة ستكون وبلا شك الخاسر الأكبر في هذه المنافسة، وما يعنيه ذلك من تراجع في دورها ومكانتها على الصعيد الدولي.

لكل هذا تحاول الولايات المتحدة خلق الكثير من المشاكل في بحر الصين الجنوبي للضغط على الصين وإدخالها في أزمات مع جيرانها وخاصة حلفاء الولايات المتحدة منهم، وذلك لدفعها الى تقديم تنازلات في ملفات دولية كثيرة، أهمها الملف الاقتصادي, ومحاولة حصارها وعزلها دولياَ ان أمكن ذلك.

غير ان الصين تملك الكثير من الاوراق التي تجعل من موقفها في هذه المواجهه الدبلوماسيه قوياَ. وأهم هذه الاوراق كون الصين ومنذ القدم هي أول من اكتشف هذه الجزر وسماها ومارس السيادة عليها.

كما ان الصين دوله عظمى ولديها من القوة ما يجعل التحرك العسكري الامريكي في بحر الصين غير قابل بان يشكل تهديداَ عسكرياَ يمكن ان يعطي أيه نتائج سياسيه تدفع الصين الى المساومه على حقوقها وسيادتها على هذه الجزر. اضافه لكون الفلبين التي تستخدمها الولايات المتحدة كراس حربة في هذا النزاع مع الصين، لا تستطيع مواجهه الصين على اي من الجبهات السياسيه والاقتصادية والعسكرية .

لقد أعلنت الصين التزامها بالقانون الدولي للبحار وحرية الملاحة في بحر الصين الجنوبي, اضافة الى الرسالة القوية التي وجهتها من خلال ردها الرسمي على قرار التحكيم برفضه وعدم الاعتراف به, داعية مجدداَ الى الحوار بين الاطراف المعنية دون تدخل خارجي. الامر الذي سيكون كفيلا بحل هذا النزاع ونزع فتيل أزمة لا يمكن التكهن بنتائجها اذا ما تطورت الى صراع بين القوى الكبرى.

اننا في حزب الشعب الفلسطيني نؤيد الموقف الرسمي للحكومة الصينيه الداعية الى الحوار المباشر بين الاطراف المعنية بهذا النزاع من أجل ايجاد حل سلمي عادل له وقطع الطريق على الاطراف الخارجية وخاصة الولايات المتحدة الامريكية التي تسعى الى تصعيد الموقف ودفع حلفائها الى المواجهه مع الصين خدمه لمصالحها، وغير آبهة بمصير شعوب المنطقه التي ستكون الخاسر الاكبر نتيجة لهذا التصعيد.

لقد اثبتت الولايات المتحدة انها قادرة دائما على افتعال الأزمات وإدخال الدول في صراعات دموية أحياناَ وبشتى السبل, غير أنها اثبتت أيضاَ انها لم تنجح في حل اي مشكله جديه في أي بقعة من بقاع العالم، وذلك لان مصالحها تتناقض مع السلم والهدوء والتعاون بين الدول، خاصة وأنها دائما تفتعل هذه الأزمات بعيداَ عن اراضيها والضحايا غالباَ ما يكونوا من الشعوب الأخرى والدول المتصارعة, الأمر الذي تسعى لفعله أيضاَ بين الدول  المطلة على بحر الصين الجنوبي.

* عضو لجنه العلاقات الدوليه