الانتخابات والقدس - (الحلقة الرابعة) | عبد المجيد حمدان

2021-04-23

الانتخابات والقدس

 (الحلقة الرابعة)

| عبد المجيد حمدان

وجوابا على السؤال الذي اخْتتمنا به الحلقة السابقة، وماذا عن الانتخابات والقدس ؟ نقول: احتلت القدس رأس قائمة الأولويات في استراتيجية خلق الوقائع واعتماد سياسة النفس الطويل الإسرائيلية.

اصطدمت السياسة الإسرائيلية بحقيقة تمسك الأمم المتحدة والدول التي صوتت لصالح قرار التقسيم، وفي مقدمتها الدول الحليفة: الولايات المتحدة، بريطانيا ، فرنسا ، كندا ودول أوروبية عديدة، بحقيقة تمسكها بما نص عليه القرار من حيادية القدس ومحيطها، وبالتالي رفض الاعتراف بقرار توحيد المدينة وإعلانها العاصمة  بعد 67،  وواصلت رفض نقل سفاراتها من تل أبيب إليها.

ظنت إسرائيل أن سياسة خلق وتراكم الوقائع طويلة النفس، وبما فيها الضغط السياسي، كفيلة بتحقيق مبتغاها في نهاية المطاف.

ولأن الوقائع التي أحدثتها إسرائيل كثيرة، تعالوا نحاول إنعاش الذاكرة بسرد بعضها.

 بعد إعلانها الضم باشرت إسرائيل، وعلى الفور، بهدم جدار الفصل بين المدينتين، بإزالة بوابة مندلبوم، بإعادة ربط الشوارع، بإخلاء وهدم حي المغاربة وإقامة حي يهودي مكانه، ومعه بتوسيع وتطوير ساحة البراق. انتقلت بعد ذلك  لِبناء حي يهودي جديد يربط أحياءها الشمالية، عبر التلة الفرنسية التي كان معسكر للجيش الأردني يقوم عليها، بالجامعة العبرية الواقعة على قمة جبل سكوبس - المشارف - ، مشكلة طوقا أول للقدس الشرقية .

وإضافة لحل البلدية، وإلحاقها بالبلدية الموحدة ، وفرض الضرائب ..الخ منحت أهل القدس بطاقة زرقاء، بديلا عن البطاقة البرتقالية لأهل الضفة والقطاع، مع جملة من الامتيازات الأخرى، استهدفت فرض وقائع الفصل داخل النفس المقدسية.

ذلك كله حصل في  صيف العام 67.

وفي السنوات التالية، وبعد اكتمال الطوق الاستيطاني حول المدينة، شمالها، شرقها وجنوبها، بدأت إقامة الأحياء الاستيطانية داخلها بادئة بحي رأس العامود ومرورا بسلوان، وَليقارب عدد مستوطنيها اليهود عدد سكانها العرب إن لم يَتجاوزهم. وطبيعي أن تطويقها بالجدار العازل وفصلها ببوابات العبور الإلكترونية لم ولن يكون الخطوة الأخيرة.

بالدأب ذاته، والإلحاح ذاته، واصلت إسرائيل محاولات  خلخلة جدار الرفض الدولي لقرار الضم وإعلان العاصمة  ونقل السفارات إليها.

نجحت مؤخرا في إحداث هذه  الخلخلة.

قرار الرئيس ترامب الإعتراف بالضم والعاصمة، ونقل السفارة من تل أبيب، أحدث هذه الخلخلة. القرار، وعدم قدرة إدارة بايدن على الرجوع عنه، قرب لحظة تحول التراكمات إلى الكيفية المبتغاة والمنتظرة.

وبقي العائق متمثلا في فشل سياسة تراكم إجراءات التغيير التي استهدفت النفس المقدسية، في تقريب ساعة القبول بفصل أهل القدس عن شعبهم، يتبعها الحصول على اعتراف فلسطيني بشرعية الضم.

ونصل إلى عنوان المقال لنقول: نعرف، نعي، ندرك أن إسرائيل لن تتزحزح، لن تتراجع عن هدف ضم القدس وجعلها عاصمتها الأبدية. نعرف أنها لن تسمح بأن تجري فيها الانتخابات مثل رام الله أو نابلس. نعرف أن سماحها بهكذا خطوة يعني خلخلة كل الوقائع التي كَدستها على مدار الـ53 سنة الماضية. وأن هكذا خطوة تعني تصليب موقفنا الرافض للتخلي عن القدس بدل توهين هذا الموقف. ونعرف أنها تراهن الآن على قصر نفس سياستنا، وعلى فهلوية هذه السياسة، وتنتظر منا إضافة قشة، قشة فقط إلى التغيير الذي أحدثه قرار ترامب. ذلك  محظور علينا تماما. لأنها القدس يا سادة.

يتبع...