53 عاما على عدوان حزيران - "الاتحاد" الحيفاوية

2020-06-05

53 عاما على عدوان حزيران

"الاتحاد" الحيفاوية

كنبت صحيفة "الاتحاد" الحيفاوية في كلمتها الافتتاحية لعددها الأخير، الصادر اليوم الجمعة 5/6/2020 بالتزامن مع الـ 53 عاماَ على عدوان حزيران واحتلال بقية الأراضي الفلسطينية وأراض عربية أخرى عام 1967، تقول:

تحل اليوم الذكرى الـ 53 لعدوان حزيران؛ والفترة الزمنية التي استمر فيها هذا العدوان، ليحتل الضفة وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء المصرية كلها، ومرتفعات الجولان السورية، يدل على أن المؤسسة الصهيونية خططت منذ أمد بعيد، من أجل استكمال جزء من مخططها الأوسع، لاحتلال كامل فلسطين، إذ في حسابات الصهيونية، فإن شرق نهر الأردن، هو أيضا جزء من كيانها "المأمول"؛ وجزء من الأحزاب والحركات الصهيونية تجاهر به، وجزء آخر يلمح له.

خلال أيام الحرب القصيرة، شرع الاحتلال الإسرائيلي بتدمير أجزاء من البلدة القديمة للقدس، وخاصة حي المغاربة، الذي تم مسحه بالكامل، وبدأ يُدفق عصابات مستوطنين، لتستولي على بيوت فلسطينية. ولم يمر عام على الحرب، حتى انطلق مشروع الاستيطان، بدءا من الخليل، وغربي مدينة بيت لحم.

لم ينصت قادة إسرائيل، للعديد من كبار عسكرييها، وسياسييها، فور انتهاء الحرب، الذين دعوا إلى انسحاب فوري من المناطق المحتلة حديثا، والعودة إلى خطوط الرابع من حزيران ذلك العام، 1967، إلا أن أصوات الحرب والاستيطان هي التي طغت.

كما لم ينصت قادة إسرائيل، والحركة الصهيونية العالمية، إلى قبول منظمة التحرير الفلسطينية، من حيث المبدأ، بحل الدولتين، في سنوات السبعين، وأيضا من خلال إعلان الدولة الفلسطينية، في مؤتمر المجلس الوطني الفلسطيني، في الجزائر في العام 1988.

وبعد ذلك بثلاث سنوات، اضطرت إسرائيل للذهاب إلى مؤتمر مدريد للسلام، تحت ضغط انتفاضة الحجر، ولكنها عرفت كيف تنسف ذلك المؤتمر، رغم أنه رضخ لطلباتها، بعدم تمثيل مباشر لمنظمة التحرير الفلسطينية.

في العام 1993، قبلت إسرائيل بمسار أوسلو، وهو أيضا كان تحت ضغط انتفاضة الحجر الباسلة. فرغم ما تضمنه من نواقص وخلل ذلك الاتفاق، إلا أن منظمة التحرير أقرت به، وتضمن مواعيد لإنهاء احتلال الضفة والقدس وقطاع غزة، وإقامة دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة.

ولكن سير الأمور في المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة، وبمشاركة العسكريين، كان يخطط لنسف هذا المسار، خاصة بعد اغتيال يتسحاق رابين، حينما فجّر شمعون بيرس كل الأوضاع الأمنية، وبعده أكملت الدور حكومة الليكود برئاسة بنيامين نتنياهو، وبعدها حكومتا إيهود باراك وأريئيل شارون؛ والتاريخ قريب، لا مجال لسرده هنا.

لقد رفضت إسرائيل قبول الفلسطينيين بالحل الأدنى من أدنى حل يمكن القبول به، قيام دولة فلسطينية على 22% من فلسطين التاريخية، وهو بالتأكيد لا يمكن تسميته بـ "الحل العادل"، وإنما الحد الأدنى المتاح. وعملت إسرائيل كل شيء لمنع الوصول إلى هذا الحل، فمنذ العام 1993 وحتى اليوم، تضاعف عدد المستوطنين في الضفة والقدس المحتلة 6 مرات. كما استفحل الاستيطان في مرتفعات الجولان السورية المحتلة، وعلينا عدم اسقاط الجولان من أجندتنا في مناهضة الاحتلال والاستيطان.

في هذه المرحلة، بلغت المؤامرة الصهيوأميركية ذروة خطيرة، من خلال ما تسمى "صفقة القرن"، الهادفة للقضاء على القضية الفلسطينية، ولكن الأهداف هي أعمق مما نراه على السطح. وكما يبدو أن خيوط المؤامرة تصل إلى توافق صامت من دول خليجية رجعية عميلة بقيادة السعودية، والمسمى فيها "ولي عهد"، محمد بن سلمان، الذي تعمل ماكنته الإعلامية على خلق رأي عام معادي للشعب الفلسطيني وقضيته، ولكن شعب نجد والحجاز سيبقى أقوى من عفن المتآمرين من "آل سعود".

وتقول تقارير حتى إسرائيلية منها، إن بنيامين نتنياهو، الذي يسارع الخطى نحو فرض ما تسمى "السيادة الإسرائيلية"، على المستوطنات ومناطق شاسعة من الضفة الغربية، يطمح إلى تشديد الضغط على الفلسطينيين في الضفة والقدس، لدفعهم نحو الرحيل إلى الأردن خاصة، بوهْم أن يقام هناك ما يسميه الصهاينة "الوطن البديل"، وهذا ما يفسره إسرائيليون، بعدم التفات نتنياهو للتحذيرات الرسمية الصادرة من الأردن.

واهمٌ نتنياهو والصهاينة معه، إذا تملكتهم قناعة بأنه يمكنهم القضاء على قضية شعب بأكمله، يسعى للحرية والدولة المستقلة ذات السيادة، عاصمتها القدس، والعودة، فمهما بدا المشهد سوداويا في الساحة الفلسطينية، ومهما ظهر وكأن الأفق مسدودا، فإن تجارب التاريخ علمت أن الشعوب لن تسكت على قهرها وعلى الطغيان، وأن انتفاضة الشعب المقهور قادمة لا محالة، لأن ليس أمامه خيار سوى أن ينتصر لذاته، وهذا ما سيكون.

ليلتفت الصهاينة إلى النيران المشتعلة في الولايات المتحدة الأميركية، فحتى وإن خبت هذه الانتفاضة المتمردة على العنصرية، وعلى تجويع أكثر من نصف الأميركان، فإنها الانتفاضة السادسة التي تشهدها الولايات المتحدة منذ العام 2010، وكل هذا ينذر بالمستقبل، بأن الشعوب لن تسكت على ضيمها، وأن العصا التي ترتكز عليها الصهيونية- الامبريالية الأميركية- ينخر فيها السوس، ونحن متفاؤلون بأن النصر هو للشعوب أيضا هناك، وليس للطغاة.