القدس تحتفي بالاديب محمود شقير

2011-06-12

القدس تحتفي بالاديب محمود شقير

القدس - وكالات - غصت قاعة المسرح الوطني الفلسطيني في القدس بجمهور الأدباء والكتاب والمثقفين المقدسيين الذين احتفلوا بمبادرة من ندوة اليوم السابع الأسبوعية الدورية بالأديب المقدسي الكبير محمود شقير.

وافتتح اللقاء الكاتب جميل السلحوت بكلمة تحدث فيها عن مراحل أدبية لافتة في حياة الأديب محمود شقير،بدءا بمرحلة الأفق الجديد في ستينات القرن الماضي، ومرورا بالمراحل الأدبية لأديبنا في المنفى وحتى عودته في العام 1993، وكتاباته المميزة عن القدس في مراحله المختلفة.

والقى ماجد الماني كلمة ترحيبية باسم المسرح الوطني الفلسطيني بالأديب شقير وبجمهور الحاضرين، كما القى عبدالله صيام نائب محافظ القدس كلمة أبدى فيها سعادته بمناسبة تكريم أحد فرسان الثقافة المقدسية.

الاستاذ موسى أبو دويح القى كلمة دينية دعا فيها بالهداية لجمهور المحتفلين.

واشاد طارق السيد بدور الأديب شقير في الثقافة الفلسطينية، اما الشابتان دينا عديلة، وآلاء أبو نجمة أبدتا اعجابهما بقصة"صمت النوافذ"للأديب شقير، وقدمت الأخيرة لوحة عليها رسومات للقصة هدية له.

الروائي عيسى القواسمي وصف شقير بملك الكلمة، والتميز بالفن القصصي، والقى الشاعر رفعت زيتون قصيدة من شعره عن القدس.

وعاد خالد محاميد بذاكرته الى الشاعر الكبير محمود درويش، وألقى قصيدته التي رثى فيها الراحل الكبير.

وربط الشاعر مفلح طبعوني مرج ابن عامر بالراحلين الكبيرين توفيق زياد، ومحمود درويش، وبالاحتفاء بالأديب شقير.

وكان مسك الختام مع الناقد ابراهيم جوهر الذي استعرض الحياة الأدبية للأديب شقير، وتميزه فنيا ولغويا في فن القصة، ووصف لغة شقير باللغة"الشقيرية".

أما الأديب شقير فقد شكر ادارة المسرح الوطني والمتحدثين وجمهور الحاضرين، منوها الى ثقل المسؤولية الأدبية التي يحملها على كاهله، خصوصا في الكتابة عن القدس الشريف، كما أبدى اعتزازه بفوزه بجائزة الراحل الكبير محمود درويش.

وبعدها تسلم الأديب شقير درع المسرح الوطني، وقدم له المحامي خالد محاميد حجرا من حطام البيت الذي ولد فيه محمود درويش في قرية البروة قضاء عكا، ويحمل رسما لصور الراحلين الكبار محمود درويش، توفيق زياد وغسان كنفاني، كما قدم حجرا آخر لندوة اليوم السابع ولمشرفها جميل السلحوت.

جال السلحوت: محمود شقير مدرسة أدبية
الحديث عن محمود شقير لا يفي الرجل حقه، فهو أديب متعدد المواهب، ومناضل لم تلن له قناة، وتحتاج أعماله وإبداعاته الأدبية الى دراسات وأبحاث، وسيرته حافلة نضاليا وإبداعيا، فالرجل اعتقل اداريا لمدة عشرة شهورفي العام 1969، ثم أعتقل مرة أخرى في العام 1974 وأبعد الى لبنان في العام 1975، ليتنقل بين بعض العواصم إلى أن عاد الى ارض الوطن في العام 1993، وكان سلاحه القلم دائما.

بدأ محمود شقير كتاباته الأدبية على صفحات مجلة الأفق الجديد التي أصدرها الراحل أمين شنّار عام 1961، واحتضنت أقلاما برزت لاحقا منهم: الشهيد ماجد أبو شرار، الراحل محمد البطراوي، الراحل خليل السواحري، الراحل عبد الرحيم عمر، حكم بلعاوي، يحيى يخلف، صبحي الشحروري، جمال بنورة وآخرون. وكانت بداياته القصصية قوية ولافتة، وتدور أحداثها في مدينة القدس، والتي صدرت لاحقا في مجموعة "خبز الآخرين" التي قدم لها الراحل توفيق زياد.

وواصل محمود شقير كتاباته في القصة القصيرة، وقصة الأطفال والفتيان والرواية للفتيان...كما كتب مسلسلات تلفزيونية شاهدناها على الشاشة الأردنية، وكتب المسرحيات، احداها مثلها الفنان زهير النوباني وعرضت هنا في فلسطين، وكتب في أدب الرحلات، وكتب الخاطرة والمقالة الأدبية والسياسية والنقدية، لكنه أبدع في كتابة القصة القصيرة، والقصة القصيرة جدا التي يعتبر أحد روادها بل أحد مؤسسيها على الساحتين الفلسطينية والعربية، وقد صدرت له عدة مجموعات من الأقاصيص.

ومحمود شقير مسكون بالقدس التي يسكنها، ويتعذب بعذاباتها، وينتظر الفرج القادم لا محالة لها وله ولشعبيهما. ولذا فقد خصص عددا من مؤلفاته عن المدينة المقدسة، فعندما عاد من المنفى عام 1993 كتب رائعته" ظل آخر للمدينة" التي لقيت ردود فعل ايجابية واسعة، واعتبره النقاد جانبا من السيرة الذاتية للكاتب وللمدينة، وتوالت ابداعاته فصدرت له مجموعة القصص القصيرة جدا"القدس وحدها هناك" وكتاب"قالت لنا القدس" وأخيرا وليس آخرا مجموعة القصص القصيرة جدا" مدينة الخسارات والرغبة" التي صدرت قبل حوالي الشهرين.

ومحمود شقير المبدع الذي ترجمت بعض ابداعاته الى أكثر من لغة أجنبية، لتكون سفيرا لثقافتنا الوطنية والعربية عند الشعوب الأخرى، هو الفائز الأول بأرفع جائزة فلسطينية ثقافية، والتي تحمل اسم الراحل الكبير محمود درويش...وهو الذي يخوض في بحر التجريب، فيفاجئنا دائما بما هو جديد ولافت، فالرجل يطور أدواته الفنية بشكل مستمر...بحيث يشكل ابداعه مدرسة أدبية تحتاج الى أبحاث لترسيخها كي تستفيد منها الأجيال الشابة والقادمة، أما لغته الأدبية فهي مميزة وفريدة فالرجل يملك ناصية اللغة ويختار كلماته بعناية فائقة.

وأديبنا الذي انحاز الى الطبقات الكادحة من شعبه، ظهر انحيازه لهم في التعبير عن همومهم في كتاباته الأولى، لكن هذا الانحياز لم يكن على حساب الفن، فالرجل منحاز الى قضايا شعبه وأمته، فكان أنموذجا للمناضل الصلب الذي لا تلين له قناة، وللأديب الملتزم بقضايا الشعب والأمة، فكان نجمة تضيء ليل فلسطين.

ابراهيم جوهر: يستعرض الحياة الأدبية لشقير
لم يكن قد مضى غير ثلاثة عشر عاما من عمر النكبة الفلسطينية الكبرى حين كان فتى ريفي خجول يقتحم مبنى مجلة أدبية في مدينة القدس في العام 1963م . !!

فتى ريفي خجول ، نحيل البنية ، يتقدم بثقة بالنفس وهو يحمل إرث الثقافة القروية الفقيرة التي تنظر بمهابة عالية للمدينة ومن فيها وما فيها ... ويكاد لا يصدّق أن هؤلاء الناس مثا أولئك الفقراء الذين يعرفهم في القرية ، مع علمه بفقراء المدينة الأشدّ فقرا من الفقر الذي يعرفه .

ثلاثة عشر عاما سمينة ومكتنزة بالذل والعار مرّت على النكبة آنذاك ، وبعد ست سنوات من الأحلام العاجزة ستحل صدمة مدوية كبرى أخرى ستحرق قلب الفتى المتفائل فتغيّر نظرته إلى الحياة ومسار قلمه وعلاقاته بالأشياء ....حيث سيبعد لتسعة عشر عاما يطوف خلالها أصقاع الدنيا فاضحا من أبعدوه عن مرابع صباه ، وحدائق عشقه ، وذكرياته .

أنضجته السنوات التي صادرت براءة القرية وأبعدت براءة الفتى الريفي الحالم بدنيا الأحلام الوردية في المدن المستقرة المشتهاة في الخيال البريء ودحرتها ليحل مكانها قلم يوازي البندقية .

لعله كان يأمل آنذاك أن يوازي قلمه الوردة الصباحية ، وبسمة الحب ، وكلمات الغزل العذري الدالّ على أصالة الإنسان المعبّأ بحب الحياة ...ولكنه الاحتلال الواقف بالمرصاد ليعتقل كل الكلمات الجميلة ، ويمحو القصائد والقصص ، ويفطر قلوب العشاق : عشّاق الحياة ، وعشّاق الإنسان ....فينتف ريشه في معتقل المسكوبية ، ويسأله فتى فلسطيني عن الوطن قبل أن يطل من شباك الغرفة ويقول له : انظر إلى تلك السهول ، هل تراها ، وإلى تلك الجبال هل تراها ...وإلى تلك الأشجار هل تراها ؟

هذا الفتى ابن العشرين عاما ، النحيل الخجول الذي يسير في شارع صلاح الدين ويصعد درجات مجلة الأفق الجديد بخجل قروي ونحافة جسد وأدب زائد ، سيكون له مستقبل لافت ، وسيتحدث عنه أهل العلم والأدب والسياسة ...وسيعتقله الاحتلال ويبعده .

الفتى نفسه الذي سيصير أديبا يشار له ببنان الفصاحة والتجديد والإبداع سيكون اسمه (محمود شقير ) ، وسيكون شغله الشاغل قضية شعبه ووطنه المغتصب .

سيتمثّل الفتى الناشىء حكايات الرجال المقموعين في ديوان جدّه مختار العشيرة وهم يحكون بهمس غير بريء عن النساء والعلاقات في ليالي الشتاء وأمسيات الصيف القائظة ، فتنعكس الحكايات في روحه ليعكسها في قصصه الاجتماعية الأولى ويطعّمها بالأبعاد الطبقية التي ترى الحل بالانتصار للطبقة الكادحة التي ستبني مستقبل الأطفال والناس والوطن .

من هذه الأجواء جاءت (خبز الآخرين ) لتحمل الهم الاجتماعي البعيد عن الهم الوطني المباشر الذي سيصيب بعض الكتاب المحليين في مقتل وهم يخطبون في الناس عن طرق القصة ولا يخطبون الفن !!

لقد جاء عنوان القصة الذي حملته المجموعة الأولى ليشير إلى لغة فنية تقترب من آفاق الشعر وهي تعتمد الإيحاء والإيجاز والصورة ، مما يمهد للنقلة الفنية العالية التي سيحققها في أعماله اللاحقة التي استقرت –آنيا- في نمط القصة القصيرة جدا ، واليوميات ،وأدب السخرية والمفارقة ، واللغة الناضجة الساحرة في بساطتها والأسلوب الذي يصح وصفه بالسهل الممتنع .

في العام 1975 سيبعد الاحتلال الإسرائيلي ذاك الفتى الذي كان يصعد درجات مجلة الأفق الجديد لينشر أولى قصصه عن العلاقات بين الناس ويرسم صورة الوطن المشتهى ...ستحمله دورية عسكرية إلى الحدود اللبنانية الفلسطينية ، وسيستفزه الضابط الغبي وهو لا يعرف الرجل الذي لم تحتمل دولة الاحتلال وجوده :

- اذهب الآن ، ولن تعود من جديد إلى القدس ...فيعانده الرجل المبعد بقوة الاحتلال وهو يستحضر قوة شكيمة البدوي ، وارتباط القروي بأرضه ، وثقة الفلسطيني بحقه قائلا له وهو يعلي التحدي :

- بل سأعود رغما عنك .....

- إنه الكاتب الذي تساءل ( متى يعود اسماعيل ؟ ) في قصة حملت العنوان ذاته .

- محمود شقير اليوم بيننا ، هنا ، في القدس نفسها التي أحبها ، وأبعد من أجلها ، وكتب لها أجمل ما كتب عنها .

- عاد الرجل المبعد الذي تحدى الضابط الغبي الذي لم يدرس التاريخ ...

- تحققت نبوءة الكاتب الذي سأل : متى يعود اسماعيل ؟

- لقد عاد إلينا وهو الذي حرص على ألا ينشر أعماله في أي مكان غير القدس ، فكان أن سبقته بالعودة ، وهو الذي لم تغادر روحه وأحلامه أرضها وسماءها .

- عاد إلينا ، وهو باق بيننا ، فخاب تهديد الضابط الذي يمثل دولة الاحتلال ...عاد ليؤكد حقيقة البقاء والصمود على أرض التاريخ والديانات والحضارة والحق الباقي ، وليواصل تقديم القدس إلى عشاقها بالقلم الريشة : ريشة الفنان الذي يرسم ويلوّن وينقل الأجواء بنكهتها الخاصة المميزة .

- ...مضت خمسون عاما منذ صعد ذلك الفتى الموعود درجات المجلة التي سيرتبط اسمه بها .

- ومنذ ذلك التاريخ البعيد نسبيا وهو يواصل صعوده في سلم الإبداع والتطوير الاسلوبي . إنه يواصل صعوده ، في وقت يجرحني تواصل انحدار قضيته ونزولها على درجات لست أدري أين نهايتها !!!!

- خمسون عاما من الكتابة .

- خمسون عاما من التوجيه ، والتعبير ، والإلهام .

- خمسون عاما من حمل هموم الوطن على الكاهل المتعب وإخراجها من سنّ القلم إلى بياض الصفحات وبياض القلوب المنتظر دفقا دافئا من روح وعقل صادقين ناطقين بحب الوطن ، ولا شيء غير الوطن : بأرضه ،

- وتارخه ،

- وناسه ،

- ومستقبله ، وأشجاره ، وأعشابه ، وحجارته ....وكل من فيه وما فيه . بماضيه ، وحاضره ، ومستقبله .

- الوطن المكلوم المبتلى : بعلاقاته ، وغرائبه ، وكذبه ، ونفاقه ، وزيفه ،

- وهو يعكسه على صفحة روحه بنقائه المشتهى الموعود ،

- ومستقبله المأمول ،

- وناسه المنتظرين .

فيا أبا خالد ،

لقد علّمتنا نحن الذين تتلمذنا على كتاباتك وتضحياتك أن نكون صادقين مع أنفسنا ، ومع قرائنا ، ومع أقلامنا .

لم تقل مباشرة : لا تخونوا أقلامكم وأماناتكم لأنها الجزء المادي المنظور من أرواحكم ، فكيف يخون الإنسان روحه !!

ولم تقل : غنّوا ولا تيأسوا . اكتبوا ولا تيأسوا . اعملوا بصدق وإخلاص ....

لم تقل لنا هذا أو قريبا منه ... ولكنك قلت هذا كله ، وأكثر .

قلته في قصصك للكبار ، حين أبقيت الأبواب مشرعة للأحلام الوردية ، والتأويلات الممكنة .

وحين حرّضت على آكلي حقوق الناس وحق الوطن .

وحين استهزأت بالساعين بحثا عن خلاصهم الفردي تاركين الوطن يغرق في بحر دمائه وأحزانه .

دماثة خلقك لم تشأ المباشرة ، فكان الرمز .

واحترامك وعي القارىء وثقتك به جعلاك تكتفي بالتلميح وأغنياك عن التصريح .

وقلته في كتاباتك للأطفال لأنهم الأمل القادم .

لم تقل لنا : هذه القدس التي تتسرب من بين أيدينا اليوم لها ماض جميل مبهر ، وواقع حزين مؤلم ...ولكن قلمك الذي أضحى ريشة وكاميرا تصوير فنية ناطقة حمل إلينا كل المعاني الممكنة ، وأبقى لكل مجتهد في التحليل نصيبا مما اكتسب .

كتبت بلغة سهلة ، بسيطة ، أليفة ، ذات وقع خاص ، لا هي بالشعر ، ولا هي بالنثر ، ولا هي بالصورة ، ولا هي باللوحة ...ولكنها هذا كله ، وليست واحدا من هذا كله .

لقد تحولت اللغة وهي تعجن في معجنك الخاص إلى لغة خاصة ( لغة شقيرية ) بامتياز . سيجد الدارس ما يميّزها عن لغة الأجناس الأدبية المتعارف عليها . .

إنها تجمع روح الخاطرة التي تبرق في الذهن لتستلقي على بساط العقل الممدود الواعي فتحاور المقال والسيناريو لتخرج من عدسة الرؤية راسمة رؤيا مفتوحة على آفاق وفضاءات تعطي القارىء وفق حاجته ما يكفيه .

الصورة الكلية عند محمود شقير في عمومها تصل القارىء بمستوياته المتباينة لأنها تحمل أوجها قابلة للتأويل المفتوح على إيحاءاتها المتطاولة واكتنازها الجميل .

إنه يحكي حكاية بسيطة ، أليفة ، عادية ، يومية التقطها من الذاكرة الشخصية أو الجمعية . أو ينقل الحدث اليومي العابر العادي ـ أو حتى الخبر العادي العاري من لغة الأدب وروح الفن والشعر لأنه مشبع بلغة القتل وروح الدم ، فيخمّره ويلبسه ثوب وعيه ويحمّله رسالته فيخرجه إلى الناس طفلا جميلا ، أو رجلا مكتمل البهاء والأنفة والكبرياء ، أو شيخا وقورا حكيما ، أو امرأة مناضلة تحتمل ظلم الزوج والأقارب ، وتتحمل ظلم الأباعد وتنكّرهم .

على يديه مثلا تصير (زهرة الصيف) إنسانا ، وتصير امرأة تشارك في نضالات شعبها ضد المحتل ، وتتفقّد الناس والأماكن لتطمئن عليها وعليهم .

زهرة الصيف تغادر حديقة المنزل . تقوم بواجبها السرّي بعيدا عن عدسات الفضائيات وأنشطة رفع العتب . ثم تتسلل ليلا . تقف على بوابة الحديقة المنزلية . تخلع ثوبها الإنساني ، وترتدي ثوبها الزّهري النباتي ، فتدخل الحديقة وتنضم إلى جاراتها في الواقع والمكان والأحلام المشتهاة .

العادي يتحول إلى خارق فانتازي . والعادي المأساوي يتحول إلى سخرية مضحكة مسلية ساخرة وساحرة ذات مفارقات ملفتة . إنها ساخرة في سخريتها من أولئك المتحكمين في مصائر الشعوب ،،،وساحرة لأنها مدهشة في التناول والمعالجة والتقديم وسير الحدث في إطار من الفانتازيا الواقعية .

هكذا وجدنا (كونداليزا رايس ) تصير ابنة خالة الراوي . وكذا ( شاكيرا ) ولا حمدا ولا شكورا !! وهكذا تزور الشخصيات الأميركية حيّ الراوي فتبدأ معاناته في البحث عن مكان يتسع لها وللحرس المرافقين ....

وفي أدب الطفل يسعى لتقديم ما يمتع ويفيد ويربّي ويؤدلج .

وفي الكتابة للتلفزيون اختار الشخصيات الوطنية التي وقفت في وجه الاستعمار والمخططات العدائية ، فكان ابراهيم طوقان ، وكان عبد الرحمن الكواكبي ، وكانت أحداث المعمورة البسيطة التي تآمر عليها المتآمرون .

هذا كاتب متعدد المواهب ،

كاتب دائم التجدد وهو يبحث عن الأسلوب الأنسب ،

ويخاطب القارى وفق تغيّر أهوائه واهتماماته .

لا يكتفي بما وصل إليه من منجزات إبداعية ، ولا يركن إليها . يعمل بهدوء ووعي ، ويعرف ماذا يريد ؛ إنه صاحب مشروع ثقافي خاص به ، يحمل بصمته الخاصة الممهورة بآلام وطنه .

بدأ تقليديا ، انتقد الواقع الطبقي في وطننا بأسلوب كلاسيكي ناضج . ثم انتقل إلى كشف ضعف الإنسان في العدو اللاإنساني ، ليقول لنا : إن الانتصار ممكن .

واليوم بات يدمج لغة النثر بالشعر بالسينما ، ويصرّح ويرمّز . إنه يدخل القصيدة إلى بيت القصة .

وهو الذي طوّر مشروع القصة القصيرة جدا بعد تجارب عديدة واختبارات طويلة ، حتى بات لها هيكلها الخاص وأسلوبها وجمالها ولغتها وقراؤها وتأثيرها .

إنه كاتب يجدّد أداته الفنية بحرص واع وبجديّة عالية .

يكتب يومياته بأسلوب أدبي فني يتطور باستمرار .

... هذا (محمود شقير ) الذي لم يقل كل ما يجب أن يقال ،

ولكنه قال ما لم يقله كثيرون . قال بصمت ،

وتواضع ،

وثقة ،

وحضور إنساني وطني صادق .

همّه سعادة الناس في وطن حقيقي خال من كل المنغّصات الطبقية والاحتلالية ، وخيانة الأخوة الأعداء .

12/6/2011